في وقت تتوسع فيه الاحتجاجات الشعبية في العراق ضد الانقطاعات الطويلة للكهرباء، زادت درجات الحرارة على 50 مئوية، الأمر الذي أرغم الحكومة على الإعلان الليلة عن تعطيل الدوام الرسمي الخميس في جميع ادارات الدولة، في المحافظات العراقية. بينما دعا نائب المواطنين الى الشماتة من المسؤولين لانقطاع الكهرباء عن المنطقة الخضراء التي تضم مقرات عمل وسكن كبار المسؤولين.


لندن: قالت الامانة العامة لمجلس الوزراء العراقي في بيان مقتضب الليلة إنها قررت تعطيل الدوام الرسمي الخميس في جميع ادارات الدولة، في محافظات البلاد الثماني عشرة. وجاء القرار في وقت كان مجلس محافظة ميسان (365 كم جنوب بغداد) قد أعلن في وقت سابق اليوم، تعطيل الدوام الرسمي في الادارات الحكومية في المحافظة غدًا الخميس بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وقال المكتب الإعلامي لرئيس المجلس في البيان إن القرار جاء بالاتفاق مع جميع الكتل السياسية في المجلس من اجل تخفيف العبء عن الموظفين الصائمين .

احتجاجات لانعدام الخدمات
كما تظاهر العشرات في محافظة النجف (160 كم جنوب بغداد) احتجاجاً على تردي الواقع الخدمي وفقدان الكهرباء، وارتفاع اسعار المولدات الكهربائية الأهلية وطالبوا باستبدال مدراء الدوائر، مطلقين عليهم صفات المترهلين والفاشلين، ودعوا رئيس الوزراء نوري المالكي الى تشكيل لجنة تقصي الحقائق في مطالبهم.

كما اعلنت محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد) التي تشهد منذ اسابيع احتجاجات ضد فقدان الخدمات وخاصة الكهرباء، تعطيل الدوام الرسمي في الادارات غدًا بسبب ارتفاع في درجات الحرارة، التي تعدتالـ50 درجة مئوية. وقال محافظ ذي قار يحيى الناصري في بيان إنه قرر وفقًا للصلاحيات المخولة له، أن يكون الخميس عطلة رسمية في جميع الادارات الحكومية بسبب quot;ارتفاع درجات الحرارة في المحافظة والتي وصلت إلى أكثر من خمسين درجة مئويةquot;.

وتشهد محافظة ذي قار منذ اسابيع تظاهرات للمواطنين احتجاجًا على انقطاع الكهرباء المستمر في مناطق المحافظة وخاصة عاصمتها الناصرية مطالبين بايجاد حلquot;لمناطقهم المظلمةquot;. ويؤكد المحتجون
أن ساعات تجهيز الكهرباء اصبحت غير مستقرة مع أي ارتفاع لدرجات الحرارة، بحيث لم يعد باستطاعتهم تشغيل الاجهزة الكهربائية .

وفق الامكانيات المتاحة

وتعاني الناصرية من انخفاض في التغذية بالتيار الكهربائي، مع عدم استقرار ساعات التجهيز بالكهرباء، لتصل إلى اقل من 12 ساعة في افضل الاحوال، مع بداية ارتفاع درجة الحرارة باكثر مناطق العراق سخونة، بحسب الجهات المسؤولة.

وفي مواجهة ذلك، أعلن الناصري دعمه لمطالب المتظاهرين المتعلقة بالخدمات الأساسية ومنها الكهرباء، وقال في بيان اليوم: quot;إن التظاهرات داعمة لبناء المجتمع دائمًا وهي ضرورية لتقويم عمل المحافظة ودوائرها المختلفة وتدعم مطالبات المحافظة المتعلقة بحكومة المركزquot;. وأضاف أنه يقدر حاجة المتظاهرين للخدمات الأساسية وما يعانون منه من نقص هذه الخدمات، واعدًا بالعمل على تلبيتها وفق الإمكانيات المتاحة.

وكان العشرات من الشباب الناشطين في محافظة ذي قار أعلنوا في الاول من الشهر الماضي تنظيم اعتصام مفتوح في ساحة الحبوبي وسط الناصرية للمطالبة بتوفير الكهرباء، وتحسين الخدمات وإطلاق سراح أحد زملائهم الذي اعتقل على إثر تقديم طلب بالموافقة على الاعتصام.

