العديد من العوائق تقف في وجه ثورة التحرير في سوريا والتخلص من السرطان البعثي.والاحتلال الأجنبي أسهل من الاستبداد الداخلي.
ويمكن نقل مفاهيم الطب إلي هذا المصطلح؛ فنقول أن الاحتلال يشبه الالتهاب الخارجي؛ مؤلم وسريع البدء والزوال وواضح وسهل التخلص منه.
أما الاستبداد فهو يشبه السرطان بطيء التطور غير مؤلم ولا يتفطن له صاحبه غدار كفاية والعلاج فيه يقترب أحيانا من الاستحالة؛ فتموت الأمم من علته، حتى يكتب لها الحياة من جديد.
والشعب السوري مع السرطان البعثي قد وصل إلى حافة الموت الاجتماعي، وتفتت عناصره مثل حبات الرمل بدون تماسك ومسك للماء فلا ينبت زرعا ولا ضرعا.. وطن الكل فيه يكره الكل.. والكل يرتاب في الكل.. والاحتقان منذر بحرب أهلية مبرمجة، تماما كما يفعل السرطان..
ومن أخطر عوائق التغير في سوريا ثلاث أو أربع أمور:
الورقة الطائفية...
وعدم حيادية الجيش...
وجهاز الرعب عفوا الأمن بتسع عشرة رأس مثل تنين الأساطير من فروع لانهاية لها تحصي دبيب كل نملة وطنين كل نحلة منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص...
والإعلام فالجزيرة لا تنبس ببنت شفة عما يحدث وهو أمر مريب يقول لنا أن نتمتع بعقل نقدي في رصد الأحداث فلا نفرح كثيرا مع تغطية الجزيرة لما حدث في مصر وسوريا ؟
وكلها جبال راسيات، فعلى الناشطون الأحرار حساب كل ورقة وإيجاد الترياق لهذا المريض الخبيث الذي يعس في مفاصل الوطن السوري..
وعلينا وضع
خمس أمور تطالع المتفرج على شاشات التلفزيون مع انفجار ثورة مصر، وهي حالة تذكرني بأيام ثورة إيران فقد انشد الناس إلى الشاشة يومها وتركوا طعامهم وشرابهم وأنسهم، وهم يتفاءلون خيرا من ثورة إيران، قبل أن يلتهم الملالي ثورة شريعتي مثل أفعى اناكوندا قرد غافل، وتقتل ناديا في مظاهرة اعتراض على الشاه الجديد بعمة سوداء، برصاصة قناص لأنها قالت لا، وحتى رأينا مذابح كربلاء خمسة وستة وسبعة، بقرابين بشرية تجاوزت مليون شاب سفح دمه باسم القادسية والحسين، كما فعل من يحتفل بتقسيم السودان وهو ينفطر الانفطار العظيم، فبعد أن أرسلوا إلى الآخرة مائة ألف شاب سوداني بدعوى الجهاد وفتوى الترابي وشيخ الإسلام، ومعها مائة مليار دولار يحتفل ويبارك بأريحية غير عادية للسودانيين ومعها كير بقبعة سوداء تغطي ثلاثة رؤوس أنه مسرور بانفطار السودان.. وهو أول الغيث قطرة وأول الوضع عصرة.. لا ندري فقد يصبح السودان عشرة ويأتي بالعصا ملوحا بها بالبركة؟؟ لا ندري..
من يشاهد قناة العربية وقناة الجزيرة يكتشف أن هناك روح مختلفة بين الشاشتين فهنا روح السلطة وهناك أي الجزيرة روح الأمة؟
بنفس الوقت يكتشف من يمارس التحليل النقدي أنها القناة الوحيدة التي يمكن أن يشم منها الأخبار الصادمة الموجعة هي من الجزيرة؟
والأمر الثالث يكتشف أن قناة الجزيرة تحولت إلى ديناصور لاحم يلتهم الحكومات والشخصيات بأنياب لا ترحم؟ والويل لمن تناولته (يقول المثل السوري تجيب أجلو)، ولعل قناة الجزيرة حققت نصف نجاح ثورة مصر وتونس إن لم أكن مخطئا، شاهدا في أثر الإعلام في تحريك الناس.
