خاف النظام السوري من بحث الهيئة الانتقالية في جنيف-2، فرمى مسمارًا كبيرًا أمام عجلة المفاوضات، رابطًا تنفيذ أي مقررات بموافقة الشعب السوري من خلال استفتاء شعبي.
بيروت: ليس أفضل وأذكى من النظام السوري في اختراع العقبات والمعوقات أمام جهود التوصل إلى حل للأزمة المستمرة منذ ثلاثة أعوام في سوريا، متى شعر أن الحل لن يأتي في صالحه.
استفتاء الزعبي
ففي الجولة الأولى من مؤتمر جنيف-2، وضع وفد النظام السوري إلى مونترو كل ما يمكنه من العراقيل أمام التوصل إلى فك الحصار عن الأحياء الداخلية في حمص، متهمًا المحاصرين جميعًا بالارهابيين.
وقبل ذلك، تمكن بذكاء، وبدعم من روسيا، من إلغاء الضربة الأميركية ضده، بالتضحية بالسلاح الكيميائي، ليظهر في عيون العالم الملتزم بالقرارات الدولية. وكانت ذروة الذكاء عندما تمكن من اسطناع مسألة المتشددين الاسلاميين في صفوف الثورة السورية، واستخدامها في صالحه، من أجل أن يظهر للعالم بمظهر المخلص الوحيد من إرهاب القاعدة.
واليوم، ومع فاتحة الجولة الثانية من مفاوضات جنيف-2، رمى النظام، من خلال وزير إعلامه عمران الزعبي، حاجزًا آخر أمام المفاوضات الجارية، بربط تنفي اي قرار صادر عن المؤتمر بموافقة الشعب السوري عليه من خلال استفتاء شعبي.
المسمار
يقول المراقبون إن الزعبي، ومن خلف نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ما ليرمي مسمار الاستفتاء الشعبي أمام عجلة حنيف-2، الهشة أصلًا، لو لم يجزم الأخضر الابراهيمي، المبعوث العربي الدولي إلى سوريا، بأن هذه الجولة من المفاوضات مخصصة لمسألتين اثنتين، هما وقف العنف وهيئة الحكم الانتقالي في سوريا.
فوفد النظام السوري اشتم توافقًا أميركيًا روسيًا على أن يكون بند الهيئة الانتقالية مطروحًا على بساط البحث، وإلا ما كان الابراهيمي جازمًا إلى هذا الحد. ومع تذكر تصريحات روسية عديدة بعدم التمسك بالأسد رئيسًا، يحاول نظام الأسد ربط الهيئة الانتقالية ومصير الأسد بإرادة الشعب السوري، وكأن هذا النظام لا يعرف أن العالم عالم بخفايا الاستفتاءات في الدول البوليسية.
وهكذا يكون كلام الزعبي مؤشرًا على أن النظام لن يرضى بأن يخرج المؤتمر بقرارات لا توافقه.
لا مقومات
وهذا الرفض يخيف الساعين بجدية إلى إرساء الحلول السلمية للأزمة السورية، خصوصًا أن شروط الاستفتاء غير متوافرة. فالأمن غير مستتب أبدًا، وقسم كبير من الشعب السوري مهجر في مناطق أخرى، أو نازح في دول أخرى، منها ما هو معاد للنظام السوري، كتركيا. ومقومات اي استفتاء غير موجودة.
ويقول المراقبون إن النظام يعلم كل هذا، والأمم المتحدة التي ترعى المؤتمر تعلم استحالة حصول أي استفتاء في الظروف السورية الحالية، ناهيك بما يتميز به النظام السوري بقهر لحرية التعبير منذ عقود، ولهذا يتوقع المراقبون أن لا تصل مسألة الاستفتاء الشعبي السوري إلى مستوى الكلام الجدي في أروقة الأمم المتحدة.
من ناحية أخرى، لا يخفى على أحد أن الحرب في سوريا سرقت من يد النظام قدرته على توجيه الرأي العام كما كان يعمل من قبل، اي أنها لا تثق بقدرتها على إعادة الأسد رئيسًا من خلال الانتخابات القادمة، فيأتي إستفتاء الزعبي قمة في المراوغة.
التعليقات