قرأت بأشمئزاز المقابلة التي نشرتها إيلاف مع المدعو ياسر حبيب الذي اشتهر بأثارة الفتن الطائفية بين السنة والشيعة، ولفت انتباهي سرده قصة خروجه من السجن - على فرض صحتها وليس فبركة من اجل التبشير الطائفي بالتشيع - ذكر انه بفضل شفاعة العباس بن على بن ابي طالب لدى الله خرج من السجن!

ولاأدري لماذا قسم من الأئمة الأثنى عشر لدى الشيعة فشلوا في أخراج أنفسهم من السجون طالما توجد هذه الأمكانية في التأثير على الله، على سبيل المثال :الأمام موسى بن جعفر مات في سجنه في زمن الدولة العباسية ولم تنفع شفاعته كأمام وشفاعة جده الرسول محمد؟!

تعد الشفاعة هي المبرر الوحيد لنشوء الأديان كافة، وسبب استمرارها، فقد احتاج الانسان منذ الخليقة الى واسطة بينه وبين الله، فكانت الطواطم والكواكب والألهة، ثم جاءت الاديان فأنحصرت الشفاعة بالأنبياء والأولياء، حيث كان الأنسان بحاجة الى طمأنة مخاوفه من غضب الطبيعة والمجهول، وكذلك الحاجة الى مساعدة طرف ثالث وسيط يقوم بأيصال طلباته وأمنياته الى الله.

ولو أخذنا الديانات الثلاث الكبرى اليهودية والمسيحية والاسلام.. سنجد ان مفهوم الشفاعة مفهوما مركزيا لديها : فاليهودية لديها رموزها التي تتشفع بهم الى الله، والمسيحية كذلك تتشفع بالسيد المسيح والسيدة العذراء والقدسين، والاسلام : ابناء الطائفة السنية يتشفعون بالرسول والأولياء، والشيعة بالأئمة الأثنى عشر.

ورغم انه ليس من المنطقي مطالبة جميع الناس بأن تكون علاقتهم مباشرة بالله من دون وسيط ثالث، فالمؤمنون تختلف مستوياتهم العقلية، وغالبية الناس من البسطاء لايستطيعون الإيمان بشكل مجرد بفكرة الله وحدها من دون وجود وسائط حسية مادية مجسدة للعيان تتمثل في الانبياء والأئمة والأولياء والرموز والطقوس.

ولكن مفهوم الشفاعة في حقيقته هو انتقاص واساءة كبيرة لصورة الله.. اذ انه يهبط بصفات الله الى المستوى البشري ويظهره بمظهر الأنسان الذي من الممكن تغيير ارادته وقراراته تحت تأثر بعض الأشخاص المقربين منه، وهذا بالضد من عدالة الله وعلم واحاطته بقراراته وحبه ورحمته بالناس جميعاً.

[email protected]