حديث البعض المعارض في الجزم بعدم وقوع حرب اهلية في سوريا لايقنعني. التأكيد على ان quot;الشعب السوري لم يشهد في تاريخه اية صدامات مذهبيةquot; وظل متوائما متوافقا وquot;سمنا على عسلquot; مجرد كلام وخطب. لاريب في ان الكثير من السوريين مطلعون على quot;بعضquot; الموروث الشعبي لكل فئة ومايختزنه هذا الموروث من خوف وتوجس حيال الفئة الاخرى. العراقيون أكدوا قبلنا على quot;وحدة الشعب العراقيquot; وحللوا في ان هذا الشعب لن يدخل في حرب أهلية مهما حصل، بل وقالوا بان عشائرا واحدة مقسمة بين طائفتين ولن تتحارب مهما حصل، وظلوا يكررون هذا الكلام وquot;الفرق المسلحةquot; وquot;الفيالق الطائفيةquot; تدق رقاب المئات من الابرياء وتقتل على الهوية كل يوم.

سوريا تشبه العراق كثيرا.

هناك تحول طرأ في مسيرة الثورة الشعبية السورية، وحصل ذلك بسبب عدة عوامل منها استطالة مدة الثورة وقمع النظام الذي لايٌحتمل والتدخل الاقليمي.

عندما لفظت الثورة quot;الجيش السوري الحرquot; والذي ٌشكل كتائب quot;عمر بن الخطابquot; وquot;معاوية ابن ابي سفيانquot; وغيرها، وهي اسماء لها دلالات طائفية بحتة، وردت بquot;المثلquot; على فرق الشبيحة والامن وعناصر الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، وصار العين بالعين، دخلنا في بداية المواجهات المذهبية. وجاء التدخل الايراني والتركي والعراقي واللبناني ليكمل المشهد. الايرانيون ارسلوا خبرائهم وعناصر quot;الحرس الثوريquot; لمؤازرة النظام. ويٌقال بان كل من quot;حزب اللهquot; اللبناني وquot;جيش المهديquot; العراقي فعلا الأمر عينه. تركيا اصطفت مع تنظيم الاخوان المسلمين السوري واغدقت عليه الأموال والمعلومات ورسمت له خطط التحرك سياسيا وعسكريا، فبات موقنا بالنصر وبانه سيكون الحاكم القادم لدمشق، ووعد الاتراك بحكم يشبه حكم quot;العدالة والتنميةquot; او حكم quot;النهضةquot; التونسي على اقل تقدير!.

تركيا تقنع الاخوان بالتشدد والعمل على اقصاء غيرهم والتصدي للكرد ( اعدائها التقليديين) وايران وquot;حزب اللهquot; والقوى الشيعية العراقية تدفع النظام السوري للتشدد والمضي قدما في القمع والقتل، وتوهمه بان الحراك قد خفت وانها quot;شدة وستزولquot;، وانهم مع النظام في خندق واحد اذما تجرأت اطراف اقليمية او دولية وشنت حربا عليه ( انظر: زيارة جنرال ايراني بارز لدمشق عقب تصريح الاخوان المسلمين حول قبولهم بالتدخل العسكري التركي في سوريا).

للأسف سوريا اصبحت ضعيفة الان ومطمعا لكل من هب ودب. النظام هو المسؤول الاول. هذا النظام القاتل يهمه فقط الكرسي وان يبقى على عرش السلطة يمارس الحكم المطلق. اما تركيا فتريده ضعيفا ذليلا ان بقى، او الاتيان بحليف عميل ينفذ كل كلامها ويشن قمعا ضد فئات سورية اخرى معينة وكالة عنها. حليف يحتكر صوت quot;الاغلبيةquot; ويمارس الوصاية عليها ويجعل من خطابه معاديا للاقلية لانها quot;حكمت اربعين عاما وحرمت الاغلبية من حقها في الحكمquot;. أي منطق كارثي هذا؟.

لايبدو ان الازمة الراهنة ستنفرج عن قريب. وتركيا لن تتدخل والنظام قوي قادر على الرد الموجع. من المؤكد بانها ستدعم quot;الجيش السوري الحرquot; وتعمل على تقويّته وربطه بها. أما بشار الأسد فلن يتوقف عن اصدار أوامر القتل والسحق، بالموازاة مع استمرارالمراوغة مع الجامعة العربية.

السوريون امامهم شتاء طويل دامي، يبدو انهم سوف يقولون فيه كلاما كثيرا حول quot;وحدة الشعب السوريquot; وquot;تحريم الحرب الاهليةquot; وquot;الاخاء التام بين الطوائفquot;، بينما تخطط ايران وحلفائها كيف تحمي النظام في دمشق من الانهيار مهما كلف ذلك من دماء، وتخطط تركيا كيف تستحوذ على سوريا وتمد حدودها الى مابعد دير الزور وتٌلحق مناطقا في حلب والحسكة بها، ستسميها بquot;المناطق العازلةquot;، تحت ذريعة quot;ايواء المدنيين وحمايتهمquot; بموافقة من بعض المعارضة البائسة وبفتوى شرعية من جماعة الاخوان المسلمين العتيدة!!.

[email protected]