لم تکن عودة السيد مقتدى الصدر مفاجئة کما تصورتها او وصفتها العديد من الاوساط السياسية و الخبرية، وانما کان أحتمالا قائما خصوصا خلال الاشهر الماضية لکن الذي جعله يتأخر بعض الشئ هو توسم النظام الايراني ان تبدي الاطراف الدولية المتفاوضة معها قدرا أکبر من المرونة و التساهل، ذلك أن للنظام الايراني ولع خاص بالاحتفاظ برصيده من أوراق اللعب و الضغط التي بمعيته حد الامکان و عدم التفريط به إلا عندما يضيق به الحال او يشتد عليه الخناق، لکن، ومع تزايد الاصوات الدولية المطالبة بحسم الموقف مع النظام الايراني و وضع النقاط على الحروف و بعد أن تقاربت العديد من وجهات النظر الدولية المتباينة بخصوص الملف النووي الايراني و إلتقت معظمها عند نقطة التهديد الجدي الذي يمثله النظام الايراني لأمن و استقرار المنطقة بشکل خاص و العالم بشکل عام، وجد نظام ولاية الفقيه ضرورة أن يکشف أحدى اوراقهquot;الحيويةquot;الاخرى خصوصا وانها تتزامن مع إعادة فرض السيد نوري المالکي کرئيس لوزراء العراق على الرغم من هزيمته الواضحة في الانتخابات السابقة، حتى يجعل أبعاد الصورة في العراق مطلية بالالوان التي يبتغيها هو وليس الشعب العراقي او حتى العرب و العالم بأسره، وحتى لو أعدنا النظرة للوراء للاحظنا تزامن خروج الازمة السياسية العراقية من عنق الزجاجة مع إشتداد الضغط الدولي على النظام الايراني وبشکل غير عادي مما دفعه لکي يخطوquot;وفق ر?يته الضيقةquot;خطوة إيجابية للأمام على الصعيد العراقي. وهي خطوة کما نعتقدquot;ملغومةquot;وquot;مطلسمةquot;بمختلف الاحاجي و الالغاز التي قد تم وضعها او التخطيط لها في الاقبية الخاصة، وان الاصرار على تصفية ملف معسکر أشرف خلال هذا العام مثلا، هو واحد من تلك الاحاجي و الالغاز التي يکتنفها ذلك الطلسم.

ان ذلك التهويل غير العادي لعودة مقتدى الصدر للعراق من إيران بعد غياب عدة سنوات و الدعوة التي أطلقها للمقاومة ضد قوات الاحتلال الامريکي، رسالة بليغة موجهة للعرب و أمريکا بوجه خاص مفادها بأن مقتدى الصدر قد باتquot;صناعة إيرانيةquot;قلبا و قالبا وان ماکان النظام الايراني يرنو إليه من جعل شيعة العراق قنبلة م?قتة بيده يستخدمها ساعة مايشاء، يبدو انه يريد التلويح من خلال تصريحات الصدر الآنفة بهذا الاتجاه مما يعطي أيضا إنطباعا لتطور المشروع السياسي الامني الايراني في العراق خطوة استثنائية للأمام، وعلى الرغم من کل ذلك الزرق و البرق الذي رافق تفسير و تأويل و تحليل تصريحات مقتدى الصدر، لکن الامر الواضح بنظرنا هو ان النظام الايراني قد أراد أن ي?کد من خلاله على قوة دوره و حضوره في العراق وانه يريد ان يساوم کافة الاطراف على هذا الاساس.

اننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، في الوقت الذي ن?کد فيه على ضرورة العمل و الجهاد لإخراج القوات المحتلة من العراق و نعتبرها فتوى شرعية تقر بها مختلف الشرائع و يصادق عليها القانون الدولي و المنظمة الدولية بحد ذاتها، فإننا نرفض أيضا تسييس و تجيير فتوى الجهاد هذه من أجل مصالح مشبوهة لاترتبط من قريب او بعيد بمصالح الشعب العراقي واننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، ننظر للمقاومة التي أطلقها مقتدى الصدر بوجه قوات الاحتلال هي مجرد قرار سياسي موجه اساسا ضد العراق و العروبة معا و فرض وأملي عليه في طهران واننا ندعو أخواننا من شيعة العراق الى عدم الانجرار خلف هذه المزاعم المشبوهة و الحذر من أن تنطلي عليهم اللعبة المشبوهة التي خطط لها نظام ولاية الفقيه وان يبتعدوا قدر الامکان عن کل جهد او عمل تصب مصلحته او غاياته النهائية في سلة النظام الايراني.

المرجع الاسلامي للشيعة العرب.