بداية لا بد أن نوضح أنه ليس لدينا موقف سلبي من الرجل بالعكس، هو أثبت دوما أنه رجل أعمال ناجح، وذو مصداقية أو على الأقل هذا انطباعي عن نجيب ميقاتي الذي كلف من قبل المعارضة اللبنانية ومعها الرئيس ميشال سليمان بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بدلا من الحكومة المقالة بزعامة الشيخ سعد الحريري، وقد حقق الأكثرية النيابية من خلال الاستشارات التي أجريت.

كما لا بد لنا من التنويه أن التصرفات التي صدرت عن بعض أنصار قوى الرابع عشر من آذار في الشارع غير مقبولة، وتذكر بتصرفات بعض أنصار المعارضة من قطع للشوارع وإشعال نار وهتافات ذات بعد مذهبي.

لقد سُرب نبأ منذ أن طرح اسم نجيب ميقاتي ليخلف الشيخ سعد الحريري أن نجيب ميقاتي قد أعطى موقفا واضحا ضد المحكمة الدولية الخاصة باغتيال شهداء لبنان للنظام السياسي في دمشق. كما سرب الإعلام نبأ خوف انصار سعد الحريري وقوى الرابع عشر من آذار على المحكمة من الضياع في حال استلم نجيب مقياتي مقاليد حكومة الأكثرية فيها تمثل المحور الجديد لبنانيا الإيراني السعودي السوري.

بينما بارك ساركوزي وحكومته لميقاتي، جاء موقف الولايات المتحدة على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون متحفظا قليلا وانتظاريا، انتظار ما سيروا من مدى لحضور حزب الله في هذه الحكومة ودوره!! على أساس أن أمريكا تنتظر ولا تعرف ما ستؤول إليه أمور تشكيل الحكومة المرتقبة، سنصدق ذلك.

ما الذي حدث؟ بعد اتفاق الدوحة المشؤوم، والذي اتى على إثر اجتياح حزب الله لبيروت ايار 2008 غيرت بعض قوى الرابع عشر من آذار موقفها وعلى رأسهم السيد وليد جنبلاط الذي خاف جديا من اجتياح حزب الله للجبل، وبعدما تأكد تخلي العالم عن قوى الرابع عشر من آذار آنذاك، وأعلن انسحابه من قوى الرابع عشر من آذار مؤيدا المقاومة وسورية وداعيا لإيقاف المحكمة الدولية. استقال وزراء حزب الله ومؤيديه وسقطت حكومة الحريري، ليطرح الحزب مرشحا جديدا هو نجيب ميقاتي، الذي نال 68 من اصوات النواب مقابل 60 صوتا لسعد الحريري، وبالتالي تم تكليفه بتشكيل الحكومة المرتقبة لبنانيا.
ولازال الرجل يجري مشاوراته مع الكتل والنواب من أجل هذا الغرض.

من الواضح أن ماجاء من تصريحات نارية على لسان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل والذي أعلن فيها فشل مبادرة(س-س) السعودية السورية، كما أعلن رفع يد السعودية عن لبنان، صحيح أعقبت هذا التصريح، تصريحات وتلمحيات سعودية توحي بعكس ذلك، لكن على ما يبدو أنه حتى داخل القيادة السعودية هنالك اتجاهات للتعاطي مع الموضوع اللبناني.
هذا الاتجاه منذ زمن يعمل من أجل إزالة أي أثر للاغتيالات في لبنان، ومن أجل عودة الدفء للعلاقات السعودية السورية.

فميقاتي رجل انهاء المراحل وبداية لمراحل جديدة، فهو على ما يبدو كان رجل حكومة انهى ذيول خروج الجيش السوري من لبنان15 /4 /2005 حيث تم تكليفه آنذاك من قبل الرئيس إميل لحود بعد اعتذار الرئيس عمر كرامي، والانتقال من نظام الوصاية الأمني السوري اللبناني إلى نظام آخر، عاد للوصاية مرة أخرى، وهاهو اليوم نجيب ميقاتي يعود لتشكيل حكومة جديدة مهمتها إعادة نظام الوصاية الجديد على لبنان، لكن هذه المرة بتقاسم سوري سعودي إيراني ولنقل توافق، وبترحيب دولي أقل من المرة الماضية، أعتقد أن ما يحدث الآن، ربما يكون أحد السيناريوهات لاخراج سعد الحريري وتياره من اللعبة إلى حين إيجاد مخرج دولي للمحكمة الدولية، وهذا يبعد الحرج عن سعد الحريري وعن بقية قوى الرابع عشر من آذار، والآن الحكومة اللبنانية تمثل المعارضة وحزب الله وإن نفضوا يد لبنان من المحكمة عندها لن يكون هنالك حرجا.

أما موقف بقية قوى الرابع عشر من آذار فقد اختصره عضو كتلة حزب الكتائب اللبنانية النائب ايلي ماروني الى أن quot;هناك أقوال كثيرة عن حسن النّية والثلث الضامن، وعن التشاور حول كل الأمور، لكن في المقابل لم يأتِ ميقاتي على ذكر المحكمة الدولية، التي هي أساس النزاع والإشكال الذي أدى الى إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، وبالتالي تبقى العبرة في التنفيذ، وفي الإستشارات النيابية لتشكيل الحكومة حيث سيطلع ميقاتي على توجهاته وبرنامج عمله.
أما نحن فسنسأله حتماً عن المحكمة الدولية والإلتزام بهاquot;.
كنت قد كتبت مقالا سابقا عن تغير الدور الإيراني في لبنان، ودرجة حضوره التي تحولت من حضور عبر وسيط كسورية وحزب الله إلى حضور عبر نفسه، فهو بات يشعر أنه من القوة بحيث لم يعد بحاجة إلى وسطاء، وأن لسان حاله يقول نحن من صنعنا حزب الله، ولهذا سمح المرشد العام للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي باصدار فتوى شرعية ضد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

نعم الدور الإيراني تغير، والرؤية السعودية له تغيرت، ولكن الآن على ما يبدو يجري تسويق الرؤية الجديدة وفق سيناريوهات متعددة، والأكثر وضوحا يبدو أن الأمر متبادل بين الطرفين. أما النظام السوري فحصته في لبنان مضمونة دوما، تزداد تنقص لكنها مضمونة ومتحركة وقادرة على تعطيل أي حل للأزمة اللبنانية لا يناسبه.

فماذا سيكون موقف نجيب ميقاتي من كل هذا لننتظر بيان الحكومة هذا إذا تم تشكيلها، ولكن اقترح على قوى الرابع عشر من آذار ألا تشارك في هذه الحكومة مطلقا ومهما كانت الضغوط التي ستتعرض لها، حرصا على ما تبقى من صوت لبناني- لبناني.