ليس هناك شك في ان نشوء المنظمة الدولية منذ اربعينات القرن الماضي شكل منعطفا هاما في العلاقات الدولية وارسى اطارا قانونيا لهذه العلاقات بحيث اصبح من المحرم على الدول تجاوز هذا الاطار الامر الذي ساعد على استقرار العلاقات بين الدول وتقليص النزاعات المسلحة الى الحد الادنى.

لكن الامم المتحدة التي اوجدت النظام العالمي الجديد لم تحقق كل امال البشر فهي منظمة للدول لا للاشخاص وليس بامكانها مساعدة الناس العاديين الا بحسب ما تقتضيه الانظمة الداخلية للدول حيث بقي نشاطها قاصرا على تقديم المعونات في حدود الازمات والكوارث العالمية.

ولعل اكبر نقطة ضعف للمنظمة الدولية وربما ايضا يشكل في بعض اوجهه خرقا للقوانين الانسانية انها تجامل بعض الدول المنتهكة لحقوق الانسان فهي تحوي من بين اعضائها دولا لا تعترف بابسط الحقوق الانسانية ومع ذلك تتمتع هذه الدول بكامل العضوية في الامم المتحدة.

ان هناك حاجة ماسة لتجاوز هذه العلاقة الصارمة بين الدول والمنظمة الدولية فحتى لا تعطي هذه المنظمة الشرعية للانظمة الفاسدة والدكتاتورية يجب ان تنشا منظمة ذات بعد شعبي اي تنزل الى مستوى الافراد العاديين من خلال انتخابات حرة تجري في جميع انحاء العالم ويكون لهذه المنظمة سلطة تفوق سلطة الدول على الاقل في امور محددة كحقوق الانسان مثلا ومكافحة الفقر والكوارث الطبيعية... الخ.

ان بقاء الامم المتحدة على شكلها الحالي هو اكبر ضربة يمكن ان توجه للحقوق الانسانية لان الكثير من الدول تجد في هذه المنظمة الحماية والسند في ازاء المطالبات الانسانية وليس بمقدور الامم المتحدة تجاوز الاطار القانوني في علاقتها مع الدول لانها لا تملك ما يؤهلها لذلك.