تعززت القناعة لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن سوريا يجب أن تدفع الثمن لانتهاكها القوانين الدولية، وربما يضطر أوباما لاتخاذ قرار بتوجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد بشكل فردي، بعدما أخفق رئيس الوزراء البريطاني في إقناع البرلمان للمشاركة في الضربة.

واشنطن: تزايد احتمال تحرك اميركي احادي ضد سوريا مع اعلان البيت الابيض الخميس أن الرئيس باراك اوباما سيحسم قراره بهذا الشأن quot;وفقًا للمصالح الاميركيةquot; بمعزل عن رفض مجلس العموم البريطاني أي ضربة عسكرية وعدم الحصول على تفويض من الامم المتحدة.
وقال مساعدون لاوباما إن الرئيس على قناعة بأن سوريا يجب أن تدفع الثمن لانتهاكها القوانين الدولية التي تحظر استخدام اسلحة كيميائية، وهو ما يشكل بنظره تهديدًا خطيرًا للامن القومي الاميركي.
وتلقت المساعي الاميركية لتشكيل ائتلاف دولي لشن عمل عسكري quot;محدودquot; ضد النظام السوري ضربة قوية، حين صوت مجلس العموم البريطاني في لندن ضد استخدام القوة لمعاقبة النظام السوري على هجوم كيميائي اتهم بشنه في 21 اب/اغسطس في ريف دمشق موقعًا مئات القتلى.
وكان مسؤولون اميركيون افادوا في وقت سابق الخميس أن اوباما سيتحرك بشكل احادي إن كان ذلك ضروريًا، لكن هذا الاحتمال اصبح واقعًا مفروضاً عليه مع التصويت البريطاني الذي كان له وقع كبير عبر الاطلسي.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الامن القومي كيتلين هايدن quot;لقد رأينا نتيجة التصويت في البرلمان البريطاني الليلةquot;.
وتابعت quot;أن الولايات المتحدة ستواصل التشاور مع الحكومة البريطانية، احد اقرب حلفائنا واصدقائناquot;.
لكنها اكدت: quot;كما سبق وقلنا، أن الرئيس اوباما سيتخذ قراره بناء على ما هو افضل لمصلحة الولايات المتحدة. أنه يعتقد أن هناك مصالح اساسية للولايات المتحدة على المحك وأن الدول التي تنتهك القواعد الدولية المتعلقة بالاسلحة الكيميائية يجب أن تحاسبquot;.
ومن المتوقع أن يؤدي رفض مجلس العموم البريطاني التحرك العسكري ضد سوريا الى تعزيز موقف الممانعين في الكونغرس الاميركي لاحتمال دخول الولايات المتحدة في حرب جديدة في الشرق الاوسط.
كما يترك التصويت في لندن الرئيس اوباما مكشوفًا سياسيًا ودوليًا في وقت يؤكد على وجوب أن يكون هناك رد اميركي شديد لردع نظام بشار الاسد عن معاودة استخدام الاسلحة الكيميائية، بعد اتهامه باستخدامها في هجوم اوقع مئات القتلى في ريف دمشق في 21 اب/اغسطس.
وفيما دعا عدد من حلفاء الولايات المتحدة بمن فيهم فرنسا الى التحرك ضد سوريا، يبدو من المستبعد أن ينضموا الى ضربة عسكرية اميركية في غياب تفويض من الامم المتحدة تستمر روسيا في عرقلته.
وبموازاة التصويت في لندن، قام مسؤولون كبار في الادارة الاميركية بمن فيهم وزيرا الخارجية جون كيري والدفاع تشاك هيغل بعرض الردود المحتملة على الهجوم في ريف دمشق على الكونغرس.
وفيما دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مجلس العموم الى الانعقاد، لم تظهر أي بوادر تشير الى اجتماع مماثل للكونغرس الاميركي الذي هو حاليًا في عطلته الصيفية.
ومن المرجح أن يتذرع البيت الابيض بأن التحرك المزمع ضد سوريا سيكون quot;محدودًاquot;، ما يغنيه عن الاستحصال على اذن من الكونغرس المخول بموجب الدستور اعطاء الضوء الاخضر لإعلان الحرب.
غير أن خصوم اوباما سيطالبون بشكل متزايد بنقاش في الكونغرس قد يشكل احراجًا لاوباما بصفته القائد العام للقوات الاميركية.
