باريس:في حفل حضره نخبة المجتمع الفرنسي من سياسيين ووزراء ومفكرين وغيرهم من المهتمين بالثقافة والفكر مع عدد من المثقفين العرب وممثلي الهيئات الدولية والدبلوماسية في باريس، ألقى باحث العلاقات الدولية الأمير سلمان بن عبدالعزيز بن سلمان آل سعود، كلمة بهذه المناسبة التي تحتفي بالعلاقات المتينة بين المملكة العربية السعودية وبين الجمهورية الفرنسية، والتي تتجاوز نصف قرن من الشراكة والتعاون، وقد بدأ الأمير سلمان بن عبد العزيز بشكر الجميع على هذا اللقاء الذي يدعم مسيرة الصداقة ويفتح آفاقاً جديدة للعلاقة المتميزة عبر عقود طويلة من الزمن.

واستشهد على أهمية اللقاء بأنه ينعقد في مقر السلطة العليا وهو مجلس الشيوخ quot;المكان العريق من الجمهورية الفرنسية، وفي هذا دلالة قاطعة على المكانة والتقدير اللذين توليهما على الدوام فرنسا للمملكة العربية السعوديةquot;، مؤكداً أن المشتركات بين البلدين هي ما يجمع الأطراف في هذا المحفل.
وعرّج على المكانة الثقافية التي تتبوءها فرنسا وتتسم بثقل نوعي يدفعها مع المملكة إلى استمرار التبادل ونموّه في ميادين تعتبر أولوية بالنسبة للطرفين، ومن أهمها التعليم والتدريب فضلاً عن المخزون التاريخي والإرث الإنساني لكلا البلدين. ونوه حامل درجة الدكتوراة في القانون من جامعة السوربون أن المملكة تنظر إلى فرنسا بكثير من الإعجاب لإسهامها الكبير في تقدم مسيرة الإنسانية كقيمة تعبر عن هم مشترك أمام تحديات تتقلص بعمق التعارف، وعبر الحوار، وعن طريق التلاقح المعرفي. وأشار إلى مفهوم الاختلاف في المشهد الفرنسي الموسوم بالعبقرية والإنسانية في الابتكار والتحديث مما يجعل من المملكة خير شريك لاستثمار تلك المعارف وفي مجالات عدة؛ اقتصادية وعلمية وفي نطاق العلاقات السياسية، داعياً quot;الجميع، كلاً في مجاله واختصاصه أن يحسب المملكة سنداً وشريكاً حقّاً... في هذه العلاقات، متجاوزين معاً الفروقات المختلفةquot;.

يُذكر أن هذا اللقاء يعد الأول من نوعه في تاريخ البلدين ويعقد داخل أروقة مجلس الشيوخ متناولاً العلاقات السعودية الفرنسية.

وقد بدأ الحفل بكلمة ألقتها السيدة باريزا خيري، نائبة رئيس مجلس الشيوخ رحبت بالضيوف والأمير ومستشار رئيس الجمهورية السيد فيليب ماريني، وقالت إن الصداقة الفرنسية السعودية تضرب بجذورها في عمق التاريخ وهي صداقة جديرة بالاهتمام والتثقيف.
وأضافت السيدة خيري أنها بصفتها نائب رئيس مجلس الشيوخ المكلفة بالعلاقات الدولية، فإنها تؤكد على أن الديبلوماسية البرلمانية تتسم بميزات هامة ولكنها غالباً ما تكون غير معروفة، وقد أوضحت حيال ذلك أهم مميزات مجلس الشيوخ، فاعتبر رئيس مجلس الشيوخ ثاني شخصية في الدولة، ومن مهامه استقبال الشخصيات والمسؤولين الأجانب والنقاش معهم.
كما أن البرلمانيين في فرنسا وغيرها يشاركون في جمعيات دولية لتعزيز الحوار بين الدول على سبيل المثال، مشيرة إلى إعلان مجموعة الصداقة السعودية الفرنسية بمجلس الشيوخ الفرنسي وأن المجلس يضع بعين الاعتبار تعزيز التعاون البرلماني من خلال تقديم المساعدات الفنية للبرلمانات الأخرى.

واختتمت أن جمعيات الصداقة البرلمانية تهدف إلى تشجيع وتنمية علاقات الصداقة مع دول العالم ومكافحة ما أسمته quot;صدام الجهالاتquot; وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية ولجنة الشؤون الدولية والدفاع بالمجلس. واستشهدت بأن أحد كبار الشعراء العرب يقول quot;الناس أعداء ما يجهلونquot; ومن هنا تأتي مهمة تشجيع التعارف والصداقة، وإن هذه المجموعة رقم 79 للصداقة البرلمانية ستعمل أيضاً على تعزيز العلاقات الاقتصادبة بين البلدين الصديقين.
وأعرب السيد فيليب ماريني عضو مجلس الشيوخ الفرنسي ورئيس مجموعة الصداقة الفرنسية السعودية عن سعادته البالغة بهذا اللقاء في قاعة رئاسة مجلس الشيوخ وأشار إلى أسفه حين يرى عدم المعرفة بالمملكة الذي يسود بين المواطنين في فرنسا، وذكر أن هذه الأمسية تأخذ طابعاً أسمى كونها تسهم بالسماح بمعرفة أكبر وأعمق فيما بين الأصدقاء. وأشار إلى عدم تعارض هذ الجهود وهذه المساعي مع الحرص الشديد على احترام الفروقات الثقافية والاجتماعية والسياسية بين البلدين، وهي إن كانت لا تزيد عن المساحة الكبيرة التي تحتلها عمق وصلابة العلاقات الثنائية والتي في طليعتها الشراكات الاقتصادية والمالية.
وأضاف أنه طالما دعى من موقعه ومنصبه إلى أهمية الاستثمار الحر وضرورة بناء هذه العلاقات على أرضية سياسية صلبة وودية كالتي تقوم بين الدولتين وذلك من منطلق أن فرنسا تعد المملكة شريكاً أساسياً، ليس فقط في الجوانب الاقتصادية وإنما للدور الذي تقوم به المملكة في مساعي التهدئة والسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الذي يعيش كل الظروف التي نعرفها. وأشار إن مقومات المملكة بتعدادها السكاني بغالبية شابة وببنيتها التحتية التصنيعية والاقتصادية الكبيرة وبنسيجها من المؤسسات الجامعية والتعلمية والصحية، هي ركائز قوية لمسيرتها نحو هذا الدور وهذه المكانة بين الأمم وذلك بفضل الرؤية الحكيمة للملك عبدالله في قيادة مسيرة التنموية نحو المستقبل.
وأكد بقوله إن فرنسا تعول الكثير على طبيعة وعمق هذه العلاقات مع المملكة وأشار بشكل خاص إلى حرص وإهتمام سمو الأمير سلمان بهذه العلاقات ودأبه غير المقطع بربط أواصر الصداقة مع فرنسا، وأشار إلى فخره بأن تعتبر فرنسا الأمير صديقاً قيما لها ووجع له جزيل الشكر باسم كل أعضاء مجلس الشيوخ لهذه الأمسية الجميلة التي اقترحها، مما من شأنه دعم صلات الود والتعاون بين البلدين وصفحة جديدة ومتواصلة نكتبها بين بلدينا لإرسال الصورة المضيئة للمملكة العربية السعودية وهو دأبنا في مجموعة الصداقة التي أرأسها.