رفضت غالبية قرّاء اشتركت في استفتاء quot;إيلافquot; الأسبوعي حول تشكيل أكراد سوريا حكومة محلية في مناطقهم اعتبار ذلك بداية لتقسيم البلد إلى دويلات طائفية وعرقية، في موقف بني على تطمينات أطلقتها الزعامات الكردية، وأكدت أن الأمر لا يعدو كونه تنظيمًا لأوضاع المواطنين الأكراد في ظروف تشهد البلاد فوضى واضطرابات قد تمتد عقودًا.


أسامة مهدي: شارك في استفتاء quot;إيلافquot; الأسبوعي 4769 قارئًا، تباينت إجاباتهم بين نعم ولا، على سؤاله: quot;هل يفتتح الأكراد مسلسل تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية وعرقية؟quot;.

فقد رأت غالبية المشاركين في الاستفتاء أن تشكيل هذه الحكومة المحلية في مناطق الأكراد في سوريا لن يفتح المجال أمام تقسيم البلاد أو يفتتها إلى دويلات طائفية وعرقية. وبلغ عدد الذين صوّتوا لهذا الرأي 2633 قارئًا، شكلت نسبتهم 55% من العدد الإجمالي للمشاركين في الاستفتاء.

ويبدو أن هذا الموقف قد جاء استنادًا إلى تطمينات أطلقها القادة الأكراد بأن تشكيل الحكومة الكردية المحلية لا يعدو كونه إجراءً تنظيميًا لترتيب حياة المواطنين الأكراد في مناطقهم في ظل الإجراءات القمعية والمواجهات الدموية للنظام والاحتمالات التي تشير إلى إمكانية استمرار الصراع عقودًا مقبلة.

إدارة ذاتية
في هذا المجال، قال سكرتير حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي يتبنى مشروع الحكومة المحلية، إن الأكراد في شمال سوريا يعتزمون تشكيل حكومة مستقلة لإدارة مناطق وجودهم، لأن الأزمة السورية يبدو أن لا نهاية لها على المستوى المنظور، ولهذا السبب فإن الحزب بحاجة إلى تشكيل إدارة ذاتية ديموقراطية في المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال البلاد، لا سيما محافظة الحسكة وبعض مناطق حلب، مشيرًا إلى أن الحكومة ستكون محلية موقتة.

وقال نواف خليل المتحدث باسم الحزب المعروف بكونه الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني التركي بزعامة عبد الله أوجلان إن مساعي حزبه تركز على تنظيم إدارة هذه المنطقة مع التوقعات بطول أمد الأزمة السورية.

من ناحيته، أكد سكرتير حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم أن الأمر هو quot;مشروعنا منذ عام 2007 لتأمين احتياجات الناسquot;، مشددًا على أن الحكومة ستكون موقتة. وأوضح أنها شكل موقت للإدارة، مشيرًا إلى أنهم سيضعون حدًا لهذه الإدارة، بمجرد أن يكون هناك اتفاق شامل ضمن سوريا في المستقبل.

من جهته، أكد المتحدث باسم quot;مجلس الشعب لغرب كردستانquot; شيرزاد الأيزدي أن التجربة ستكون quot;في بعض الأوجه مشابهة لتجربة إقليم كردستان في العراقquot;.

يذكر أن مجالس محلية تتولى حاليًا إدارة المناطق الكردية في شمال سوريا منذ انسحاب قوات النظام السوري منها في منتصف عام 2012، حيث اعتبرت خطة الانسحاب من هذه المناطق تكتيكية بالنسبة إلى النظام، الذي يحتاج هذه القوات في المعارك ضد مقاتلي المعارضة في مناطق أخرى من البلاد وتشجيعًا للأكراد على عدم الوقوف إلى جانب المعارضين بهدف الحفاظ على سلطتهم الذاتية.

