لم يأت التعديل الوزاري المصري على هوى فئات عريضة من الشعب، إذ خيّب أمل الأقباط والنساء باستبعادهم تمامًا كما في المرة الأولى، وأغضب شباب ثورة 25 يناير لأنهم رأوا فيه استمرارًا لمسلسل أخونة مؤسسات الدولة، بتعيين وزراء إخوانيين في وزارات خلت منهم سابقًا.

القاهرة: أعلنت القوى السياسية والثورية المصرية رفضها التعديل الوزاري المحدود الذي أجراه رئيس مجلس الوزراء هشام قنديل على حكومته، وشمل تسع حقائب وزارية، معتبرة أنه غير مجد، ومنتقدة غياب الأقباط والمرأة وشباب الثورة عن التشكيلة المعدلة.
ولفتت هذه القوى إلى أن التعديل لا يلبي الحد الأدنى من مطالب المعارضة، التي كانت تريد إقالة حكومة قنديل كليًا، وتشكيل حكومة إئتلافية يمكنها الإشراف على الإنتخابات البرلمانية المقبلة بنزاهة، واعتبروه يصب في خانة استكمال مسلسل أخونة الدولة، ويهدف إلى تمكين جماعة الإخوان من الفوز بالأغلبية في الإنتخابات البرلمانية المقبلة.
مخيبًا للأقباط والنساء
إنتقد الناشط القبطي نجيب جبرائيل، رئيس الإتحاد المصري لحقوق الإنسان، غياب الأقباط على التعديل الوزاري الجديد. وقال لـquot;إيلافquot; إن التعديل الوزاري الجديد خيب أمل الأقباط، مشيرًا إلى أنهم رغم مشاركتهم في الثورة بقوة وفعالية إلا أن حقوقهم بعد الثورة في انتقاص دائم، لاسيما في ظل حكم الرئيس محمد مرسي. أضاف: quot;لدى الأقباط مشاكل في ما يخص المناصب العليا في الدولة، فهم مستبعدون منها منذ عهد النظام السابق، وزادت حدة التهميش بعد الثورةquot;.
وأشار جبرائيل إلى أن الإبقاء على وزير الداخلية محمد إبراهيم يمثل تحديًا للشارع المصري والقوى السياسية والأقباط خصوصًا، مشيرًا إلى أنه فشل في حفظ الأمن، وحماية الأقباط من القتل في الخصوص وأمام الكاتدرائية، quot;ونجح في الدفاع عن مقر مكتب الإرشاد في حي المقطمquot;.
كما انتقد إستمرار وزير الإعلام صلاح عبد المقصود في منصبه، وقال إنه مارس التحرش الجنسي اللفظي بالصحافيات والإعلاميات وتعرض لموجة إنتقادات شديدة، quot;إلا أنه استمر في منصبه بسبب نجاحه في أخونة الإعلامquot;. وأعرب عن مخاوفه على حرية الإعلام والقنوات الفضائية من وزير الإستثمار الجديد، يحيى حامد، الذي نعته جبرائيل بquot;الإخوانيquot;.
ولم يشمل التعديل الوزاري الجديد إدخال أي عنصر نسائي، في تضاؤل وإنتقاص واضحين لدور المرأة في ظل حكم الإخوان. وقالت الدكتورة آمنة نصير، عضو المجلس القومي للمرأة، لـquot;إيلافquot; إن الإسلاميين المتشددين يحاولون إقصاء المرأة من الحياة العامة والمشهد السياسي، وإعادتها إلى عصر الجواري مرة أخرى.
ولفتت إلى أنها لم تندهش من استبعاد المرأة أو عدم حصولها على أية حقائب وزارية في التعديل الحالي، أو توليها أية مناصب عليا خلال هذه الحقبة.
وأضافت: quot;يجب على المرأة المصرية مواصلة النضال وعدم الإستسلام، لاسيما أن هذا ما تريده التيارات الإسلامية المتشددة في مصرquot;.
الأخونة مستمرة
قال المهندس بهاء الدين شعبان، عضو جبهة الإنقاذ، لـquot;إيلافquot; إن المعارضة ترفض الحكومة كاملة، بمن فيها رئيسها الدكتور هشام قنديل، quot;فالقوى السياسية طالبت بإقالة قنديل، وتشكيل حكومة وطنية تضم كافة ألوان الطيف السياسي في مصر، في ظل افتقاد الحكومة الحالية لثقة القوى السياسية، وفشلها في تلبية مطالب الشارع المصريquot;.
وأوضح شعبان أن تلك الحكومة فشلت في حل أزمات الإنفلات الأمني، والتدهور الإقتصادي، ولم تستطع إيقاف نزيف العملة المصرية أمام العملات الأخرى، وليس هناك أي مبرر للإحتفاظ بها، إلا لأنها نجحت في أخونة الدولة، quot;والهدف من التعديل الحالي إقصاء الوزراء الذين لم يلبوا تطلعات مكتب الإرشاد، في إستكمال لمسلسل أخونة مؤسسات الدولة، وتمكين الإخوان من الفوز بالأغلبية في الإنتخابات البرلمانية المقبلةquot;.
ولم يرض التعديل الوزاري شباب الثورة، فوصفه محمد عادل، القيادي في حركة شباب 6 أبريل، بأنه quot;مخيب للآمال ومجرد تعديل صوري لا يمس الجوهر، بل هو ضربة قاصمة ضد مؤيدي مرسي من المجموعات السلفية والإخوانية، مع خلو التعديل من أي شخصية سلفية أو وطنية ذات كفاءة، وتعيين المستشار حاتم بجاتو وزيرا للشؤون البرلمانيةquot;.
وأضاف عادل، في تصريح صحافي، أن الإخوان سيطروا كليًا على الحقائب الإقتصادية بتولي يحيى حامد وعمرو دراج حقيبتي الإستثمار والتعاون الدولي، وإسناد حقيبة المالية لشخصية إقتصادية إسلامية، في تغيير هو الثالث في عهد مرسي، quot;ما يؤكد وجود ورطة إقتصادية في مصر لم يستطع أي من وزراء المالية العمل على حلها بسبب العمل منفردين عن الإجماع والمشروع الوطني، وهو محاولة لإرضاء صندوق النقد الدولي.
دعم الحزب
من جانبه، أعلن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، دعمه للحكومة بوجوهها الجديدة. وقال الدكتور محمد سعد الكتاتني، رئيس الحزب، أن الحزب يتفهم الصعوبات التي تواجه تشكيل الحكومات في المراحل الانتقالية، وأنها قد لا تلبي كل الطموحات.
وأضاف الكتاتني، في تصريح تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، أن الحزب يرحّب بالتشكيل الوزاري الجديد، ويجدد الدعم الكامل للحكومة، مؤكدًا أنه أصدر تعليماته لوضع كل إمكانات الحزب الفنية وكوادره في خدمة الحكومة الجديدة لتستطيع عبور المرحلة الانتقالية بسلام، حتى انتخابات مجلس النواب.
ودعا الكتاتني كل القوى الوطنية والسياسية، والخبراء التكنوقراط، لتقديم يد العون للحكومة الجديدة، quot;فالتحديات التي تواجه شعبنا تتطلب تضافر كل الجهود للتخفيف من الآثار السلبية للمرحلة الانتقاليةquot;.
كما دعا الحكومة الجديدة إلى ضرورة تشاورها مع الأحزاب السياسية والقوى المجتمعية قبل اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وخاصة تلك التي تمس بالمواطن البسيط.