بعد انفجاري طرابلس، انتشر المسلحون في خطوة عملانية لأمن ذاتي سني في المدينة، كما الأمن الذاتي الشيعي في ضاحية بيروت الجنوبية، الذي ينفذه حزب الله بعد انفجار الرويس. وقد أوقف الأمن اللبناني على خلفية التفجيرين شيخًا ينتمي إلى حركة التوحيد الإسلامي الموالية للنظام السوري.


لونا خوري من بيروت: تلملم طرابلس جراحها بعد التفجيرين المروّعين أمس الجمعة أمام جامعي التقوى والسلام، اللذين يعدان من أكثر التفجيرات دموية منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية. وبدت المدينة، التي تعجّ عادة بالناس، مشلولة وشوارعها مقفرة مع حركة سير خفيفة، فيما أغلقت المتاجر أبوابها التزامًا بيوم الحداد الوطني، الذي أعلنه رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي في كل أنحاء البلاد.

وتزامنًا مع مراسم تشييع ضحايا الانفجارين، فقد كثف الجيش اللبناني اليوم السبت دورياته في المدينة، فجاب جنود راجلون ومدرعات شوارع طرابلس، التي فقدت 45 شخصًا، بحسب حصيلة جديدة أوردها مصدر أمني لبناني، في حين أشار الصليب الأحمر اللبناني إلى سقوط 500 جريح، غادرت غالبيتهم المستشفيات، وبقي نحو 200 منهم قيد العلاج. وأغلق الجيش موقعي الانفجارين، وواصل رفع الأنقاض وسحب هياكل السيارات المحروقة.

أمن ذاتي واستنجاد بالقاعدة
وحصل انفجارا طرابلس بعد أسبوع من انفجار الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، ما دفع محللين سياسيين إلى التحذير من محاولات لإثارة فتنة سنية شيعية في لبنان، استفادةً من التركيبة السياسية والطائفية الهشّة والمنقسمة بحدة حول النزاع في سوريا المجاورة.

وفي بعض أحياء طرابلس، شوهد مدنيون مسلحون أمام المساجد وقرب مقار أحزاب سياسية ومنازل نواب ورجال دين، بينما كانت القوى الأمنية توقف كل سيارة مشبوهة وتفتشها، في ما يشبه أمنًا ذاتيًا، نسجًا على منوال حزب الله، الذي يتولى حماية مناطق نفوذه بنفسه، وهذا ما رفضه اليوم الشيخ سالم الرافعي، إمام مسجد التقوى، الذي تعرّض للتفجير أمس، إذ قال بعد اجتماع هيئة العلماء المسلمين: quot;الأمن الذاتي مرفوض في كل مكان، والدولة تقسّم لبنان، وتسعى إلى تفتيته، عبر السماح بالأمن الذاتي في مناطق معيّنةquot;، داعيًا حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، إلى ألا يكون عونًا لبشار الأسد.

وبالرغم من رفض الجميع خيار الأمن الذاتي، ومطالبة الدولة دائمًا بتولي الأمن بقبضة حديدة، أكد الشيخ بلال دقماق، رئيس جمعية quot;إقرأquot; وأحد المتنفذين في طرابلس، دعوته إلى التسلح لحماية المناطق السنية، بعدما حمّل مسؤولية تفجيري طرابلس في الشقّ المادي إلى النظام السوري، وفي الشقّ المعنوي إلى حزب الله.

وتساءل دقماق في حديث صحافي اليوم لموقع ليبانون فايلز الإخباري: quot;ما المانع إذا كنت مظلومًا، واستنجدت بتنظيم القاعدة؟، فهم استنجدوا بالقرار 1701 واستنجدوا بأميركا لحمايتهم وحماية إسرائيل، وأصبح حزب الله مع هذه القوى حرس حدود، فما المشكلة في استنجادنا بتنظيم القاعدة؟quot;، مؤكدًا أنّ الفارق كبير بين التحالف مع القاعدة وتحالف حزب الله مع الشيوعيّين والملحدين.

توقيف الشيخ الغريب
إلى ذلك، ذكرت تقارير صحافية أن قوة من فرع المعلومات في الشمال اللبناني داهمت منزل الشيخ أحمد الغريب (40 عامًا) في منطقة المنية، وأوقفته على خلفية التفجيرين أمس، وضبطت في منزله خرائط عسكرية لمدينة طرابلس وكمية من المتفجرات، فاقتادته إلى مركز فرع المعلومات في بيروت فورًا، بدلًا من إبقائه في مركز طرابلس.

وأفادت صحيفة quot;الأخبارquot; اللبنانية بأنّ الشيخ الغريب كان كثير السفر إلى سوريا في الآونة الأخيرة، مُكلّفًا من قبل الشيخ هاشم منقارة، رئيس مجلس قيادة حركة التوحيد الإسلامي، بمتابعة ملفات عالقة مع النظام السوري. وقد استنكرت أوساط حركة التوحيد توقيف الشيخ الغريب، وتخوفت من تلفيق فرع المعلومات التُّهم إليه لغايات مشبوهة، خصوصًا أن السلاح المضبوط في منزله فردي كما أي سلاح موجود في أي منزل في الشمال، إلى قنبلتين يدويتين تحوّلتا بنظر المغرضين إلى كمية من المتفجرات.

وبحسب quot;الأخبارquot;، وضعت هذه المصادر توقيف الغريب في خانة الافتراء، وكشفت عن حملة تحريض شُنّت ضده في الآونة الأخيرة، روّجت زوراً أنّه عميل للنظام السوري، علمًا أنه يتولى إدارة العلاقات العامة والسياسية لدى الشيخ منقارة منذ أكثر من 12 عامًا.