قال مقربون من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إنه قرر اعتزال الحياة السياسية وإغلاق مكاتبه، في وقت قررت فيه وزارة الدفاع العراقي الاستعانة بقوات الامن الكردية أو البشمركة لضبط الامن في العاصمة بغداد.


فاجأ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأوساط السياسية والاجتماعية بقراره اعتزال الحياة السياسية، وبرر مقربون من الصدر قراره كخطوة منه لرفض المشاركة في أي مؤامرة ضد العراق من خلال البقاء في العملية السياسية.

هذا التبرير يطرح خشية من بداية لمقاطعة تيار الصدر للعملية السياسية والعودة لممارسة الأعمال العسكرية. وكان جيش المهدي، الذراع العسكري للتيار الصدري الذي تأسس في العام 2003، دخل في معارك مع القوات الاميركية والعراقية في العراق في محافظات الوسط والجنوب قبل تجميده من قبل الصدر في العام 2007.

وكان عدد عناصره نحو ستين ألف مقاتل. لكن متابعين عراقيين لم يحملوا قرار الصدر أهمية كبيرة، بسبب قرارات سابقة سرعان ما تراجع عنها، أبرزها قراره المساهمة في سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي قبل أشهر ثم تراجع عنها. وقبلها سحب وزراءه ونوابه من الحكومة والبرلمان ثم تراجع عن الأمر.

وفسر هؤلاء المتابعون قرار الصدر بالمزاجي بعد عجزه عن فرض سطوته على الائتلاف الشيعي، أي التيار الصدري والمجلس الاعلى وحزبي الدعوة والفضيلة إلى جانب بعض المستقلين، الذين لديهم مجتمعين 159 مقعدًا في البرلمان العراقي المكون من 325 مقعدًا. فالصدر يرغب في أن يكون رئيس الحكومة العراقية المقبل من تياره، فيما يصر رئيس الحكومة الحالي على اعادة ترشيحه لولاية ثالثة.

عودة عسكرية؟

لكن هناك مخالفون يرون أن قرار الصدر الجديد جديّ وينطوي على خطر أكيد، قد يكون مؤشرا على قرب انهيار الامن في العراق. ويأتي قرار الصدر بعد مرور نحو شهر على ندائه لجيش المهدي ليكون مستعدا لنصرة المذهب والدين، بعد تراجع مؤشر الامن في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية، حيث تم استهداف مساجد وحسينيات عدة، ولما تزل تهديدات القيام بعمليات عسكرية ذات طابع طائفي قائمة، بعد هرب نحو 500 سجين من اعضاء تنظيم القاعدة الارهابي من سجن بغداد المركزي الشهر الماضي، في عملية نوعية للتنظيم.

وكان مصدر من داخل التيار الصدري قال إن زعيم التيار الصدري قرر اعتزال الحياة السياسية وعدم المشاركة في أي عمل سياسي خلال الفترة المقبلة بشكل مباشر، مبينا أن ذلك جاء بسبب عدم اكتراث البعض بالدم العراقي والأوضاع الأمنية المتردية في البلاد لا سيما خلال الفترة الماضية. وقرر الصدر إغلاق مكتبه الخاص وكافة الدوائر السياسية المرتبطة به كردة فعل على الواقع السياسي الحالي، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.

وقال بهاء الاعرجي، رئيس كتلة الأحرار البرلمانية التابعة للتيار الصدري (40 مقعدا)، في تصريحات صحافية: quot;قرار الصدر جاء تعبيرًا عن رفضه المشاركة في أية مؤامرة ضد العراق من خلال البقاء في العملية السياسيةquot;.

بشمركة للأمن

وعلى الصعيد الامني، كشف ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، عن مبادرة كردية لدعم القوات العسكرية الاتحادية بالتزامن مع التصعيد الامني الذي تشهده البلاد، مبينًا أن الحكومة رحبت بهذا الطرح لكنها ترى أن يكون التنسيق على الجانب الاستخباري وتبادل المعلومات فقط. لكنّ صحفًا عراقية عدة نشرت اليوم عن قرب تولي قوات البشمركة الكردية الامن في بغداد، على أن تتولى قوات الجيش العراقي مسؤولية حماية الطرق الخارجية والحدود بالتنسيق مع قوات البشمركة.

وأبدى مسؤول عسكري في قوات حرس الاقليم (بشمركة) ارتياح الأكراد للمباحثات التي اجريت في وزارة الدفاع، وعدّها بداية لحل جزء من الخلافات بين بغداد واربيل. وقالت النائبة عن ائتلاف دولة القانون بتول فاروق إن الجانب الاول من المباحثات تركز على مبادرة طرحتها الاطراف الكردية لدعم القوات الامنية الاتحادية بالتزامن مع التهديدات الارهابية التي طالت مناطق متفرقة من العراق، quot;فالوفد الكردي عرض على بغداد الاستعانة بخبرات البشمركة للتعامل مع المخططات التي تريد اسقاط العملية السياسية، والحكومة رحّبت بهذه المبادرة، لأن بغداد ترى أن لديها عددًا كافيًا من القوات الامنية، وتبحث عن المعلومات الاستخبارية التي قد تصلها من الاقليمquot;.

السفارة مفتوحة

وكانت العاصمة بغداد شهدت خلال اليومين الماضيين اجراءات أمنية مشددة، مع انتشار مكثف للقوات الامنية وقطع الطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء، في رد فعل على معلومات تفيد بشن التنظيمات الارهابية هجومًا واسعًا على بغداد، وبالتزامن مع قرار واشنطن اغلاق سفارتها في عدد من العواصم منها بغداد، بسبب وجود تهديدات أمنية كبيرة.

لكن وزارة الخارجية الأميركية أعلنت اليوم الاثنين أنها ستفتح سفارتها وقنصلياتها في العراق مجددًا بعد يوم من إغلاقها، مبينة أن الإغلاق لم يكن مؤشرًا على وجود تهديد جديد، لكنه إجراء احترازي لاتخاذ الخطوات المناسبة لحماية الموظفين والمستخدمين المحليين والزوار.

وقالت الخارجية الأميركية في بيان لها إن البعثات الدبلوماسية الأميركية في داكا والجزائر ونواكشوط وكابول وهرات ومزار الشريف وبغداد والبصرة واربيل ستفتح أبوابها اليوم الاثنين. وأضافت أن بعض السفارات والقنصليات التي اغلقت الاحد في الشرق الاوسط بسبب تهديد من القاعدة سيستمر اغلاقها حتى العاشر من آب (أغسطس) بدافع الحذر وليس بسبب تهديدات جديدة.

وبينت أن البعثات الدبلوماسية في أبو ظبي، وعمان، والقاهرة، والرياض، والظهران، وجدة، والدوحة، ودبي، والكويت، والمنامة، ومسقط، وصنعاء، وطرابلس، والخرطوم، ستظل مغلقة حتى يوم السبت المقبل، كما سيستمر اغلاق البعثات في العواصم الافريقية أنتاناريفو، وبوجمبورا، وجيبوتي، وكيجالي وبورت لويس.