توالت في الآونة الاخيرة مشاهد عنف دامية غير عادية على الساحة العراقية وأثارت إنتباه الاوساط الاعلامية و السياسية على حد سواء وقبل ذلك کانت و لاتزال مبعث توجس و قلق إستثنائيين من جانب الشارع العراقي الذي ينظر الى التفجيرات من زاوية التمهيد لعودة مرحلة جديدة من الاضطرابات و الفلتان الامني و إلحاق المزيد من الاضرار و الأذى بالشعب العراقي على الصعيدين المادي و المعنوي.

مشاهد العنف الاخيرة، بغض النظر عن الاطراف المتورطة فيها او حتى الداعمة لها، قامت أساسا على أرضية التراخي و السوفان السياسي الذي تشهده الساحة السياسية العراقية ولاسيما بعد قيام أطراف سياسية عراقية رئيسية بالحيلولة دون إفساح المجال للقائمة العراقية بزعامة الدکتور أياد علاوي و التي فازت في الانتخابات ولم تتمکن کل محاولات التشکيك و الطعن بالنتائج من إثبات عکس ذلك، وان الازمة السياسية التي عصفت و تعصف بالاوضاع في العراق و تسبب إرهاقا و مشاکلا و ازمات متباينة إضافية أخرىquot;بالاضافة للکم الهائل المتراکم على کاهلهquot; للمواطن العراقي، کما أن عدم نجاح الاطراف السياسية العراقية في تشکيل حکومة شراکة وطنية و السعي لإلقاء تبعات ذلك على عاتق بعضها، ساهم هو الآخر في نهاية المطاف، على المزيد من تهيأة الارضية الخصبة المناسبة جدا للتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي خصوصا تدخلات نظام ولاية الفقيه والتي تسير بسياقات مثيرة للقلق و التوجس من حيث تأثيراتها البالغة السلبية على الامن و الاستقرار في هذا البلد المتعب و المثخن بالجراح، ناهيك عن أن عرقلة و تأخر تشکيل حکومة عراقية جديدة، تدخل کعامل مٶثر بشکل سلبي جدا في إلحاق المزيد من الاضرار بالبنية الاقتصادية العراقية التي هي في واقع الامر بحاجة ماسة جدا للتعويض في مختلف الميادين لکي يتمکن العراق من إجتياز المرحلة الصعبة جدا و التي يمر بها منذ تلك الحقبة الزمنية التي مرت عليه إبتدائا من الحرب العراقية الايرانية و إنتهائا بسقوط بغداد و صيرورة العراق ساحة مفتوحة للعديد من الاطراف الدولية و الاقليمية.

ان المبادرات السياسية العديدة التي طرحت و تطرح من أجل فك طلاسم و عقد الازمة السياسية الراهنـة، والتي جوبهت کلها بأشکال و انماط مختلفة من الرفض، وکان آخرها المبادرة الإيجابية لخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي و بشهادة و تقدير مختلف الاوساط السياسية و المراقبين و المحللين السياسيين، هي بمثابة طوق نجاة للعراق لکي يخرج من أزمته الحالية، إلا ان اوساطا محددة في الساحة العراقية، وقفت و تقف دوما موقفا بالغ السلبية من أية مبادرة إيجابية تسعى لمد يد العون لإرشاد المرکب لکي يصل الى بر الامان، وانها تقف اليوم و بکل قوتها من أجل الحيلولة دون نجاح مبادرة العاهل السعودي من دون أن تفکر ولو للحظة واحدة في الآثار السلبية جدا لموقفها غير المنطقي هذا. اننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، في الوقت الذي ندعو فيه أخواننا العراقيين من مختلف الفصائل و الانتمائات السياسية المختلفة، لإعادة النظر مجددا في الاوضاع الحالية و کيف آلت الامور الى هذا المفترق و التفکير بجدية و مسٶولية أکبر و السعي لکي يتحمل کل طرف مسٶولياته التأريخية للخروج من الازمة واننا نحث العراقيين کسابق عهدنا على قطع و بتر أيادي التدخل و العبث القادمة من خلف الحدود، خصوصا القادمة من نظام ولاية الفقيه و ان الطريق الامثل لکي يتمکن العراق من إجتياز ازمته الحالية تکمن في قرار سياسي عراقي مستقل و غير خاضع لأي تأثيرات مشبوهة من جانب أعداء العراق او المتربصين به شرا.
*المرجع الاسلامي للشيعة العرب.