ويحاول الأكراد عمومًا تجنيب مناطقهم النزاع المستمر في سوريا منذ منتصف آذار (مارس) عام 2011 عبر إبقائها في منأى عن مقاتلي المعارضة أو القوات النظامية. ويشكل الأكراد نسبة 10% من سكان سوريا، البالغ عددهم 23 مليون نسمة، ويتركزون في شمال البلاد.

معارضون: تمهيد للفدرلة
في الجانب الآخر من القضية فقد رأى 2136 قارئًا من مجموع المشاركين في الاستفتاء الأسبوعي، والذين شكلت نسبتهم 45 %، أن تشكيل حكومة الأكراد المحلية ستفتح الطريق أمام تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية وعرقية.

ويبدو أن هذه المخاوف قد نشأت من خلال المعلومات التي أشارت في وقت سابق إلى أن الأسد أيضًا يعد لتشكيل دويلة علوية حالما يشعر بأن سقوطه قد أصبح قريبًا. كما إنها تستند إلى مخاوف دولية من هذه الحكومة المحلية على وحدة البلاد، حيث أعربت الولايات المتحدة وتركيا عن تخوفهما من إقامة الأكراد quot;شبه دولة في سورياquot;، لا سيما وأن الاتحاد الديمقراطي الكردي الداعي إلى هذه الحكومة المحلية يرتبط بعلاقات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني التركي بزعامة أوجلان، الذي تصنفه واشنطن وأنقرة على أنه منظمة إرهابية، على خلفية تحركاته الانفصالية طوال ثلاثة عقود من الزمن في تركيا.

كذلك جاء موقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي حذر أكراد سوريا بألا يحاولوا إقامة منطقة حكم ذاتي، quot;لأن هذه الخطوات جسيمة وخاطئةquot;. وهو الموقف نفسه الذي عبّر عنه وزير خارجيته أحمد داود أوغلو، محذرًا بدوره المجموعات الكردية في سوريا من أي اتجاه انفصالي ومن quot;العواقب الخطيرةquot; التي يمكن أن تنجم من سيطرتهم على هذه المناطق.

وقال إن المخاطر التي يمكن أن تنجم من فرض أمر واقع من جانب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا ستكون بالغة الخطورة. وأضاف أوغلو أن اتجاهًا انفصاليًا لهذا الحزب، الذي يعتبر الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني التركي، سيؤدي إلى احتدام المعارك وتعميق الوضع المهتز في سوريا.

وحدة سوريا مقدسة
وقد رافق هذا الرفض الخارجي موقف داخلي مماثل حين رفضت هيئة التنسيق الوطنية المعارضة أي دعوات إلى تقسيم سوريا والمساس بوحدتها الوطنية. وقال أمين سر هيئة التنسيق رجاء الناصر: quot;نرفض رفضًا قاطعًا أي مساس بوحدة سوريا أرضًا وشعبًا من أية جهة كانتquot;.

كما إن موقف المعارضين للحكومة الكردية المحلية لم يكن بعيدًا عن رفض اتحاد القوى الديمقراطية الكردية في سوريا، حيث قال عبد العزيز التمو: quot;إن ما يطرحه حزب الاتحاد الديمقراطي حول تشكيل حكومة وبرلمان هو لعب مكشوف بالأوراق، والذي بدأ النظام السوري يمارسه في الأزمة السورية، منطلقًا بزجّ حزب الله في المعارك ضد الثوارquot;.

ومن المفترض أن يتشكل الكيان الكردي المفترض على طول الشريط الحدودي السوري الشمالي الشرقي الملاصق لكردستان العراق وتركيا وممتدًا من المالكية شرقًا،ً ليشمل محافظة الحسكة وريفها، وصولًا إلى أجزاء من حلب غربًا، مع ترجيح أن تكون مدينة القامشلي هي عاصمة هذا الكيان، الذي يتطلع أيضًا إلى السيطرة مستقبلًا على منافذ حدودية، مثل معبر سيملكا المائي مع العراق، ومعابر رأس العين ونصيبين وتل أبيض مع تركيا.