اشمتوا بمسؤوليكم

اثر انقطاع التيار الكهربائي في المنطقة الخضراء، التي تضم سكن كبار المسؤولين ومقرات عملهم ليلة امس لأقل من ساعة، دعا ظافر العاني، القيادي في قائمة متحدون، العراقيين إلى الشماتة بالسياسيين الذين أبدوا استغرابهم من انقطاع الكهرباء في بلد غني. وقال العاني على صفحته الشخصية بموقع فايسبوك: quot;ما رأيكم أن تشمتوا بناquot;، وquot;اقول لكم خبرًا يفرحكم ويجعلكم تخففون شعوركم بالغيظ تجاههمquot;. وأضاف: quot;إن الكهرباء في المنطقة الخضراء مطفأة منذ أقل من ساعة وها هم السياسيون، بمن فيهم انا، يعانون لمدة ساعة من الحر ويتأففونquot;.

وخاطب العراقيين قائلًا: quot;قرابة ساعة والسياسيون يشعرون بمعاناتكم، وبدأوا يجرون اتصالاتهم مع وزارة الكهرباء وهم يشكون من هذا الظلم ويقولون معقولة العراق الغني تنطفئ فيه الكهرباء لمدة ساعة.. ومتى؟ في رمضان وفي هذا الحر القاتل؟ وما رأيكم أن تشمتوا بناquot;. وتابع قائلًا: quot;ها هم السياسيون، طبعًا بما فيهم انا، يعانون لمدة ساعة من الحر ويتأففون، ستقولون لديهم مولدات. لا معظمهم ليست لديهم مولدات فماذا يفعلون بها؟quot;. قرابة ساعة والسياسيون يشعرون بمعاناتكم ، وبدأوا يجرون اتصالاتهم مع وزارة الكهرباء وهم يشكون من هذا الظلم ويقولون معقولة العراق الغني تطفأ فيه الكهرباء لمدة ساعة ،ومتى ؟ في رمضان وفي هذا الحر القاتل ؟quot;.

وكان مجلس الوزراء العراقي أعلن في السابع من الشهر الحالي تقليص الدوام الرسمي في الوزارات ساعة خلال شهر رمضان، مبينًا أن التقليص يشمل ايضًا الجهات غير المرتبطة بوزارة. وفي الاسبوع الماضي، حذر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من تظاهرات شعبية تجتاح البلاد على خلفية تردي الاوضاع الامنية والخدمية، واشاد بتظاهرات ذي قار وانتقد الحكومة المركزية لعدم تمكنها من توفير الطاقة الكهربائية مع ما خصصته لهذا الملف من وقت واموال.

إنفاق باهظ

من جهتها، اكدت عضو لجنة النفط والطاقة النيابية سوزان السعد أن الاموال المنفقة على قطاع الكهرباء في العراق اكثر من ميزانيات دول البحرين والكويت والامارات. وقالت النائبة عن حزب الفضيلة الاسلامية في بيان صحافي إن الاموال المنفقة على تحسين الكهرباء في العراق تعادل عشرة اضعاف ميزانية البحرين البالغة 5.5 مليارات دولار، واكثر من ميزانيتي الكويت والامارات بكثير.

واضافت: quot;الحكومة انفقت على مشاريع الطاقة الكهربائية ما يقارب من 27 مليار دولار، فيما انفق المواطنون اكثر من 80 مليار دولار على مدى السنوات العشر الماضية، وذلك بشهادة وزارة الماليةquot;.

واشارت إلى أن وزارة الكهرباء صرفت اموالًا هائلة تكفي لشراء أصول شركة جنرال التكريك بكل فروعها وخطوطها الانتاجية، وتغطي تكاليف نقلها إلى بادية السماوة أو إلى اهوار العمارة في الجنوب لكي تباشر من هناك بإنشاء محطات جديدة للطاقة في كل مدينة عراقية.

وأوضحت النائبة أن المتبقي من المبلغ يكفي لشراء شركتي سيمنز الكترونك وميتسوبيشي باور، فيما يكفي مجموع الاموال التي صرفت لشراء شقق مؤثثة لكل عائلة عراقية في ربوع الريفيرا أو على ضفاف لاس بالماس أو جزر سيشيل أو جزيرة موريشيوس، بحسب قولها.

يذكر أن العراق شهد للمرة الاولى تعطيل الدوام الرسمي بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتخطيها حاجز الخمسين درجة مئوية في 26 تموز (يوليو) 2012.