وكانت ادارة اوباما نفت في وقت سابق أن يكون تشكيك الرأي العام الذي يعود الى اخفاق الاستخبارات الاميركية قبل اجتياح العراق يعقد جهودها لتبرير عمل عسكري محتمل ضد سوريا.
وتعمل أجهزة الاستخبارات الاميركية على اعداد تقرير تنزع عنه صفة السرية حول الهجوم الكيميائي المفترض في سوريا، يقول مسؤولون إنه سيظهر بشكل لا يقبل الشك أن نظام الاسد استخدم فعلاً اسلحة كيميائية ضد مدنيين رغم نفيه ذلك بشكل قاطع.
وقال البيت الابيض انه بالرغم من أن اوباما يعول على الامم المتحدة ويتشاور بشكل وثيق مع حلفائه، الا أن واجبه الاول والاخير يبقى حماية الامن القومي الاميركي في وقت يعتبر أنه مهدد بالهجوم الكيميائي المفترض.
وقال مساعد المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست بهذا الصدد إن quot;الرئيس عليه أولاً أن يقدم حسابات الى الاميركيين الذين انتخبوه لحمايتهم. والرئيس مقتنع بالكامل بأن التحديات المتعلقة بهذا الوضع تشمل اجراءات ضرورية لحماية مصالحنا الحيوية على صعيد الامن القوميquot;.
ومع تصويت البرلمان البريطاني سرت تكهنات بأن توقيت التحرك العسكري الذي بدا وشيكًا للعديد من المراقبين، قد يتأخر.
غير أن مساعدة المتحدث باسم الخارجية ماري هارف اكدت quot;أننا نتخذ قراراتنا الخاصة تبعًا لجدول زمني خاص بناquot;.
واضافت أن quot;استخدام اسلحة كيميائية من قبل النظام السوري ضد شعبه يمثل وضعًا يهدد مصالح الامن القومي الاميركية. من مصلحتنا (...) أن لا يبقى هذا الاستخدام من دون ردquot;.
كذلك ألمحت ادارة اوباما الى أنها لا ترى ضرورة لانتظار تقرير المفتشين الدوليين الذين اجروا تحقيقات في موقع الهجوم الكيميائي المفترض في سوريا.
وقال جوش ارنست إن هذا التقرير لن يغيّر كثيرًا في موقف الرئيس اوباما موضحاً أن quot;هؤلاء المفتشين التابعين للامم المتحدة مهمتهم ليست تحديد من هو المسؤول عن استخدام هذه الاسلحة بل فقط تقييم ما اذا كانت هذه الاسلحة قد استخدمت ام لاquot;.
وكانت الادارة الاميركية اوضحت الاربعاء أنها لا ترى أي امكانية بأن تؤدي المساعي البريطانية للحصول على تفويض من الامم المتحدة لتسديد ضربة لسوريا الى نتيجة بسبب معارضة روسيا.
وقال مساعدون لاوباما إن المناقشات الجارية تدور حول ضربة عقابية quot;محدودةquot; لنظام دمشق رافضين أي مقارنة مع الاجتياح الاميركي للعراق الذي رفضه آنذاك اوباما.
واخفاق أجهزة الاستخبارات في الادلة التي قدمتها في تلك الفترة حول امتلاك العراق اسلحة دمار شامل، والتي شكلت اساسًا لاجتياح هذا البلد، تشكل ضغطًا شديدًا على ادارة اوباما في تأكيدها على استخدام دمشق اسلحة كيميائية محظورة.
واعتبر المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية انتوني كوردسمان تقرير الاستخبارات المرتقب صدوره حول الهجوم في ريف دمشق بأنه quot;اهم وثيقة منذ عقدquot;.
غير أن بعض المسؤولين ينفون أن تكون هناك أي اوجه شبه بين الازمة الحالية حول سوريا وما كان عليه الوضع قبل اجتياح العراق.
وقالت هارف: quot;لا احد بحاجة الى تقرير من اجهزة الاستخبارات ليعرف بيقين أنه تم استخدام اسلحة كيميائية هناquot;.
واضافت: quot;في العراق كنا ننتظر تقريرًا من اجهزة الاستخبارات لنحدد ما اذا كانت مثل هذه الاسلحة موجودة حتى. اما هنا فنحن امام تقريرين من نوع مختلف تمامًاquot;.