أولا، وقبل ان اجيب على السؤال أقول بأني لم اترشح لنيل الجائزة الخاصة بالرواية العربية المعروفة باسم البوكر ثم رفضتها، بل ما قصدته هو أني رفضت ان أسجل اسمي عن رواية لي بعنوان quot;ليلة واحدة في دبيquot; ضمن الاسماء التي ترشحها كل دار نشر عن كتابها. ثانيا، اؤكد على احترامي الكبير لجائزة quot;البوكرquot;، بل وأرى انها واحدة من افضل الجوائز العالمية في الرواية، كما احترم الجهات والمؤسسات التي تقف ورائها.
رغم ذلك رفضت الترشح لهذه الجائزة لسببين:
السبب الأول ان الترشح لجائزة ما يشبه في نظري تسوّلها. فالكاتب يقضي نصف عمره يكتب قبل ان يبدأ عملية تسول لناشر ينشر له، ثم اعلام يكتب عنه، ثم قارئ يقرأ له. وهذا يعني ان نصيبه من التسول قد استوفي بكامله، ولا حاجة به لتسول شيء آخر.
و ان ارتأى البعض أهمية حصول الكاتب على جائزة تقدر عمله فمن الأفضل ان يكون ترشيحه من قبل لجنة الجائزة دون ان يتقدم هو بذلك بل وحتى دون علمه. فعدد دور النشر في العالم العربي هو رقم هزيل، والاصدار الروائي كل عام اكثر شحوبا من العام الذي يسبقه ما يسهل عملية الاختيار.
السبب الثاني لرفضي الترشح هو ان أعظم جائزة يتلقاها الكاتب هي ان يكتب. فإن كان الانسان يسعى لتحصيل المال كوسيلة غايتها تحقيق سعادة اكبر، وان كان يستلذ الطعام كوسيلة غايتها تحقيق لذة عظيمة، فإن السعادة في الكتابة تكمن في الكتابة ذاتها. أي انها الوسيلة والغاية معا. أما ان يصبح الكاتب أسير جائزة يترقب مصيره معها فما ذاك بأدب كما اراه.
اضيف سبب أخير وأقول انه لا ينبغي على الكاتب ان ينتظر تقييم لجنة من خمسة او عشرة او حتى الف ناقد او أديب او مسؤول لفكره وقلمه، ذلك ان التقييم الصحيح والدقيق هو احساس الكاتب بصدق ما كتب، وإيمانه به سواء رضي النقاد ام لم يرضوا. الكاتب هو مرآة نفسه، وجائزته تكمن تحت يديه، إنه القلم والورقة البيضاء والحرف. ان جمع بينهما فتلك الجائزة العظيمة. وقد اشرت في اكثر من حوار ومناسبة الى ايماني بأن الكاتب العظيم هو الذي يتحلى بأكبر قدر من الانانية في ارضاء ذاته أولا، إن فعل ذلك فسينجح طالما هو مؤمن ومقتنع بكل كلمة خطّها.
وأختم هنا بعبارة لبرنارد شو quot;قد اغفر لنوبل اكتشافه للديناميت، لكني لن اغفر له ابتكار جائزة للأدبquot;.


[email protected]