المشاكل والمعاناة التي تحصل لأخواننا أقباط مصر.. حصل مثلها لليهود والمسيحيين والصابئة في العراق، وكذلك لمسيحيي لبنان، فالمحرك لهذه المشاكل والأزمات ليس وجود الأختلاف الديني بينهم وبين المسلمين، وانما الدافع الحقيقي لجميع ما يحدث هو مشاعر الحسد من نجاحاتهم وتميزهم!

فقد كان يهود العراق في مقدمة ابناء المجتمع العراقي في النجاح الأقتصادي والتميز الثقافي والعلمي والفني... مما جلب ضدهم مشاعر الحسد التي تحولت الى حقد عنيف تُرجم على شكل أعتداءات على كرامتهم وأرواحهم وممتلكاتهم، ونفس الشيء يحدث مع المسيحيين والصابئة حاليا في العراق الذين تميزوا بتحقيق النجاحات الاقتصادية وغيرها، وبسبب هذا أصابتهم لعنة الحسد ويتعرضون حاليا للقتل وسرقة ممتلكاتهم.

وفي لبنان كان المسيحيون ألاكثر تعليما وثقافة وتنظيما ونجاحا اقتصاديا.. فتحركت مشاعر الحسد ضدهم وشيئا فشيئا تفجرت على شكل عدوان حاول إبادتهم لولا صمودهم البطولي ودفاعهم عن أنفسهم.

والأمر يتكرر مع الأقباط فهم يتفوقون في مصر في التعليم والأمور الأقتصادية في مجتمع يعاني من الفقر والبطالة وفبحسب قوانين الصراع والنفس البشرية.. لابد ان ينتج عن الأكثرية مشاعر الحسد ضد الأقباط، ويتم تغليف هذه المشاعر بستار الخلاف الديني والحق والمباديء، وهكذا تستمر دائرة الصراع التي يغذيها الحسد والحقد الذي يشحن نفسه بمبررات دينية زائفة.

ولاأريد أن أكون متشائما.. ولكن السياق الطبيعي للصراع الذي يعيشه الأقباط بحسب تجارب التاريخ مع الحالات المماثلة سوف يتصاعد ضدهم ويتحول الى عنف دموي وتحصل مجازر بشعة، ومعروف ان قسوة مشاعر الحسد أقوى من أية مشاعر أخرى بما فيها مشاعر التعصب الديني، فكيف الحال اذا أمتزجت مشاعر الحسد والتعصب الديني معا واتحدت ضدهم!

وعلى الأقباط التعلم من درس العراق ولبنان.. فقد تعرض المسيحيون هناك الى الاعتداءات والقتل... ومع هذا لم يتحرك العالم لأنقاذهم.. لهذا على الأقباط التخلي عن أوهام مساندة العالم لهم التي لاتتعدى حدود البيانات فقط، وبرأيي ان امام الأقباط أربعة حلول هي :

أولا: أنتظار حصول معجزة تطور المجتمع وان تسود في مصر العدالة والمواطنة... وهذا مستحيل حتما ً.

ثانيا : اقامة دولة قبطية مستقلة... وهذا أمر مستبعد في الأفق المنظور.

ثالثا : الرضوخ للأمر الواقع والقبول بالعذاب... وهذا خيار مؤلم جدا.

رابعا : مغادرة مصر بشكل جماعي والعيش في بلدان العالم المسيحي بهدوء وكرامة... وهذا حل يصعب تطبيقه بصورة جماعية من قبل كافة الأقباط.

من المؤسف عدم وجود حلول جاهزة وجذرية لمشكلة الأقباط، واوضاعهم هي جزء من أوضاع العالم العربي، ويبدو انه ( قدر الجغرافية ) ولست أدري اذا كان بالأمكان تغيير الأقدار.

ختاما : أقترح على أخواننا الأقباط.. تركيز جهدهم الأعلامي في الخارج على المطالبة بحقوق الأنسان فقط، والإبتعاد عن الخوض في أمور الدين ومحاولة البحث عن عيوب الاسلام ونقد عقائد المسلمين بشكل جارح للمشاعر مما يدخلهم في دائرة التعصب الديني وتكرار أخطاء بعض المسلمين معهم.

[email protected]