ولكن رابعا يقع في شيء من الحيرة؟ وهو السؤال الذي وجهته أنا للمفكر القطري الأنصاري كيف أفهم كل هذا التناقض؟ في قناة الجزيرة في بلد يعيش نظام قرون أوسطي، بقاعدة أمريكية، واحتفاء سري بالعناق لبنت مؤسس حركة الهاجانا ليفي المشهورة التي سألتها مجلة در شبيجل يوما ماذا تقولين عن تفجير الفلسطينين أنفسهم وإسرائيل؟ أجابت بحدة وصرامة لو كنت مكانهم لفعلت؟ فبهت الذي سأل؟
هذه اللقطة الفريدة لبنت مؤسس الهاجانا الصهيونية أظهرت جريدة المساء المغربية منظرا غير سار للأميرة الصهيونية مع أمير قطر في سلام وشبه عناق؟
ويبقى الأمر الخامس وهو السكوت المذهل عن إيراد خبر عن النظام السوري البعثي وهو من أشرس أنظمة المنطقة ظلما وجبروتا ربما فاق حتى صدام في بعض سلوكياته؟
فكيف نفكر هذا الصمت المطبق والسكوت المذهل عن قناة الجزيرة المهتمة بالأخبار الموجعة الصادمة في كل زاوية في العالم العربي؟
جاءتني هذه القصة عما حدث لسهير الأتاسي الصحابية الجديدة عما جرى معها في ذكرى شهداء يناير لثورة مصر فأرادت المشاركة بإنارة الشموع لأرواحهم لنسمع قصص المخابرات والحشاشين والخناجر في وجه الحرية.. إنها تذكر بالمناضلة البورمية (عفوا من الألفاظ العامية المحلية السورية التي جاءت بها الرسالة؟)
)قال شموع .. قال
من بلاد المقاومة والممانعة
البارحة تهجّموا علينا باعتصام الشموع التضامني مع أحرار مصر....
يللي هجموا علينا بالشارع عرّف عن حاله أنه بلطجي وقال أنه بشار الأسد رئيسنا وهو ويللي معه قال إذا ما بتنقلعوا من هون روحوا على مصر..، بعدين هجموا وبلّشوا الضرب..
كنت عم صوّر.. وكان واحد رح يكسر الكاميرا
كان معهم اثنتين.. صاروا يسبّونا بكلمات رذيلة.، ووحدة خلعت قشاطها وبلّشت ضرب بالقشاط..
الشرطة عم تتفرج.. لأنه معروف أنه هيدول أمن..، رحنا عالأمن وقلتلهم بدنا نقدّم شكوى أنه الأمن أرسل زعرانه للتعرّض على المعتصمين وأنه الشرطة صمتت ووقفت تتفرّج..، صاروا يغيبوا ويرجعوا... وبعدين طلبوا من البقية يللي معي يطلعوا.. أنه قال بدهم يسمعوا مني بس..، عزلوني في غرفة وحدي...
في مخفر الشرطة تعرّضت للضرب من رجل أمن جاء بعد نصف ساعة.....، إجا رجل الأمن مع اتنين وأغلق الباب..
وبلّش شتائم شي بعمري ما سمعته...، وأنه أنا عم جيّش الناس وأنا عم أشتغل لصالح إسرائيل.. وأنه أنا حشرة وجرثومة وعم جيّش الناس ضد البلد وكلمات أخرى رذيلة...، هجم علي لأني عم جاوبه على كل كلمة.. ما سكتت.. قمت ضربت إيده يللي هجم فيها على وجهي قام ضربني كف رهيب على وجهي..، وآخرها كان تهديد بالقتل.. أنه أتوقع من هاللحظة بأي وقت وأنا واقفة بالشارع يجي حتى يقتلني قال حتى يريح الوطن من هيدي الجرثومة يللي هي أنا...
بعد الضرب والشتم ومصادرة الهوية والموبايل والكاميرا (يللي مسحوا منها الصور) هدد بالقتل وراح..
بعدين فتحوا الباب.. وقالو لي تفضلي واعطوني أغراضي.. طبعاً الشخص ضابط الأمن يللي شتم وضرب.. اختفى...
قلتلهم شو هالشرطة يللي بخدمة الشعب يللي بيدخل الواحد ليشتكي على اعتداء صار بالشارع بيقوم بيُعتدى عليه من رجل أمن داخل مخفر الشرطة.. وبيُعتدى عليه بالضرب والتهديد بالقتل..
سهير الأتاسي
يوم الأربعاء 2 فبراير شباط)
مع هذا فعلينا أن لانييأس من روح الله فكل داء دواء ولكل علة علاج وفي سوريا اجتمع البلاء والعناء والشقاء والمخابرات والمخبرين..
