في خضم مشهد شديد الإرباك تعيشه مصر منذ أكثر من شهر، اندلعت حرب تعتمد على الصور وبث الأخبار من أجل إلقاء مسؤولية ما يجري في البلاد على أطراف مختلفة.


القاهرة: في ظل حالة الاستقطاب التي باتت تهيمن بشكل واضح على قطاعات كبيرة من الشعب المصري، خاصة بعد عزل الرئيس محمد مرسي، إثر التظاهرات الحاشدة التي شهدتها مصر نهاية الشهر الماضي، بدأ يتحول الإعلام في مصر إلى سلاح في أيدي الأطراف المتناحرة، تزامنًا مع ما تشهده البلاد من حالة عدم استقرار سياسي.

وفي خضم الأحداث اندلعت حرب إعلامية تحاول إلقاء المسؤولية على أطراف مختلفة. والدليل على ذلك احتفاء كثير من وسائل الإعلام بوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي ووصفه بـ quot;المنقذquot; وتصوير الرئيس المعزول على أنه قاتل، جاسوس وإرهابي، وذلك في الوقت الذي كانت تخضع فيه منافذ الأخبار التابعة للدولة، قبل قرار الجيش بعزل أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي، لهيمنة الرئيس محمد مرسي وحزب الحرية والعدالة الذي يعتبر الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.

أما الآن أصبحت تحت تصرف الجيش، في مواجهة وسائل الإعلام الاجتماعية، التي يعتمد عليها الإسلاميون بشكل متزايد لسرد رؤيتهم الخاصة بأعمال الفوضى الحاصلة في البلاد.

ونقلت في هذا الإطار صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية عن جمال سلطان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، قوله: quot;لم يعد هناك ما يشغل وسائل الإعلام في مصر سوى التعبئة. وبات الإعلام سياسياً بامتياز، وبات يدفع ويحث الأنصار في الاتجاه الذي يسلكونه من أجل مواصلة المشوار حتى النهايةquot;.

وفي وقت تعتبر فيه الحقيقة بعيدة المنال، وبينما يشعر كثير من المصريين بحالة من الغضب، فإنهم لا يثقون مطلقاً في وسائل الإعلام الحكومية وإنما في المؤسسات الأجنبية، وبخاصة فضائية الجزيرة القطرية المتعاطفة مع جماعة الإخوان.

وتطرقت كاترين أشتون، مسؤولة السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خلال زيارتها لمصر، إلى تلك المعركة المشتعلة حالياً لتشكيل الرأي العام، وذلك في إطار الجهود التي سعت من خلالها إلى إنهاء أسابيع من العنف، وذلك في الوقت الذي أشارت فيه تقارير صحافية محلية، نقلاً عن مصادر مطلعة، إلى أن أشتون طلبت من مرسي خلال اللقاء الذي جمع بينهما مساء أول أمس بأن يستسلم للأمر الواقع.

وكان الجيش قد قام خلال الأيام الأخيرة بإصدار بيانات موجزة، ووجه دعوته لمراسلين أجانب كي يشاهدوا بأنفسهم الجموع الغفيرة المؤيدة للجيش عبر مروحيات تابعة له. في حين تحولت واجهة جماعة الإخوان، بعد غلق صحيفتها وقنواتها التلفزيونية، إلى وسائل الإعلام الاجتماعية ووكالات الأنباء الأجنبية لنقل رسالتها.

وأبرزت الصحيفة حالة الانقسام الحاصلة في الإعلام بينمؤيدين للسيسي، الذي قورن بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وبين مناصرين للرئيس مرسي الذي يعتبر أول رئيس منتخب في مصر خصوصاً عبر وسائل الإعلام الاجتماعية.

كما نوهت الصحيفة للمحاولات التي تبذلها كثير من وسائل الإعلام المناوئة لنظام الإخوان من أجل تصوير المعسكر الداعم لمرسي على أنه quot;جماعة إرهابيةquot; تسعى الى إثارة العنف والفوضى، وأن كبار القيادات في تيار الإسلام السياسي عبارة عن زمرة من الكذابين والمجرمين الذين سرقوا ثورة الـ 25 من كانون الثاني (يناير) عام 2011.

وعاود سلطان ليقول :quot; إنه بلد منقسم، وهناك ضغوط كبيرة من أجل تحييد أو إبعاد الأصوات الموضوعية. والاستقطاب الآن هو سيد الموقف، وللإعلام دوره الكبير هناquot;.