نصر المجالي من عمّان: في خطوة لحسم خلافاتها وتوتراتها المستمرة مع الدولة الليبية لمرحلة ما بعد القذافي، حول محاكمة مسؤولين كبار من بينهم سيف الإسلام نجل العقيد الراحل ورئيس استخباراته القوي، أجازت المحكمة الجنائية الدولية، الجمعة، لليبيا ابقاء الرئيس السابق للاستخبارات الليبية، عبد الله السنوسي، على اراضيها إلى حين صدور قرار بشأن النزاع بين الطرفين حول احقية محاكمة المسؤول السابق المشتبه في ارتكابه جرائم ضد الإنسانية.

كما أن عبدالله السنوسي متهم بالتورط بمحاولة اغتيال (ولي عهد السعودية الأمير عبدالله بن عبدالعزيز العام 2003 ) الملك حالياً.

ويقول خصوم القذافي إن السنوسي الذي كان عين القذافي وأذنه ويده اليمنى في إحكام السيطرة الأمنية على البلاد. كان العقل المدبر للعديد من العمليات الأمنية داخل وخارج ليبيا خلال السنوات الماضية، كما يحملونه مسؤولية التعرض لمعارضين سياسيين، والوقوف خلف مجزرة سجن أبوسليم عام 1996.

وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الليبية، قال قضاة المحكمة الجنائية الدولية في قرارهم الذي نشرته المحكمة إن: quot;غرفة المحكمة قررت بانه بامكان ليبيا.. تأجيل تنفيذ طلب التسليم بانتظار البت بالطعن في أهليةquot; المحكمة من جانب السلطات الليبية.

وتتنازع المحكمة الجنائية الدولية وليبيا حول أحقية محاكمة السنوسي، نجل الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، سيف الإسلام، وتشتبه quot;الجنائيةquot; بارتكابهما جرائم ضد الانسانية خلال القمع الدامي للثورة ضد نظام معمر القذافي في العام 2011.

وفي وقت سابق، تعهدت الحكومة الليبية بإجراء quot;محاكمة عادلةquot; لرئيس الاستخبارات العامة في النظام السابق، وأكدت أن محاكمة السنوسي، الذي وصفته بـquot;الطاغيةquot;، ستحترم المعايير الدولية لكرامة الإنسان.

ويشار إلى أن عبد الله السنوسي عسكري ليبي، هو زوج أخت صفية فركاش الزوجة الثانية للعقيد معمر القذافي.

ويوصف بأنه كما يعتقد أنه هو من أدار طريقة تعامل السلطات الليبية مع الاحتجاجات التي انطلقت في 17 فبراير 2011 التي طالبت بإسقاط القذافي ونظامه والتي تميزت بالقسوة المفرطة والقتل المباشر للمواطنين الليبيين.

ولثلاثين عاما من حكم القذافي كان عبدالله السنوسي هو ظل الزعيم الليبي الراحل والمشرف على كل ترتيباته الشخصية بما في ذلك مواعيده الطبية، وكانت برقية سرية للسفارة الأميركية في طرابلس موجهة الى الخارجية ونشرها موقع (ويكيليكس) وصفت السنوسي بأنه شخص مصاب بالخوف والرهاب الشديدين.

تدرج السنوسي في الجهاز الأمني الليبي وأسندت إليه عدة مهام أمنية حساسة بينها قيادة جهاز الأمن الخارجي والاستخبارات العسكرية، وما يعرف في ليبيا بـquot;الكتيبةquot; وهي الجهاز المكلف بحماية القذافي، وأصبح يمثل الوجه القمعي للنظام داخل البلاد، ويعتقد أنه يقف وراء تصفية عدد من الأصوات المعارضة في الداخل والخارج.

مجزرة ابو سليم

وتتهم السلطات الليبية الراهنة السنوسي بمسؤوليته عن مجزرة سجن أبو سليم بطرابلس في يونيو 1996 التي قـُتل فيها قرابة 1200 سجين معظمهم من المعتقلين السياسيين بالرصاص، رداً على احتجاجهم على ظروفهم السيئة داخل السجن.

وكان أحد المواقع الليبية نقل بعد تلك المجزرة عن السنوسي قوله أنه عارض بشدة قيام نظام القذافي بالإفراج عن معتقلين إسلاميين قاموا بمراجعة أفكارهم وأعلنوا تخليهم عن العنف.

كما تتهم منظمات حقوقية ليبية عبد الله السنوسي بالوقوف خلف قتل واختفاء العديد من المعارضين السياسيين داخل ليبيا حينما كان مسؤولا عن الأمن الداخلي في ليبيا أوائل الثمانينات الفائتة.

محاولة اغتيال ولي العهد السعودي

من أبرز الاتهامات الموجهة إلى السنوسي قيامه بتدبير محاولة فاشلة لاغتيال ولي العهد السعودي آنذاك عبد الله بن عبد العزيز عام 2003.

كما يعد السنوسي معروف جداً لدى أجهزة الاستخبارات الغربية، حيث حكم عليه القضاء الفرنسي بالسجن مدى الحياة على خلفية تورطه المحتمل في تفجير طائرة تابعة لشركة يوتا الفرنسية وقتل نحو 170 من ركابها عام 1989، وأدت هذه الحادثة بعد ذلك إلى إصدار مذكرة اعتقال دولية في حقه.

وكانت روايات أثناء اندلاع ثورة 17 فبراير عام 2011 تحدثت عن مصرع عبد الله السنوسي في كتيبة الفضيل التي استولى عليها المحتجون الليبيون في بنغازي في الأيام الأولى للثورة الليبية. غير أن الإعلامي الليبي المعارض آنذاك محمود شمام قال أن لديه معلومات غير مؤكدة عن مقتل السنوسي في إطار صراع لم تتضح معالمه داخل الدائرة المحيطة بالقذافي.

ولم تؤكد أية مصادر رسمية أو مقربة من النظام في ليبيا هذه المعلومات، ولذا فاحتمال مقتل السنوسي يبقى مجرد فرضية ولا سيما مع الغموض الذي يحيط بالنظام الليبي وشخصية السنوسي ذاته، لكن تسربت معلومات عن تكليف شخص آخر من المقربين من القذافي بقيادة الكتائب الأمنية المكلفة بمواجهة المحتجين في البلاد، مما يعزز هذه الفرضية.

وفي يوم 20 أكتوبر/ تشرين الثاني 2011 تم عتقاله مع المعتصم القذافي، ونقلهم إلى مصراتة، لكن بعدها أعلن وزير خارجية النيجر في اليوم التالي أنه هرب إليها بناءاً على معلومات تلقاها من دول غربية، ثم تواردت أنباء عن رغبته هو وسيف الإسلام القذافي تسليم نفسيهما للمحكمة الجنائية الدولية.