تعيش أسرة عقيلة الرئيس السوري حالة من الاغتراب والرعب في لندن، إذ تلاحق منزلها المظاهرات اليومية، التي حطمت سور الحديقة وزجاج النوافذ، ويضطر الوالد لمغادرة ودخول المنزل من الأبواب الخلفية، بينما امتنعت سهر الأخرس عن صلاة عيد الفطر الماضي في المسجد خوفاً من المطاردات والأذى.


فرضت حياة أسرة أسماء الأخرس، عقيلة الرئيس السوري، بشار الأسد، العديد من علامات الاستفهام، حول نمط وظروف حياةصهر الأسد وزوجته في لندن، ووصل الفضول إلى ذروته، حينما توافد على مقر إقامة الدكتور فواز الأخرس وزوجته سهر، العشرات من المتظاهرين السوريين، ليراقبوا تحركات الأسرة اليومية داخل وخارج المنزل، ما حدا بالطبيب فواز إلى تعيين طاقم من الحراسات الخاصة حول منزله، واضطر إلى مغادرة ودخول المنزل عبر باب خلفي، تلاشياً للصدام مع المتظاهرين، وهروباً من نظرات الجيران، الذين قرروا قطع صلتهم تماماً بأسرة أسماء الأخرس.
ورغم أن فواز وزوجته سهر لا يقيمان في سوريا، وليسا ضالعين في صنع القرار السوري، إلا أن صحيفة الـ quot;ديلي ميلquot;، وما نقلته عنها صحيفة يديعوت احرونوت العبرية، أكدت ان صهر الأسد عكف خلال الآونة الأخيرة على إسداء النصح لزوج ابنته، وتلقينه دروساً مستفيضة في كيفية مناورة وسائل الإعلام الغربية، وإقناعها بأنه غير مسؤول عن حمامات الدم التي روت ارض بلاده.
وأضافت معلومات الصحيفة البريطانية، أن الدكتور فواز طرح على الأسد ضرورة إنتاج فيلم تسجيلي وترجمته إلى الانجليزية، لتسويقه في مختلف دول العالم، والتأكيد فيه على أن سوريا وقعت بين فكي تنظيمات إرهابية، وتحالفات إقليمية ودولية، تهدف إلى زعزعة الاستقرار في دمشق، واستبدال النظام الحالي بآخر راديكالي، يزيد الأوضاع في سوريا توتراً.
صهر بشار أسدى بنصائح للنظام السوري لمناورة الإعلام
ونسبت الصحيفة البريطانية إلى سهر والدة أسماء الأخرس قولها: quot;إن ما يفعله الله بالسوريين حالياً، جاء نتيجة لاستجابتهم للمخططات الخارجية وتمردهم على النظام، فكان من الضروري أن يسددوا فاتورة ما اقترفته أيديهم وما صنعته رؤوسهمquot;، ولعل ذلك هو ما أثار حالة من السخط لدى المحيطين بأسرة أسماء الأخرس، وأفضى إلى انقطاع الصلة بينهم وبين القاصي والداني، لا سيما جيرانهم وأصدقائهم في العاصمة البريطانية، إذ إن صور المذابح التي تتناقلها وسائل الإعلام حول المجازر اليومية في سوريا، تعطي مبرراً كافياً لهذا الموقف.
وفي ضاحية quot;اكتونquot; الواقعة غرب العاصمة لندن، يقيم الدكتور فواز الأخرس صهر الأسد وزوجته سهر، إلا أن المنزل الذي كان مفعماً في يوم من الأيام بالصخب والبهجة نتيجة لكثرة رواده، أصبح منعزلاً عن الجميع، وبات سور حديقته، لا يختلف كثيراً عن أطلال المدن الأثرية القديمة، فالمظاهرات شبه اليومية التي تتوافد على المنزل تلقي بقنابل صوتية في آذان فواز وسهر، ولا يخلو الأمر من محاولات لهدم المنزل أو اقتحامه، لولا تدخل الشرطة في كثير من الأحيان، كما أن صهر الأسد لم يستطع منع الجماهير الثائرة من وضع لافتة بيضاء على مدخل المنزل، كتب المتظاهرون عليها quot;منزل الداعرquot;.
المظاهرات لا تتوقف حول المنزل الذي يتكون من أربع غرف نوم، ويخلو من أية معالم شرق أوسطية، باستثناء شجرة نخيل، وطبق ضخم أعلى المنزل لالتقاط ما تبثه كافة وسائل الإعلام لاسيما العربية منها حول سوريا وما يجري فيها، ورغم الهدوء الذي يكتنف الحي الهادئ في تلك الضاحية، إلا أن غليان أسرة أسماء الأخرس لا يتوقف، إذ يتحطم زجاج نوافذ المنزل بين الفينة والأخرى، نتيجة لرجم المنزل بالحجارة يومياً من المتظاهرين.
احد الجيران يكتفي بإدارة وجهه حينما يرى فواز وزوجته
ولا تقتصر حالة الغليان داخل المنزل، وإنما تتخطاها للخارج، ففي كل يوم تخرج فيه سهر الأخرس من منزلها، تلاحقها النظرات واللعنات من كل شخص يتعرف على هويتها، إلا أن احد جيرانها اكتفى بما هو اقل من ذلك، حينما قال في حديثه للـ quot;ديلي ميلquot;: quot;أتعمد أن أدير وجهي بعيداً عن فواز الأخرس وزوجته سهر، عندما التقي بهما مصادفة في الشارع أو في أي مكان آخرquot;.
