يرى مراقبون أن الحركة غير منفصلة بين جنيف-2 السوري وجنيف النووي الإيراني، وأن التوافقات الإقليمية والدولية قد تدفع إلى هز الرتابة السورية بإخراج بشار الأسد، بعدما عجز عن حسم الأمور لمصلحته.


حيان الهاجري من الرياض: تتحضر الأطراف السورية، والإقليمية والدولية المعنية من قريب أو بعيد بالأزمة السورية، للجلوس في مؤتمر جنيف-2، بعدما ينتظر أن يعلن الائتلاف الوطني السوري المعارض اليوم موافقته على المشاركة في المؤتمر بوفد موحد، يمثل المعارضة السورية.

مأزق إيران
من المراقبين من لا يعلق الكثير من الآمال على المؤتمر، خصوصًا أن جولة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على الدول الإقليمية، وخصوصًا لبنان، أتت لتشد أزر الموالين لإيران في المنطقة، وخصوصًا حزب الله، الذي يشكل تورطه في الحرب السورية مصدر قلق على المنطقة أولًا، وعامل توتر في سوريا ومحيطها، لكونه الذراع الإيرانية التي تستخدمها طهران لتبليغ الجميع أنها الآمرة الناهية الفعلية في سوريا، كما في محيطها.

إلا أن هؤلاء المراقبين متأكدون من أن الجولة أنبأت عمّا تحاول إيران أن تخفيه، وهو عجز الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه عن الوفاء بتعهدات لإيران وروسيا بتغييرات جذرية ميدانيًا قبل المؤتمر. فكلام ظريف عن استعداد طهران لإقامة أي إتصال على أي مستوى مع السعودية تعبير حقيقي عن مأزق وصلت إليه السياسة الإيرانية في المنطقة، مع التطورات quot;الإيجابيةquot; على خط العلاقة بين طهران وواشنطن.

خللان لم يحصلا
وكان الأسد تعهد للروس والإيرانيين أن يحدث خللًا حقيقيًا في الوضع الميداني، يقارب الحسم في أكثر من منطقة، وخللًا جذريًا في وضع المعارضة السياسي من خلال اختراقها بالمتشددين، الذين ثبت أنهم يأتمرون بأمر الاستخبارات السورية الموالية للأسد. فلا الحسم العسكري حصل، ولا القلمون سقطت، ولا حلب عادت إلى السيطرة النظامية، وهو ما دفع بالأسد إلى الانتقام منها جماعيًا بالبراميل المتفجرة، التي أودت في أيام قليلة بنحو 700 قتيل. ولا الاختراق السياسي بداعش حصل، بعدما انحسرت هيمنة التنظيم وانحصر في الرقة، حتى إشعار قريب.

كما إن توجّه المعارضة السورية إلى جنيف بوفد واحد يعارض ما راهن عليه الأسد، وهو عجز الائتلاف عن التكلم باسم المعارضة، وخروج وفود مختلفة إلى جنيف-2.

الخاسر الأكبر
بناء على ما سبق، لا يسع المراقبين إلا أن يؤكدوا أن رياح جنيف-2 قد لا تأتي كما تشتهي سفن الأسد، الذي يخاف من جنيف النووي بين طهران وواشنطن أكثر مما يخاف مما سيسفر عنه جنيف-2. فالحوار الأميركي الإيراني المستمر، والذي يقول عنه الإيرانيون إنه مقبل على حلحلة كل العقد العالقة منذ عقود، يفتح الباب أمام تسويات شرق أوسطية، وسورية تحديدًا، قد لا تصب في مصلحة الأسد شخصيًا، خصوصًا أن الزخم الروسي مع استمراره رئيسًا شرعيًا لسوريا تراجع، بفعل عوامل عديدة، لربما أبرزها الدور السعودي في quot;شراءquot; المصالحة مع روسيا بصفقات سلاح بمليارات الدولارات، أي شراء القبول الروسي بتنحية الأسد، كما ينم مراقبون أوروبيون.

من هنا يتوقع هؤلاء بروز آلية سياسية ما، متوافق عليها دوليًا، تهز الصورة الإقليمية، وتنتشلها من رتابتها، بإطلاق مرحلة سورية جديدة، ما لم تحصل أي مفاجأة ليست في الحسبان، يكون الأسد هو الخاسر الأكبر فيها، من خلال إسقاط كل أوراق التوت الشرعية عنه، بعدما فقد شرعيته منذ أول لحظة أطلق فيها الرصاص الحي على شعبه في شوارع درعا.