الإعلام في تونس في خطر و هناك نية مبيتة للالتفاف على هامش الحرية الذي أتاحته ثورة الرابع عشر من جانفي. و اعترف أنني كنت غبيا عندما صدقت نوايا الحكومة الانتقالية، إذ كيف نفسر وجود الهادي البكوش، مهندس السابع من نوفمبر في الوزارة الأولى بعد نجاح الثورة التونسية، لم أصدق بداية هذا الخبر. استبعدت هذه الفرضية. قلت في نفسي. quot;ليس لهذا الحدquot;. لكن كلام عميد المحامين التونسيين مع الوزير الأول لم يترك لي أيا مجال للشك، عندما قال هذا الأخير ان البكوش كان متواجدا بالوزارة في الأيام الأولى و انه لم يره منذ اثني عشر يوما.

اشتم رائحة الخيانة، فمحمد الغنوشي الوزير الأول لم يستقبل نقابة الصحافيين في بداية تشكيل الحكومة الانتقالية واستقبلها في وقت لاحق، ثم تدعم شكّي لما لاحظت غياب ممثليها في لجان تقصي الحقائق و الكشف عن الفساد لولا تدخل نقيب الصحفيين بعد ذلك. لكنني قلت ربما كان ذلك من قبيل السهو . و عندما اطلعت على تسميات الإذاعات و التلفزة العمومية مؤخرا تأكدت انها مؤامرة, الغاية منها إجهاض ثورة الشعب التونسي. فالدكتاتور فر و الدكتاتورية مازالت قائمة و quot;الصائدون في الماء العكرquot; ما يزالون يعشّشون في ثنانيا الإعلام.

لا أريد ان اجرّح في عديد الزملاء في الداخل و الخارج. فالركض و اللهث خلف تمجيد بن علي و الظهور في الصفوف الأمامية, كانت العملة المتداولة في المشهد الإعلامي بتونس, و اتحدى ايا كان، وهذه قلتها و أعيدها، من ينفي ذلك، عدا قلة قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة اما من المعارضة او في الخارج او مدعمة من أسطول من الجمعيات الدولية. و هذه مسألة قابلة للنقاش و الجدال اذا لزم الأمر. لكن ان نرى في التسميات الأخيرة، من ثلب و شتم المعارضة و مكونات المجتمع المدني، فهذا شي لا يقبل. و غير قابل للنقاش.

هناك كمٌّ من الزملاء من أبعد على خلفية انتماءاته السابقة، و هذا يذكرني بمبدأ القتل على الهوية، سيء الذكر. و ربما كنت اتفق مع هذا المبدأ لو انه، تقرر إنشاء مجلس أعلى لحماية الثورة ثم مجلس تأسيسي، كما تطالب به جبهة الرابع عشر من جانفي و حلفاءها. لكن عندما تتمسك الحكومة بمحمد الغنوشي رئيسا للوزراء و عندا يتمسك هذا الأخير بوزراء من التجمع، لولا ضغط الشارع و اتحاد الشغل، ندخل في معادلة الكيل بمكيالين. هل زميل او زميلة صحفية تجميعية اخطر من رئيس وزراء تجمعي؟؟ هذا موضوع جدلي...

أقول هذا ليس دفاعا عن التجمع و التجمعيين. و بصراحة كنت ضد حل هذا الحزب لا لشيء إلا لأنني ارفض فكرة حل حزب قانوني بقرار غير قانوني. لكنني الآن مع حل الحزب، لأن الحكومة لم ترعو و لأن القاعدة تقول quot;إنه من شب على شيء شاب عليهquot;. وهو ما أكده المنتمون لهذا الحزب الذين بدأوا يتحركون بحسب المعلومات المتوفرة. و انا أيضا أطالب بفتح أرشيف التجمع حتى نكتشف من هم المنخرطون في التجمع من دونه، لأن سوق المزايدات فتح على مصراعيه، و لما لا كشف كل الحسابات بكل شفافية.


التسميات الأخيرة في الإعلام، دقت بالنسبة لي ناقوس الخطر, وعلى النقابة الآن ان تتحرك، و إلا فإننا سنعيش 7 نوفمبر جديد. هناك التفاف و إقصاء و هذا واضح.و لقد أخطأنا في الماضي في مهادنة السلطة, كل على طريقته. اذكر على سبيل المثال انه في الماضي كان المقصي من تغطية نشاط الرئيس البائد او إنتاج تحقيق حول انجازاته المزعومة، يعتبر صحفيا فاشلا. و افتخر الآن بأنني كنت فاشلا, لكن هذا لا يحميني من المسائلة و المتابعة. لكن المهم أنني لم اشتم و لم اثلب أحدا و لم اجرح او أمجد مهما كان، او أتعرض لأحد بالسوء او اشوه الأخبار، رغم أنني تعرضت للمساومة و التهديد, و لو قمت بذلك كان يمكن أن احصل على منصب أو مكافأة او جائزة.

اذكر انني لما كتبت عن المجلس الأعلى للاتصال و دافعت عن الزميلة سميرة الدامي على صفحات إيلاف تعرضت للتهديد و لما كتبت عن التلفزة التونسية شهر قبل سقوط النظام تعرضت ايضا للتهديد, لكنني لست بطلا بل جبان و لم أشارك في ثورة الشعب التونسي لا من بعيد و لا من قريب، مثلي مثل بقية النخبة و الساسة. اعترف بذلك ردا على المزايدين او أشباههم.و أقول هذا لأنني ألاحظ ان أزلام النظام تحولوا الى أبطالا بلباس جديد أما المستقلين فانسحبوا مثلما كانوا يفعلون دائما. كما لا استبعد ان اتعرض لضغوطات أخرى، ما دام خدمة النظام السابق ، مازالوا في مواقع القرار.

المهم الآن أن الإعلام التونسي في خطر. و لا بد من اليقظة. و لن نسمح بأن يتكرر سيناريو 1987 ، ولو بشكل مغاير.

[email protected]