الفاتيكان: اكد رئيس المجلس البابوي للحوار بين الاديان في الفاتيكان جان لوي توران، المعروف بدعوته الدائمة الى الحوار بين الكنيسة والاسلام، ان ابواب الكرسي الرسولي quot;مفتوحة دائماquot; امام المسلمين، في وقت تزداد المخاوف من ان يدفع لبنان، رمز quot;الحوار والتعايشquot; في الشرق الاوسط، ثمن النزاع السوري على ارضه، وذلك في مقابلة مع وكالة فرانس برس.

وبدا الكاردينال توران، وزير خارجية الفاتيكان سابقا خلال حبرية البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، صاحب النظرة الثاقبة والكلام المتزن والهادئ، حذرًا في مقاربة تصريحات المستشار الدبلوماسي في جامعة الازهر محمود عبد الجواد الجمعة الى صحيفة ايطالية، اكد فيها ان كسر الجليد في علاقات الازهر مع الفاتيكان اسهل مع البابا الجديد فرنسيس، متهمًا البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر وحده بالمسؤولية عن هذا الفتور في العلاقة.

كما اعلن الازهر السبت ان عودة العلاقات المقطوعة مع الفاتيكان مرتبطة بما يقدمه من quot;خطوات إيجابية جادة تظهر احترام الإسلام والمسلمينquot;. وقال الأزهر، والذي يعد مركز المسلمين السنة في العالم، في بيان له السبت quot;أن عودة العلاقات بين الأزهر والفاتيكان مرهونة بما تقدمه مؤسسة الفاتيكان من خطوات إيجابية جادة تظهر بجلاء احترام الإسلام والمسلمينquot;.

وقال البيان إن في مقدمة هذه الخطوات quot;الرد على تهنئة الأزهر للبابا بمناسبة ترسيمهquot;، والتي قال الازهر انه quot;لم يتلق حتى الآن الرد عليهاquot;.

وقال الكاردينال الفرنسي، البالغ السبعين من العمر في هذا الاطار، انه بعد الدعوة التي اطلقها البابا بنديكتوس السادس عشر اثر اعتداءات الاسكندرية ليلة رأس السنة 2011 لحماية مسيحيي الشرق، قامت جامعة الازهر quot;بتجميد العلاقات. لقد قمت بمحاولات اتصال عدة الا انها لم تنجح. المشكلة ليست من طرفنا. من جمد العلاقات هم اصدقاؤنا المسلمون. الباب لدينا مفتوح دائماquot;.

وفي ظل مشهد ضبابي يلفّ منطقة الشرق الاوسط، يبدي توران مخاوف خاصة حيال الوضع في لبنان، هذا البلد الذي quot;سيدفع فاتورةquot; النزاع السوري quot;وقد قلت ذلك منذ البدايةquot;.

ويقول توران quot;اين يذهب اللاجئون: المسيحيون لدى مسيحيي لبنان، الدروز لدى دروز لبنان، العلويون لدى اقربائهم (في لبنان)! هذا البلد يعاني اصلًا مشكلات مرتبطة باللاجئين الفلسطينيين، وباولئك الذين نزحوا خلال الثمانينات ابان الحرب الاهلية، وحاليا اولئك الذين ينزحون من سورياquot;، مبديا قلقه من تنامي ظهور quot;الميليشياتquot;.

ويضيف quot;لطالما قلنا: انقذوا لبنان لإنقاذ المسيحيين، وليس: انقذوا المسيحيين لانقاذ لبنان. (هذا البلد) يحمل ارثا في الحوار بين الاديان والتعايشquot;. ويؤكد توران ان quot;لا وجود للبنان من دون المسيحيين. القادة الدينيون كرروا ذلك لبنديكتوس السادس عشرquot; خلال زيارته هذا البلد اواسط ايلول/سبتمبر الفائت.

ويشدد الكاردينال الفرنسي، الذي اعطي شرف اعلان اسم البابا الجديد في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان يوم انتخاب خورخي برغوليو، الذي اصبح البابا فرنسيس في 13 اذار/مارس الماضي، على ان الحوار بين الاديان لا يمكن ان يحصل quot;في اجواء ملتبسةquot;. ويضيف quot;المطلوب تحديد ما يفرقنا وما يجمعنا، وجعل هذا التراث المشترك في تصرف المجتمعquot;.

ويكرر توران الذي دعا سابقا المسلمين والمسيحيين الى تفادي quot;صدام الجهلquot;، عبارة استخدمها البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر عن quot;المعركة ضد امراض الدينquot;، من ضمنها التعصب.

ويرى عميد الكرادلة في الفاتيكان انه quot;من غير الممكن السكوت عن الاوضاع التي تشهد غالبا تمييزا بحق المسيحيين الذين يعيشون في بلدان ذات غالبية مسلمةquot;، مشيرا الى ان حرية quot;ان يكون للمرء دين او الا يكون، وان يغير المرء دينهquot;، ليست مكفولة في كثير من الاحيان. ويلاحظ ان هذه المواضيع quot;لا يمكن معالجتها مع شركائناquot;.

وفي استعادة للجدل الذي خلفته كلمة للبابا الفخري بنديكتوس السادس عشر في راتيسبون في المانيا في العام 2006 بعدما استشهد بكلام لامبراطور بيزنطي يربط بين الاسلام والعنف، يوضح توران ان quot;غالبية الاشخاص المثقفين المسلمين يعلمون جيدا ان البابا لم يشتم اي دين، الا ان البعض يستغلون ذلك لاقامة جدرانquot; بين الاديان. ويضيف quot;لم يحصل الا نادرا منذ تولي منصبي في العام 2007 ان تطرق احد محاوريquot; الى هذا الخلاف.

كما يعرج توران على موضوع السعودية التي تشكل بنظره quot;حالة خاصة جدا. الملك مناصر كبير للحوار بين الاديان، لكن من المحظور بناء كنائس في بلادهquot;.

وفي افريقيا، خصوصا في نيجيريا التي تشهد اعتداءات دامية من جانب اسلاميي بوكو حرام، فإن quot;العنف مستوردquot; وفق توران.
ويقول quot;لقد استقبلت من جانب المرجعيات المسلمة بكثير من اللياقة. واعجبت كثيرا بنوعية المجامع الليتورجيةquot; للكنائس الافريقية.
وردا على سؤال عن البابا الارجنتيني الجديد، يؤكد الكاردينال الفرنسي انه quot;فوجئquot; بمدى تشديد البابا فرنسيس على الرحمة. ويقول انه بالنسبة إلى البابا الاميركي اللاتيني، فإن quot;القلب له مكانة كبيرةquot;.

ويذكر بانه quot;في شوارع بوينس ايرس، تأثرت بجميع الناس الذين قاموا بتحيته، وبالود الكبير الذي ابداهquot;. ويضيف quot;هذا البابا يعطينا املا كبيرا، يقول اشياء رائعةquot;. quot;لكن ثمة بالفعل خطر تسخيف كلام الباباquot;، في اشارة الى الاهتمام الاعلامي بالعظات اليومية غير الرسمية للبابا.

ولا ينسى جان لوي توران الاشادة بالبابا الفخري بنديكتوس السادس عشر واصفا اياه بانه quot;مفكر يملك اناقة نادرة في الاسلوبquot;. ويقول quot;ما يجب فعله هو دراسة اطروحته. مفكر لاهوتي من هذا الطراز ليس من اليمين ولا من اليسارquot;. ويختم quot;خطاب بنديكتوس السادس عشر في العام 2011 امام البرلمان الالماني يجب ان يدرس في كل معاهد الحقوق في العالمquot;.