يحتفل العالم المسيحي هذه الأيام بعيد الفصح. وهو العيد الأكبر في المسيحية. إنه يماثل تماما عيد الاضحى لدينا، ومن بعده عيد الفطر. وفي العيدين نجد من يشاركنا المباركة والتهنئة وخاصة قادة المسيحية، ابتداء من الزعيم الامريكي وانتهاء برئيس الحكومة البريطانية ومرورا ببابا الفاتيكان.
لماذا يبارك الغرب وقادة المسيحية أعيادنا ويهنئوننا عليها ولا نسمع زعيما مسلما واحدا يبارك للمسيحيين اعيادهم؟
أطرح هذا السؤال وأنا أفكر في موجة الحماس الملتهبة التي انطلقت في العالم الاسلامي في الأعوام الماضية تحث الخطى نحو حوار اديان مع الغرب، فجائت ثلاث مبادرات، او لنقل ثلاثة مسارات لهذا الحوار، واحد من السعودية، والثاني من الاردن، والثالث من مصر بقيادة الازهر.
لن اسأل الى اين انتهت هذه المبادرات، لكن ان كان الحوار مع الغرب مطلبا اساسيا فإن تهنئة هذا الغرب بأعياده يمكن ان يكون رسالة بادرة حسن نية، وتأكيد على ان الحوار الذي سرنا في دربه هو خيار لا رجعة عنه.
لكن هل هو فعلا خيار لا رجعة عنه؟
انطلقت مشاريع حوار الاديان مع الغرب بعد احداث سبتمبر. نعم، كانت هناك مبادرات اكثر قدما، لكنها كانت تموت سريعا وتدفن في ادراج المحافل الدينية قبل ان ترى النور. محافلنا ومحافلهم. فبقدر ما كان هناك عقلاء في الغرب يشجعون على حوار الاديان، بقدر ما هناك مجانين يعارضونه. وبالمثل هو الأمر لدينا، هناك من يؤيد ومن يعارض حتى اليوم. لكن مبادرات اليوم تقف مكانها لا تتحرك في أي اتجاه. وهذا يجيب على سؤالي عن كونها خيار لا رجعة عنه، لأقول بأن رغبتنا في حوار اديان حقيقي مع الغرب هو رد فعل لا فعل حقيقي. أي انه اتى خوفا من غضبة الغرب علينا بعد سبتمبر لا ايمانا بأهمية الحوار. أردنا أن نقول للمارد الغربي هدئ اعصابك، نحن آسفون، نريد ان نتحاور معك لنفهمك وتفهمنا، ان نزيل سوء الفهم بيننا، ارجوك انتظر... كانت تلك رسالة لم تخل من استعطاف. وفي قناعتي ان خوفنا من الغرب كان يقابله خوف غربي مماثل من افكارنا وديننا وتطرف بعضنا. من اجل ذلك وجدنا ارضية مشتركة يمكن ان نتحاور فوقها دينيا. هكذا بدأنا المشوار بسرعة كبيرة، ثم لم تلبث الفاقلة ان ابطأت، وأراها اليوم تقف.
إن كنا نطالب الغرب بالعقلانية، فالنكن عقلانيين بالمثل. وليثبت العالم الاسلامي ان مواقفه افعال ثابتة لا ردود افعال. لنهنئ المسيحيين في اعيادهم وكل مناسباتهم كما هم يفعلون معنا. وإن قال احد إن الغرب هو مجامل كبير لا أكثر، فلنجامله نحن إذا ونهنئه. ذلك ان المجاملة في حد ذاتها تحمل قدرا من الاحترام للآخر مهما كان هذا القدر متواضعا. وإن كان ديننا يقول إن في الكلمة الطيبة صدقة، فما بالكم بالتهنئة الطيبة؟
- آخر تحديث :
التعليقات