بيروت: سلط quot;الاعدامquot; الوحشي الذي نفذه مقاتلون اسلاميون في حلب في شمال سوريا بفتى لم يتجاوز الخامسة عشرة، الضوء على الفلتان الامني المتزايد في سوريا، ما يترك الساحة خالية للمتطرفين.

وقد انتشرت صور وجه الطفل محمد قطاع، بائع القهوة، مضرجا بالدماء جراء اصابته بثلاث رصاصات في الرأس والعنق، على مواقع التواصل الاجتماعي، واثار الاتهام quot;بالكفرquot; الذي وجهته له المجموعة الاسلامية التي نفذت quot;الاعدامquot; ادانة منظمات حقوقية والمعارضة السورية.
وقالت والدة الفتى في سلسلة اشرطة مصورة عرضها ناشطون على مواقع التواصل quot;لو كلب احضروه الى الشارع وقتلوه، الناس ستحزن عليهquot;. واضافت منتحبة quot;هذا طفل له حقوق! لماذا تقتلونه؟ ماذا فعل لكم؟quot;
وتابعت الوالدة المفجوعة التي رأت مشهد قتل ابنها من على الشرفة quot;قتلوه امامي... رصاصة في رأسه واخرى في فمه ورصاصة في عنقه... الله لا يوفقهم وينتقم منهم!quot;
وقالت بألم quot;لسنا مع هؤلاء او هؤلاء... تقتلون ابني، لماذا؟ (...) أهو ارهابي؟quot;.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان المجموعة التي نفذت العملية تنتمي الى ما يسمى +الهيئة الشرعية التابعة للدولة الاسلامية في العراق والشام+quot; المرتبطة بتنظيم القاعدة. وقال ان هذه الهيئة quot;لا تمت بصلة الى الهيئة الشرعية او الى مجلس القضاء الموحد الموجودين في حلبquot;، وهاتان الهيئتان الاخيرتان شكلتا من المجموعات المقاتلة الاسلامية وتلك التابعة للجيش الحر من اجل النظر في قضايا الناس القانونية.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان quot;عضوا في الدولة الاسلامية في العراق والشام تحدث الى احد ناشطي المرصد، وقال له ان الفتى يستحق ان يقتلquot;، مشيرا الى ان quot;من قتلوه ليسوا من السوريينquot;.
واوضح المرصد ان الفتى الذي اعتاد بيع القهوة في شوارع حلب، اوقف ليل السبت على خلفية اتهامه quot;بالكفر والتلفظ بعبارات مسيئة للنبي محمدquot;، وان ما قاله بالتحديد لاحد الزبائن هو quot;لو نزل النبي محمد، لا اقدم لك فنجان قهوة بالدينquot;.
وتندرج هذه الحادثة في اطار سلسلة من انتهاكات لحقوق الانسان تقوم بها كل الجهات المسلحة في سوريا وتثير انتقادات واسعة لدى منظمات تابعة للامم المتحدة واخرى غير حكومية ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان. كما تنتقد القيادة السياسية للمعارضة السورية بانتظام كل الانتهاكات التي يقوم بها مقاتلون معارضون.
واثار شريط فيديو نشر على المواقع الالكترونية الشهر الماضي وبدا فيه مقاتل في مجموعة معارضة في محافظة حمص (وسط) وهو يقوم بتقطيع جثة جندي نظامي ويهم بتناول كبده، استنكارا واسعا.
وقالت عليا منصور، العضو في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، لوكالة فرانس برس ردا على quot;اعدام الفتىquot;، انها quot;جريمة ضد الانسانية وجريمة ضد الثورة السوريةquot;، مضيفة quot;لا نريد استبدال قاتل بقاتل آخرquot;.
ودانت لجان التنسيق المحلية، وهي من ابرز المجموعات الناشطة على الارض، اعدام الفتى. وطالبت مجلس القضاء والجهات العاملة على ضبط الامن في quot;المناطق المحررةquot; بالتحقيق فيها، وكشف ملابساتها واحالة المجرم الذي ارتكبها الى القضاء لينال جزاءه العادلquot;.
ويقول آرون لوند، الباحث السويدي الذي كتب كثيرا عن النزاع السوري، quot;من المنطقي ان تزداد الجريمة كلما طال أمد النزاعquot;.
ويضيف quot;المشكلة الاساسية في سوريا، الى جانب الحرب، تكمن في غياب حكم القانون. التطرف الديني هو رد على هذا الغياب، اذ يرى المتطرفون في ذلك فرصة ليتدخلوا ويؤدوا دور +الشريف+ كما في الغرب الاميركيquot;.
ويتابع quot;من جهة النظام، القوة مركزة في يد (الرئيس بشار) الاسد. لكن لدى المقاتلين، الوضع اكثر تعقيدا لان العديد من المجموعات المعارضة تتنافس للسيطرة على الارض، ولديها رؤى مختلفة حول كيفية حكم سورياquot;.
ويرى نديم حوري، نائب المدير التنفيذي للشرق الاوسط وشمال افريقيا في منظمة quot;هيومان رايتس ووتشquot;، ان على المعارضة السورية ان تقوم بما هو اكثر من مجرد ادانة هذه الممارسات المتزايدة.
ويقول لفرانس برس quot;الاعدامات تتزايد، واعداد اضافية من المجموعات المقاتلة باتت تطبق القوانين بيدهاquot;.
ويضيف ان quot;حكم السلاح هو السائد حاليا في سوريا، أكان في المناطق التي يسيطر عليها النظام او المعارضة. من الضروري ان تكون هناك مساحة للسوريين من غير المقاتلين، لإبداء رأيهم بصراحة وإدانة اعمال كهذهquot;.
ويرى حوري ان quot;مثل هذه القدرة على التحرك والضغط على المسلحين امر اساسي بالنسبة الى مستقبل سورياquot;.
واحصى المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل خمسة آلاف وثلاثين طفلا خلال النزاع السوري المستمر منذ 26 شهرا، والذي اودى باكثر من 94 الف شخص.