بعد أحداث الفتنة الطائفية المتلاحقة في مصر والتي باتت من الكثرة التي يصعب علي أي فرد ملاحقتها ومتابعة أخبارها، وكالعادة لم تجد الحكومة المصرية غير سبيبن للفتنة لا ثالث لهم أما الفاعل مجنون أو أنها مؤامرة من الخارج، ولا يخجل النظام المصري من أن ينسب كل شئ للموساد الإسرائيلي وكأن مصر أصبحت كرة يستطيع ركلها الموساد الإسرائيلي حينما يشاء!!!، وأنا أعترف أن تفجيرات الإسكندرية مؤامرة خارجية نفذت بالتعاون بين التطرف الشيعي والتطرف السني بقيادة القاعدة وبأيدي مصرية مائة بالمائة من أجل تأديب مصر لمساندتها للإمارات والبحرين ضد التهديدات الإيرانية، ولكن قبل أن نلقي اللوم علي الخارج تعالوا نحاسب أنفسنا لنعرف من يتآمر علي مصر.
لقد بدأت خيوط المؤامرة الحقيقية منذ تولي عبد الناصر والعسكر على الحكم في مصر، لينهوا أجمل الفترات الليبرالية التي عاشتها مصر بل والمنطقة، وبدأ مخطط تفريغ الشرق الأوسط من مسيحي الشرق ونسجت خيوط المؤامرة في المؤتمر الإسلامي في منتصف خمسينات القرن الماضي والذي مثل مصر فيه السادات والذي تعهد للمتآمرين بأنه سيعمل علي إدخال الأقباط الإسلام أو الرحيل عن مصر، ومن تبقي منهم سيكون ماسح أحذية!! هذا ما وعد به ممثل مصر في ذلك الحين.
ثم يمر التاريخ ويتولى السادات الحكم ولم يجد غير اليمين الإسلامي حليفا له ضد اليسار، فقام بإخراج رموز التطرف من السجون والجلوس معهم والسماح لهم بالجلوس علي مائدة الحكم، وافق بالطبع اليمين ولكن بشروط قاسية علي الوطن فرأينا قوانين حرمان الأقباط من معظم الوظائف الهامة والغير هامة بالإضافة لغض بصر الدولة عن الجرائم التي يرتكبها هؤلاء ضد الأقباط.
ثم يأتي عهد مبارك ويزداد الأمر سوءا فيتوحش اليمين المتطرف أكثر ويبدأ في العدوان علي ممتلكات الأقباط وأرواحهم بشكل منظم وارتكبت مذابح صنبو وديروط وأبو قرقاص وغيرهم والنظام يغمض عينية ويخدع العالم بأنها حوادث فردية، ثم تكشر الدولة عن أنيابها عندما بدأ التيار المتطرف في اغتيال شخصيات هامة في النظام وضرب قطاع السياحة.
دعونا نقف وقفة رجال مع أنفسنا لنعترف أننا نحن وبأيدينا صناع المؤامرة علي الوطن، دعونا نعترف بأخطائنا التي صنعناها في حق الوطن، عندما شاركنا الغير في مؤامرة إخلاء المنطقة من المسيحيين كنا نتآمر علي مصر، وعندما وضعنا الدين كمعيار لشغل الوظائف دون الكفاءات، وعندما ملأنا المناهج التعليمية بالسموم التي تحقر من الأخر والتي ترفض الأخر، وعندما فتحنا وسائل الإعلام الرسمي لدعاة التطرف فراحوا يبرحون ويصولون ويجولون حتى ملأت أفكارهم عقول الشباب. وعندما لم نحكم بالعدل في القضايا التي يرتكبها مجرمون ضد الأقباط حتى أصبح الحكم معروف مسبقا وهو يفوق حلم أعظم المحامين إنها البراءة أو حكم مع إيقاف التنفيذ في قضايا قتل ومذابح ونهب وسرقة!!!!! فكان ذلك بمثابة التشجيع علي ارتكاب جرائم أكثر ضد الأقباط، الأمر الذي جعل البعض يشكك في الحكم بإعدام الكموني أنه جاء نظرا لوجود قتيل مسلم وإلا فلماذا لم يعدم شريكيه؟. وعندما قمنا بالمماطلة في طلبات الأقباط والتي في الحقيقة لست طلباتهم بل هو ما جاء به تقرير العطيفي الموضوع في الأدراج ما يقرب من أربعين سنة، وعندما قمنا بتخوين الصوت القبطي الوطني الذي يطالب بما جاء في تقرير quot;العطيفيquot; ليس أكثر، وبدل من أن نسمع لصوت الضمير الوطني أتهمنا هذا الضمير الحي بالعمالة والخيانة والإستقواء بالخارج!!!. وعندما منعنا صدور كل القوانين التي قد تساهم في حل المشاكل الطائفية بينما سارعنا في سن القوانين الطائفية فقانون إعدام الخنازير لم يستغرق أكثر من أربعة وعشرين ساعة.
لماذا لا نقف مع أنفسنا أولا لنحاسب أنفسنا علي أخطائنا في حق الوطن ونعترف أننا نحن المتآمرون علي الوطن ونحن الذين صنعنا المؤامرة بأيدينا، ومازلنا نتآمر علي الوطن بسد أذاننا عن صوت الحق وإغماض عيوننا عن الحقيقة، في النهاية لا أجد أمامي إلا ما قلته للقنصل المصري بمونتريال عندما حضر إلينا في مدينة مسيسوجا وقبل أسبوع واحد من حادث الإسكندرية، قولت له أنكم كنظام ليس لديكم مجرد النية علي حل مشاكل الأقباط ولو لديكم النية لفعلتم!!!
التعليقات