لاهور: نواز شريف الذي انتخبه البرلمان رئيسًا للحكومة في باكستان، ليشغل هذا المنصب للمرة الثالثة في سابقة في باكستان منذ تأسيسها في 1947، صاحب امبراطورية صناعية يعد إداريًا جيدا ومنفتحا على مفاوضات مع حركة طالبان.

وبعد اكثر من 13 عاما من الاطاحة به في انقلاب عسكري ارغمه على العيش في المنفى تولى نواز شريف، الفائز في الانتخابات التشريعية التي جرت في 11 ايار/مايو الماضي، مقاليد البلاد بعد تصويت متوقع للنواب. وفي اول خطاب له طالب رئيس الوزراء الباكستاني الجديد بوقف الغارات التي تشنها الطائرات الاميركية بدون طيار.

ورئيس الوزراء السابق، الذي اطاح به انقلاب عسكري في 1999، بنى بصبر بناء مسيرته السياسية في المعارضة قبل ان يثأر لنفسه في هذا الاقتراع، مستفيدا خصوصا من مسانديه في معقله في البنجاب اغني ولايات البلاد واكثرها اكتظاظا بالسكان. وفي هذه الولاية يلقبونه quot;بالاسدquot;.

لكن في نهاية حملة فرض نفسه فيها كرجل دولة بارع، يرث شريف مهمة صعبة هي تحسين وضع البلاد، وخصوصا عبر تسوية ازمة الطاقة الخطيرة التي تهدد الاقتصاد. وتولى نواز شريف الذي لا يتحدث بطلاقة ولا يتمتع بحضور قوي، لكنه يعتمد على تجربته الطويلة كرجل دولة، رئاسة الحكومة مرتين من 1990 الى 1993 ومن1997 الى 1999.

ويعتبر الغرب نواز شريف رجلًا براغماتيًا، على الرغم من تصريحاته المعارضة للحرب التي يخوضها الاميركيون في المنطقة ضد تنظيم القاعدة وحلفائه في حركة طالبان. وخلال الحملة عبر عن تأييده لفكرة الحوار مع طالبان التي ادت هجماتها في باكستان الى سقوط آلاف القتلى منذ ست سنوات، لوقف العنف.

واطلق نواز شريف خلال ولايته الثانية الاشغال الكبرى للطريق السريع التي تصل بيشاور (شمال غرب) قرب افغانستان في لاهور (شرق) عاصمة معقله البنجاب، وتميزت ولايته خصوصًا بحيازة باكستان السلاح الذري للمرة الأولى في دولة اسلامية، في مكسب اضفى عليه شعبية في هذا البلد المعروف بزعته القومية الكبيرة.

وفي خريف 1999 تدهورت علاقته بقائد الجيش الجنرال برويز مشرف. وأقال نواز شريف برويز مشرف عندما كان الاخير عائدا من زيارة رسمية في سريلانكا المجاورة. وسرعان ما اودع عسكريون موالون لمشرف نواز شريف في الاقامة الجبرية وسيطروا على مطار كراتشي، فعاد مشرف الى البلاد منتصرًا، واستولى على السلطة عبر انقلاب ابيض. وبعد بضعة اشهر من الاحتجاز رحل شريف الى السعودية ليقيم هناك.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2007، عاد شريف الى باكستان للمشاركة في الانتخابات التشريعية، التي اغتيلت خلال حملتها منافسته المدنية بنازير بوتو، لكن حزب الشعب الباكستاني، الذي كانت تتزعمه، فاز بفارق ضئيل في الاقتراع بعدما استفاد من ارتدادات اغتيال بوتو وتعاطف الشعب الباكستاني.

غير ان حزبه رابطة مسلمي باكستان تولى ادارة شؤون ولاية البنجاب، التي تضم اكثر من نصف دوائر البلاد الانتخابية، وفي اسلام اباد قاد نواز المعارضة الوطنية، بينما كان شقيقه يمسك بزمام الامور في البنجاب.

واطلق شقيقه العديد من المشاريع، بما فيها انشاء شبكة حافلات عصرية وشعبية في لاهور، بينما كانت الحكومة المركزية تتخبط في تدني شعبيتها، التي تلاشت اثناء سنوات الحكم الخمس الاخيرة، وما تخللها من اتهامات بالفساد وعجزها على التحكم في انعدام الامن والتضخم وازمة الطاقة.

ويتمتع شريف بثقة رجال الاعمال وطبقات شعبية عدة. كما يثق فيه الاسلاميون بفضل خطابه المناهض للولايات المتحدة.
ويؤدي شريف بعد ظهر اليوم اليمين امام الرئيس آصف علي زرداري. الا ان سعادته بهذه العودة، الثارية الطابع، قد لا تدوم طويلا حيث ستكون عليه مواجهة تحديات ضخمة، وخاصة حل المشاكل الخطيرة في مجالي الطاقة والامن، التي تجعل جزءا كبيرا من سكان باكستان البالغ عددهم 180 مليون نسمة يعيشون في فقر وعدم استقرار.

وستكون الولايات المتحدة له بالمرصاد، لا سيما انها اكبر الجهات المانحة لباكستان، وتعتمد على اسلام اباد لمكافحة طالبان بلا هوادة. كذلك سيتعين عليه توضيح علاقاته بالجيش، الذي هو اقوى مؤسسة في البلاد، وما زال لا يثق فيه.