يوم 21 آذار هو يوم عيد نوروز الكردي، الذي صار العراقيون جميعا يحتفلون به منذ عقود، بدأ بعهد عبد الكريم قاسم.
إنه عيد الورد وإطلالة الربيع وعيد النضال من أجل العدالة.. وهو عيد الأخوة بين العرب والأكراد وبقية قوميات العراق.
عيد يمر وقد حقق الشعب الكردي مطالب كبرى بعد كل ما عاناه على مر العقود، وخصوصا في عهد صدام، وما قدمه هذا الشعب الأبي الباسل من تضحيات غالية.
ويمر العيد على العراق في أعقاب انتخابات ساخنة، لم تعلن بعد جميع نتائجها، والوضع مفتوح على العديد من الاحتمالات، لا أرى بيتها ما يريح؟
لا أدري هل الأحزاب الإسلامية تشارك الأكراد العراقيين بهجة هذا العيد؟ أم ربما تعتبرها أمرا غريبا ووافدا؟ ومهما يكن، فالأكراد العراقيون أنفسهم منهمكون في أعقاب عملية الانتخابات، ولهم همومهم السياسية وسقف مطالبهم، وثمة بعض الصراعات الداخلية، التي تستنزف القوى وربما تضعف الدور السياسي الكردي في العملية السياسية.
إن كان نوروز رمزا للنضال من أجل العدالة، فليكن هذا اليوم في كردستان العراق يوما لمكافحة التمييز والظلم ضد المرأة، ويوما للسعي لشد لحمة القوى الديمقراطية والعلمانية الكردستانية، وعزل نفوذ المجموعات السياسية الإسلامية الكردية، التي لا تؤمن بالديمقراطية، والتي تسهم، مع الزخم العشائري، في اضطهاد المرأة الكردية التي كانت مثالا للتحرر من عبودية الرجل.
وليكن هذا العيد حافزا للقيادات السياسية الكردستانية الرئيسية من اجل المساعدة في تقوية روح الإخاء العربي ndash; الكردي، ومعالجة بعض المواقف والممارسات التي تسئ إلى الروابط التاريخية بين الشعبين وكذلك بين مجموع الشعب العراقي. وأرى أن الجبهة الكردستانية مطلوب منها أن تستوعب دروس سنوات التحالف المستمر مع الأحزاب الدينية الشيعية الحاكمة، التي فرضت على العراق دستورا ممسوخا، وكان أداؤها خرابا على خراب صدام. وإذا كانت بعض ثغرات الدستور قد ترضي بعض الساسة الكرد، وأعني كيفية تحديد الصلاحيات، فإن الحقيقة هي أن الدستور ليس دستور تأسيس دولة ديمقراطية في العراق، ونعرف أن النظام الديمقراطي العلماني هو ضمان الحقوق الكردية وحقوق الأقليات، وهو الضمان ضد احتمالات ونزعات الغدر والتقلب التي عودتنا عليها الأحزاب الدينية في المنطقة.
إن القوى الوطنية والديمقراطية الكردستانية مدعوة للسعي لقيام تحالف ديمقراطي عراقي واسع في العمل لقيام النظام الديمقراطي، الاتحادي، العلماني. وأرى أيضا وجوب وضع النقاط على الحروف فيما يخص التدخل الإيراني التدميري في العراق. فنظام الفقيه عدو الكرد والعرب معا، وهو يسوم أكراد إيران كل عذاب وظلم، ولا يعترف بحقوق القوميات. وإن أية علاقات ماضية؟ لا ينبغي أن تكون عائقا عن قول الحقيقة لصالح العراق وكردستان العراق ولصالح الشعب الكردي في لإيران. فالتخريب الإيراني ليس هو سبيل قيام علاقات حسن جوار ودية بين البلدين.
أخيرا، ومع احترامي لرأي السيد الهاشمي، فإنني أرى، وبإنصاف، بأن الأستاذ جلال طالباني قد برهن خلال رئاسته على حرصه على مصالح العراقيين أجمع، ولعل إعادة انتخابه للرئاسة ستكون موضع قبول ورضا معظم العراقيين والعالم الخارجي.
تحية وأطيب التهاني لشعب كردستان، ولكل الشعب العراقي، في عيد نوروز الأغر.