اثار تخلي الولايات المتحدة الأميركية عن الرئيس المصري حسني مبارك وانحيازها الى جانب المتظاهرين ، شهية العقل العربي بإستحضار مفاهيم : المسجد واحاديث المقاهي وقيم العلاقات الاجتماعية بين الافراد الخاصة بالوفاء والاخلاص للصديق ... وتم إسقاطها على السياسة في مجال العلاقات الدولية .

فالعقل العربي غير معني بحقائق التاريخ والواقع ، وهو لايريد الاقرار بمفاهيم السياسة الحقيقية التي تطبق في كل زمان ومكان على العلاقات بين الدول ونعني بها : المصالح ، وتصل سطوة الغوغائية على الوعي السياسي العربي الى الإتيان بمفاهيم المقهى والأعراف العشائرية وقيم الصداقة بين الاشخاص ... وإسقاطها على العلاقات الدولية ، بل المضحك ان يتم تخطئة المفاهيم السياسية الحقيقية والصحيحة من قبل العربي وفق قيم الصداقة بين الافراد وتجده يصرخ : أين الوفاء للصداقة والاخلاص للرئيس حسني مبارك الحليف الاستراتيجي لأميركا ؟!

بينما لو نظرنا الى موقف أميركا من الرئيس مبارك من منظور سياسي حقيقي نجده هو الموقف الصحيح والمطلوب ، فعلى الصعيد الداخلي بتخليها عن مبارك اتخذت الادارة الاميركية موقفا وطنيا شريفا يخدم الشعب الأميركي في تأمين مصالحه لدى النظام الجديد الذي سيخلف مبارك .

وايضا من منظور قواعد العلاقات السياسية بين الدول .. طبقت أميركا قاعدة : لايوجد صديق ولا عدو ، وانما مصالح فقط ، فنحن لسنا في مجال العلاقات الاجتماعية بين الافراد حتى نطالب بالوفاء والاخلاص ، بل مسؤولية الدول السعي نحو مصالحها ، ولو حاكمنا سلوك الدول مع بعضها البعض وفق مقياس القيم الاخلاقية والعدالة ... سنجد انفسنا امام باب مسدود تماما ، فلا يوجد في تاريخ الدول القديم والحديث من طبق العدالة والاخلاق في مجال علاقته بالدول الأخرى ، وانما جميع العلاقات كانت ومازالت ترتكز على المصالح حصرا ، فلماذا نطالب أميركا بأشياء غير موجودة اصلا في العلاقات بين دول العالم ؟

طبعا تجدر الاشارة ان قيم الحق والعدالة والوفاء ... مطلوبة في السياسة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع ابناء الشعب من قبل الحكومة في كافة دول العالم ، على سبيل المثال : الادارة الاميركية محكومة بالدستور والقوانين وقيم العدالة والحق ، وهي في منتهى الوفاء والاخلاص والصدق مع الشعب الأميركي ، وعليه يجب التفريق بين السياسة الداخلية والخارجية .

أخيرا : تذكروا ان الاداة الاعلامية التي شاركت بإسقاط نظامي بن علي في تونس ومبارك في مصر: اداة الفيس بوك ، وهي اختراع أميركي هدية الى العالم .

[email protected]