لقد وقع تحت يدي وأنا أشارك في مؤتمر في بروكسل عن أثر السياسة الأمريكية في العالم قبل سنوات ومثلت أنا تيار اللاعنف العربي في التغيير واجتمعت يومها بتيري ميسان الفرنساوي الذي كتب كتابه عن الخديعة الكبرى في كذبة ضربة سبتمبر وهو نفس العنوان الذي أظهرته لاحقا مجلة در شبيجل الألمانية بعنوان البلفة الكبرى؟
يومها قرأت عددا هاما عن وجود خمس مؤسسات للحرية في العالم مع وضع خريطة لكل دول العالم من أجل تحقيق الديمقراطية فيها عن طريق مؤسسات ـ مرتبطة طبعا بقوى الاستخبارات الأمريكية ـ أحدها يشرف عليها التايكون المالي سوروس؟
قال التقرير وعلى غلاف المجلة صورة غاندي أن هذه الطريقة هي الأجدى لتذويب الديكتاتوريات لتدخل بيت الطاعة الأمريكية، باعتبارها هي الإمبراطورية التي لا تغيب عن أملاكها الشمس فعلا في العالم كله في حوالي 64 قاعدة حول العالم، مع عدد كبير من قلاع على الماء (حاملات الطائرات) لم يحلم بها سليمان في مجده؟
الطريقة الجديدة لتغيير العالم وتذويب الديكتاتوريات ستكون باعتماد الطريق المزدوجة الضغط الخارجي مع تحريك القوى الداخلية من مظاهرات واعتصامات وإضرابات، بطرق المقاومة السلمية التي نادى بها جين شارب في كتابه المشهور عن 180 طريقة للمقاومة السلمية؟
ويجب فهم ما يحدث في مصر في ضوء هذه التطورات الأمريكية الجديدة، وهو يذكرني أيضا بما جاء في مجلة الحوادث التي كان يصدرها سليم اللوزي الذي قتلته المخابرات السورية حين جاء إلى لبنان في عزاء والدته فخرج معها في عناق إلى الدار الآخرة، فقد حطموا يده التي يكتب بها وشوهوا جسده وخرجت بعد ذلك المجلة سوداء اللون تنعي الرجل، وكانت زوجتي ليلى سعيد داعية السلام تحب كتاباته وأخباره فحزنت عليه، وهي اليوم معه في دار الفناء.
كان مصير اللوزي مباشرة بعد عدد وضع على غلافه صورة كاريكاتور لحافظ الأسد وتحتها لماذا يكذب النظام؟
وهذه الأحداث تقودني للسؤال الذي بدأته وهو لماذا تسكت قناة الجزيرة عن النظام السوري وهو من أشرس الأنظمة وأشدها بطشا بالعباد، مثال ذلك سجن شيخ الثمانين المحامي المالح من أجل ثماني كلمات لمدة ثمان سنين؟؟ على يد الآب والآن على يد الأبن، وغدا على يد الروح القدس؟
سؤال يقودني إلى تحريك هذه الفكرة أمام النشطاء في سوريا ليعرفوا موضع أقدامهم في وجه ديناصور لاحم اسمه الجهاز الأمني فيحاولوا معه ما فعل أوديسوس مع العملاق بعين واحدة..
نعم إن النظام الأمني السوري عملاق بعين واحدة ويحتاج لإبرة أوديسوس كي يلحق به العمى والضلال والسقوط ..
الديكتاتورية شجرة أصلها في الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين ولكنها مثل جثة سليمان حتى جاءت دابة الأرض فأكلت منسأته فخر .. فلما خر علمت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين ..
جثة البعث تحتاج اليوم دابة الأرض تأكل مخابرات النظام عصاه فأين الدابة ومتى ستأكل ؟؟
ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون؟؟
جاءتني هذه الكلمات من كندا من شاب عبقري ..
ميم صاد راء .. م ص ر
ذلك البلد لا ريب فيه هدى للمتحررين
الذين ينبذون العنف ويأمرون بالعدل ولآراء غيرهم يحترمون
والذين يرفضون ما وقع عليهم من ظلم وبالمساواة هم يؤمنون
أولئك على هدى من أمرهم وأولئك هم المفلحون
إن الذين خنعوا سواء عليهم أحفزتهم أم لم تحفزهم لا يخرجون
رسخ الجبن في قلوبهم والجهل في عقولهم وعلى تحركاتهم رقابة وبهم خوف عظيم
ومن الناس من يقول آمنا بالديمقراطية وحقوق الإنسان وما هم بمؤمني
يخادعون الناس والذين تحرروا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون
في أنظمتهم خلل فزادهم التكبر خللا ولهم فشل عظيم بما كانوا يتحيزون
وإذا قيل لهم لا تدعموا المفسدين في الأرض قالوا إنما نحن الديمقراطيون
ألا إنهم هم الطغاة ولكن لا يشعرون
وإذا قيل لهم احترموا رغبة الناس قالوا أنرضى بما يرغب السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون
وإذا خاطبوا الذين تحرروا قالوا أنتم منا وإذا خلوا إلى عملائهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون
الناس تستهزء بهم وتكشفهم في نفاقهم يتورطون
أولئك الذين اشتروا الطغاة بالأمة فما نجحت علاقاتهم وما كانوا مستقرين
مثلهم كمثل الذي احتل بلدا فلما تحرر ما حوله ذهبت الديمقرطية بخططهم وتركتهم في أزمة لا يبصرون
صم بكم عمي فهم لا يفهمون
أو كحركة من الناس فيها صلوات ووعي وصبر يعتمون إعلامهم في محطاتهم من المناظر حذر الشعب والأحداث تبث للعالمين
يكاد الشعب يحبط نظامهم إذا استكان لهم عتوا فيه وإذا ثار عليهم استقاموا ولو شاء الشعب لذهب بطغاتهم ونظامهم إن الشعب على كل تغيير قدير.
التعليقات