قد لا أكون مغاليا إذا قلت أن ظاهرة الفساد المتفشية في العراق ربما ستكون من اخطر الأمور التي ستواجه الواقع السياسي في البلد لا سيما ببروز ظاهرة الثراء الفاحش للسياسيين مقابل تفشي حالة الفقر والحرمان في أوساط كبيرة من الشعب.

ولقد مثلت الانتفاضة التونسية الأخيرة خير مثال على تأثير ظاهرة الفساد ودورها الخطير في زعزعة البنيان السياسي لأي بلد حيث شاهدنا كيف نادى العاطلون بحقوقهم وواجهوا بقوة سطوة النظام وجبروته رغم ما قدموه من ضحايا وما واجهوه من عنف.

ورغم أن وضع العراق ليس كوضع تونس بحكم الفروق الاجتماعية والثقافية إلا أن تطور الوضع على غرار ما حصل في تونس لن يكون بالأمر البعيد إذا ما استمرت ظاهرة الفساد بالتصاعد واستمر تكدس الثروات بيد السياسيين بفعل ما ينالوه من منح ورواتب مجزية.
إننا لا ننكر الجهود المبذولة من قبل الحكومة وهيئة النزاهة وسواها من المؤسسات المدنية للحد من ظاهرة الفساد ولكن ما نحتاجه اكبر بكثير بعد تجاوز الفساد حدوده المعقولة والمؤشرة عالميا.

إن ما نتمناه هو أن يلتفت السياسيون إلى هذه الظاهرة الخطيرة ويولوها العناية اللازمة وان يقللوا من الامتيازات والرواتب التي يحصلون عليها من خلال مناصبهم السياسية فبدون ذلك ربما لن نكون قادرين على الحفاظ على مكسب الديمقراطية لان الديمقراطية لا تدوم مع الفساد.