لا يفرق الدستور الكويتي بين مواطن وأمير، ولا يمنع أفراد العائلة المالكة من الترشح للانتخابات البرلمانية، لكن آل الصباح يعزفون عن ذلك، نسجًا على قاعدة قديمة مستمرة، تقول: quot;الإمارة لآل صباح، والحكم والتجارة للشعبquot;.


عامر الحنتولي من الكويت: يُحيل فقهاء الدستور الكويتي إمتناع أفراد من العائلة الحاكمة عن الترشح لإنتخابات البرلمان إلى أعراف سياسية مستقرة داخل العائلة الحاكمة، وليس إلى مواد الدستور نفسه، الذي لا يصنف نحو مليون كويتي إلى إبن عائلة حاكمة ومواطنين عاديين.

ولا توجد إحصائية دقيقة لعدد أفراد عائلة الصباح التي تحكم الكويت منذ أكثر من 300 عام برضى شعبي وتفاهمات مستقرة لم تتعرض للخدش حتى في أحلك أزمات الكويت السياسية، إذ أن العائلة الكويتية الحاكمة غير مميزة وفقًا لنصوص الدستور الكويتي بأي مميزات تجعلها في مرتبة أعلى من مليون فرد كويتي ينعمون بدستور مستقر، وبنظام أميري وبرلماني ظل قائمًا بالرغم من عواصف الأزمات السياسية التي هاجت مرارًا في العقدين الأخيرين.

مجلس داخلي

بحسب أوساط كويتية مقربة من العائلة الحاكمة، فإنها قد أنشأت منذ سنوات طويلة مجلسًا داخليًا لإدارة شؤونها، يتولى رئاسته حاليًا ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح، ولا تخضع إجتماعاته وقراراته للتغطية الإعلامية، ولا تنشر محاضر حل المشكلات التي يكون أفراد العائلة الحاكمة أطرافًا فيها.

ولهذا المجلس سلطة توجيه اللوم والإنذارات والتنبيهات لأفراد من العائلة الحاكمة بشأن سلوكهم ونشاطهم، لكن ليس له أي سلطة تنفيذية رسمية على من هم خارج العائلة الحاكمة.

الدستور الكويتي لم يحرم أبناء العائلة الحاكمة من المشاركة في العملية السياسية، وتحديدًا البرلمانية، إلا أن أوساطًا عليمة تؤكد أن الإمتناع المستمر من جانب العائلة الحاكمة عن الإنتخابات مرده إلى وجود أعراف سياسية، وإجتهادات مستقرة، إن داخل العائلة الحاكمة أو ضمن العقد الإجتماعي بين العائلة الحاكمة والشعب الكويتي، وفق قاعدة قديمة حسمت الجدل، تقول: quot;الإمارة لآل صباح، والحكم والتجارة للشعبquot;.

نواهٍ أميرية

بإستثناء حالات قليلة أعلن فيها أفراد من العائلة الحاكمة رغبتهم في الترشح لعضوية البرلمان، وجرى التراجع الفوري عن هذه الرغبات على وقع النواهي الأميرية، فإن البرلمانات الكويتية المتعاقبة خلت من أفراد العائلة الحاكمة، بالرغم من وجود توجه قوي لتيارات داخل العائلة الحاكمة تقول إنهم كويتيون ولا موانع دستورية تحول دون ترشحهم، فلماذا لا يترشحون، لا سيما أن بينهم من يتمتع بالشعبية، وبفرص آمنة لبلوغ البرلمان.

التزم بعض أقطاب العائلة الحاكمة الصمت في السنوات السابقة، ولم يجيبوا عن إتهامات وُجّهت إليهم حول التدخل في الإنتخابات البرلمانية لخلق برلمان مُوالٍ لهم، وخط دفاع متقدم عن نفوذهم ومصالحهم.

تقول الدكتورة موضي الزيد لـquot;إيلافquot; إن أقطابًا في الأسرة الحاكمة يقومون بالتحايل على أوامر الأمير بعدم التدخل في الإنتخابات بطرق ملتوية، من خلال الزج بأموال ضخمة في الموسم الإنتخابي، quot;ما يجعل البعض يعتقد أن التدخل في الإنتخابات يأتي بقرار رسمي من العائلة الحاكمة، بينما الحقيقة غير ذلك تمامًاquot;.

تضيف الزيد: quot;لم يعد سرًا أن لدى بعض أبناء الأسرة الحاكمة تطلعات سياسية، بصرف النظر عن مشروعيتها الدستورية، إلا أن القيادة السياسية متمسكة بأعرافها، تبعد بموجبها أبناء الأسرة عن التدخل في السياسة، فيتم التدخل بطرق ملتوية جدًا، عبر تسخير وسائل إعلامية لإنجاح بعض المرشحين، وضرب مرشحين آخرين، وهنا للأسف يأتي الإتهام للأسرة الحاكمة معممًا بالتدخل في الإنتخاباتquot;.

وتقول الناشطة السياسية والمرشحة للإنتخابات البرلمانية المقبلة الدكتورة هيا المطيري إن هذا التدخل السلبي ليس حكرًا على العائلة الحاكمة، quot;فهناك رجال أعمال وتُجار يتدخلون سلبيًا في الإنتخابات لإنتاج برلمان لا يعيق أعمالهم التجارية، وربما تزداد وتيرة ذلك في الإنتخابات المقبلةquot;.

صندوق مليونيّ

في الإنتخابات المقبلة التي تقاطعها المعارضة، يكشف الصحافي الكويتي بشار الصايغ، رئيس المكتب السياسي في حركة التحالف الوطني، في تقرير له بجريدة (الجريدة) الكويتية، دخول صندوق quot;مليونيّquot; سباق الإنتخابات، بهدف دعم عدد من المرشحين لتشكيل كتلة أغلبية نيابية في البرلمان المقبل، ومفاوضة آخرين للإنسحاب أو التسجيل للتأثير على آخرين، إذ أن الدعم المليوني سيشمل جميع الدوائر بلا استثناء، كما سيشمل التعاون مع إعلاميين وكتّاب وناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي بهدف التسويق لمرشحين وضرب آخرين.

وبحسب معلومات الصايغ، تقارب قيمة الصندوق 13 مليون دينار، استثمر فيه شيوخ وساسة ومتنفذون، بهدف رسم خريطة جديدة للعمل السياسي تتكون من ثلاثة محاور، أولها دعم مجموعة من المرشحين لضمان إيصال خمسة على الأقل بكل دائرة لتكوين أغلبية برلمانية قادرة على السيطرة على لجان المجلس وقراراته، وثانيها التدخل في تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات والتأثير على اختيار وزرائها ورئيسها، وأخيرًا ترجيح كفة التصويت على رئاسة مجلس الأمة لطرف دون آخر.

يضيف الصايغ: quot;تبدأ خريطة عمل الصندوق المليوني بتقديم 350 ألف دينار لكل مرشح مدعوم في الدائرتين الأولى والثالثة، و250 ألف دينار لكل مرشح في الدائرة الثانية، و500 ألف دينار لكل مرشح بالدائرتين الرابعة والخامسة بسبب كثافة عدد المرشحين والناخبين، ومبلغ الدعم مرن قابل للزيادة في حال تطلب وضع مرشح الصندوق ذلكquot;.