أما مالك العابدة، وهو صحافي سوري معارض، ويقيم والداه في منزل قبالة منزل فواز الأخرس وزوجته سهر، فيقول لصحيفة الـ quot;ديلي ميلquot;: quot;الناس تسخر وتستخف بفواز الأخرس وزوجته سهر في كل مكان يرتادانه، فالجميع يعلم إنهما شريكان في إسداء المشورة للأسد، ومن الطبيعي أن يتعامل الناس معهما بصلف، حينما يشاهدون المنازل السورية تحرق وتهدم، وعندما يرون المذابح اليومية التي ترتكب ضد الأطفال والنساء وكبار السنquot;.
ووفقاً للصحيفة البريطانية، وضع الزوجان الأخرس خلال الأسابيع القليلة الماضية كاميرات في مقدمة المنزل، لرصد أية حركة غير طبيعية بالخارج، واعتادا على استدعاء الشرطة كل يوم تقريباً لفض المظاهرات التي تحوم حول مقر إقامتهما، بينما يؤكد الجيران إن الزوجين استأجرا طواقم حراسة خاصة لتأمينهما من أي مكروه، كما أن الدكتور فواز اعتاد على مغادرة المنزل والعودة إليه عبر باب خلفي، كما أن زوجته سهر، امتنعت عن مغادرة المنزل في عيد الفطر الماضي للصلاة في المسجد المحلي في الضاحية التي تقيم بها، تحسباً لاستهدافها من قبل أية جهة سورية أو غيرها، بحسب الـ quot;ديلي ميلquot;.
مريم دفنت والدها من دون جنازة خوفاً من إطلاق النار
ويقول احد سكان الضاحية المسلمين الذين يتابعون جيداً أخبار سهر الأخرس: quot;الناس فور التعرف على هويتها يبصقون أمامها، وكثيراً ما تتعرض لهجوم من قبل أشخاص، ربما لم تسبقها بهم معرفة، فالجميع يكره لقاءَها أو مجرد رؤيتها في أي مكان، إنني آمل أن يأتي اليوم الذي ترى سهر الأخرس ابنتها وأحفادها مقتولين أو منفيين من سوريا، حتى تشعر ولو ليوم واحد أن صهرها وربما هي شخصياً تسببوا في قتل وتشريد العديد من الأسر السوريةquot;.
أما مريم السورية البالغة من العمر 30 عاماً، وتعمل محاضرة في إحدى الكليات بلندن، فتقول في حديثها للصحيفة البريطانية، إنها وأسرتها هربوا من مدينة حمص السورية قبل ما يقرب من عامين، وعادت بذاكرتها إلى الوراء لتتحدث عن رؤيتها للمرة الأولى في حياتها مدافع الهاون، وهي تقصف المناطق المتاخمة لمنزل أسرتها، وان والدها الذي مات بمرض في القلب تم دفنه من دون صلاة الجنازة عليه، خوفاً من إطلاق النار الذي لا يتوقف ليل نهار في المدينة.
وفي نهاية الأمر اضطرت أسرتها للهجرة إلى لندن، حيث تقيم شقيقتها، ومن هناك تقول مريم: quot;شاهدت بعيني صور مدينة حمص وهي تشتعل وتتعرض لأقصى موجات القصف بالطائرات والمدفعية، شاهدت جثث وأشلاء الأطفال والنساء وكبار السن متناثرة في شوارع مدينتي، لم اصدق ما رأته عيناي في البداية، إلا أن تكرار المشهد كل يوم جعلني أعيش الواقع وأنا على بعد آلاف الكيلومترات عن سوريا. وعلى العكس من ذلك تعيش أسرة الأخرس هنا في لندن منعمة، فالدكتور فواز يتحرك بسيارته الـ BMW الفارهة، ويواصل عمله كمحاضر في الجامعة، ثم يعمل في المساء بعيادته الطبية الخاصة، وكذلك للعمل في مستشفاه الخاصة بكسينجتونquot;.
تجنيد السفارة السورية بلندن لخدمة سهر الأخرس
قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا بحسب تعبير الـ quot;ديلي ميلquot;، عاش الزوجان الأخرس في ظروف حياتية بالغة النعومة، إذ كانت سفارة دمشق في لندن تخصص سيارة بسائق خاص لسهر الأخرس، كما كانت الأخيرة حريصة على وجود مديرة اندونيسية لمنزلها، وكانت الشخصيات العامة في بريطانيا تتوافد زخات كل يوم عليها وعلى زوجها، ولم يكن مستغرباً أن يكون من بين هذه الشخصيات سفراء، وقضاة ورجال أعمال ذائعو الصيت، وبحسب الصحيفة البريطانية، كانت ملكة بريطانيا تدعو الزوجين الأخرس في كثير من المناسبات العائلية الخاصة.
لكن منذ أن بدأت الأمور تتوتر وتشتعل في سوريا، لاحظ الجميع سهر الأخرس وهي تعود إلى منزلها حاملة أكياساً محشوة بالأغراض المنزلية، التي اعتادت على شرائها من متجر quot;هيردوسquot; الشهير، في الوقت الذي يحرص القاصي والداني على شراء البطاطين والملابس للتبرع بها للسوريين المشردين، وحينما تلهو الأخرس مع أحفادها في النوادي، لا يجد الأطفال السوريون في وطنهم وبلاد المهجر ما يروي ظمأهم.