يقود اتهام السنة في العراق للسلطات باعتماد أسلوب التهميش تجاههم، التصاعد الأخير في اعمال العنف التي يرى محللون أنها لم تدفع البلاد، بعد، نحو نزاع شامل بغطاء طائفي.
بغداد: منذ بداية ايار (مايو) الحالي، قتل اكثر من 430 شخصًا في هجمات متفرقة في انحاء عدة من البلاد، بحسب حصيلة تعدها وكالة فرانس برس استنادًا الى مصادر امنية وعسكرية وطبية. وحملت معظم هذه الهجمات طابعًا طائفيًا، حيث أنها بدأت في الاسابيع الاخيرة تشمل المساجد السنية بعدما كانت تتركز في السابق على الجيش والشرطة بشكل خاص، الى جانب المساجد الشيعية التي بقيت هدفًا للعنف.
ويقول مدير فرع مجموعة اورواسيا الاستشارية للشرق الاوسط وشمال أفريقيا كريسبين هاوس لفرانس برس إن سياسات رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي تجاه المكونات الأخرى تمثل أحد أسباب تصاعد العنف في العراق.
ويوضح أنه منذ الانسحاب الاميركي من البلاد نهاية 2011 quot;بدا المالكي يلاحق مجموعة من السياسيين السنةquot;.وكان نوري المالكي المدعوم من طهران وواشنطن، والذي يحكم البلاد منذ العام 2006، دعا الى اقالة نائبه لشؤون الخدمات صالح المطلك، الشخصية السنية النافذة، بعدما وصفه هذا الاخير بالديكتاتور.
وصدرت بعيد هذه الدعوة في كانون الاول/ديسمبر 2011 مذكرة توقيف بحق نائب الرئيس طارق الهاشمي، أحد ابرز قادة ائتلاف quot;العراقيةquot; السنة، على خلفية اتهامات له بالتورط في اعمال ارهابية سرعان ما تحولت الى احكام غيابية بالاعدام.
ويتصاعد منذ اندلاع فصول هذه الازمة المتواصلة، التوتر الطائفي في بلاد تحكمها الغالبية الشيعية منذ اسقاط نظام صدام حسين عام 2003 بعد عقود من حكم السنة. وبدا هذا التوتر يتحول الى اعمال عنف متبادلة عقب مهاجمة قوات الامن الشهر الماضي لإعتصام سني مناهض لرئيس الحكومة في الحويجة غرب كركوك (240 كلم شمال بغداد) قتل خلاله 50 شخصًا.
وكان المالكي الذي اعلن مؤخرًا عن تغييرات في قيادات عسكرية وامنية، حذر في مناسبات عدة خلال الاسابيع الماضية من الانزلاق نحو نزاع طائفي جديد وquot;حرب لا نهاية لهاquot;، معتبرًا أن السبب الرئيسي للعنف هو quot;الحقد الطائفيquot;.
ويرى خبير الشؤون العراقية في مجموعة quot;ايه كي ايquot; جون دريك أن quot;شعور السنة بالتهميشquot; يقود بالفعل اعمال العنف الأخيرة. ويوضح: quot;هناك شعور مستمر بالتهميش في المجتمع السني، يتلخص في الغضب من قلة الوظائف والظروف المعيشيةquot;.
ويتابع دريك أن هذا الامر يزيد من رغبة الجماعات السنية المسلحة في ضرب اهداف جديدة، حيث أن quot;استهداف الحكومة والقوات الامنية قد يفيد هؤلاء في كسب تعاطف المواطنين السنة العاديينquot;. في مقابل ذلك رسخت الجماعات الشيعية وبينها quot;تيار الصدرquot; وquot;عصائب اهل الحقquot; مسار تصالحها مع الحكومة، وانخرطت بأغلبها في العملية السياسية، علمًا أن الغالبية العظمى من هذه الجماعات لا تزال مسلحة.
ورغم التصاعد المستمر في اعمال العنف، الا أن اعداد ضحايا هذه الهجمات لا تزال بعيدة عن الارقام التي بلغتها ايام الحرب الاهلية الطائفية بين عامي 2006 و2008. ويرى هاوس أن ارتفاع وتيرة العنف قد يسرع الخطى نحو quot;الحرب الاهليةquot; أو التقسيم، لكنه يشدد على أن quot;مزيدًا مما نراه اليومquot; يبدو الاحتمال الاقرب الى التحقق في المدى القريب.
وتقول ماريا فنتاباي المحللة في quot;مجموعة الازمات الدوليةquot; إن quot;الوضع سيكون عبارة عن اشتباكات (...) متواصلة بين المتظاهرين والقوات الموالية للحكومةquot;. لكنها ترى أن هذا العنف quot;سيبقى محلياًquot;، أي في المناطق التي تشهد تظاهرات واعتصامات ضد المالكي منذ نهاية العام الماضي، كون quot;الجماعات المسلحة المرتبطة بالمتظاهرين منفصلة عن بعضها البعض من منطقة الى أخرىquot;.
ويعتبر دريك أن quot;الظروف ساءت خلال الاسابيع الماضية واعمال العنف باتت مرتبطة بالانقسام الحاصل في البلادquot;، مشيرًا الى أنه quot;اذا تدهور الوضع اكثر، فقد يقود نحو حرب اهليةquot;.
التعليقات