1 - صحيح أن عملية المصالحة بدأت، في الوقت الحاضر، بتبني رئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس الاقليم الكردي مسعود البرزاني، ودعمهما لتولي مرشح تركماني لمنصب نائب رئيس الجمهورية، إلاّ أن توجهات قادة الاكراد لتطبيع العلاقة مع الجانب التركماني، ليست جديدة، إذ سبقها قيام البرزاني الآب في الستينات من القرن الماضي، بفتح الحوار والتفاوض مع وجهاء التركمان آنذاك ولكن محاولته لم تسفر عن نتيجة. كمأ أن رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني السيد جلال الطالباني من جانبه أتبع سياسة الانفتاح لاحتواء التركمان في مرحلة المعارضة، قبل سقوط النظام السابق وبعده، لذا فإن مبادرته الاخيرة تعتبر إضافة إلى المبادرات السابقة، حيث أن زعماء الاكراد يدركون جيداً اهمية الموقف التركماني بالنسبة لتطلعاتهم المستقبلية.

2 - حمّل العقيد وليم مايفل، المسؤول العسكري الأمريكي السابق في مدينة كركوك، مسؤولية التجاهل الامريكي للمكون الثالث، حمّل ممثلين التركمان الذين شاركوا في العملية السياسية قبل سقوط النظام في 2003، مما أدى إلى إغفال الأمريكيين للمكون في حساباتهم الأولية بحسب قوله.. واضاف، أن الإدارة الامريكية أيقنتْ بعد اتصالات تركمانية معها وبعد زيارة رئيس الجبهة التركمانية سعدالدين اركيج إلى واشنطن عام 2007، بأن التركمان عنصر أساسي لا يمكن تجاهله، ولهم دور فاعل في استقرار العراق نتيجة تحالفاتهم الداخلية وعلاقاتهم الخارجية وخاصة مع تركيا.هذه المعلومة في الواقع بعيدة كل البعد عن الحقيقية لأنها نابعة عن جهل الضابط الامريكي لما كان يجري في الساحة السياسية في فترة المعارضة ضد النظام السابق، لكونه عسكري بعيد عن الأمور السياسية، ويبدو أنه لم يتلق معلومات عن البلد الذي شارك باحتلاله.

فالمطلع لما كان يجرى من الأحداث في الفترة المعارضة، يعلم بتفاصيل مجريات الاحداث والنشاط السياسي التركماني حينذاك، من خلال حضورهم الفاعل ومشاركتهم في كل مؤتمرات المعارضة من مؤتمر بيروت 1990 حتى مؤتمر لندن 2002 ولا نبيح سراً إذا قلنا، كل تلك المؤتمرات والاجتماعات، كانت تجري باشراف مسؤولين امريكيين بمسوى عال، بل وبدعم مالي وسياسي لها من قبل الإدارة الامريكية. وكان ممثلو التركمان حاضرون في جميعها وكان المسؤولين الامريكيين يترددون إلى مقرات الأحزاب التركمانية ومقر الجبهة التركمانية في اربيل باوقات متقاربة طيلة الفترة.. هناك معلومات تفصيلية عن هذا الموضوع منشورة في كتابي (قطار المعارضة العراقية من بيروت الى بغداد)
والحقيقة إن التجاهل الامريكي للمكون التركماني حدث جراء عدم إمرار الحكومة التركية مذكرة التفاهم في البرلمان التركي، لسماح القوات الامريكية استخدام الاراضي التركية وتقديم التسهيلات اللوجستية اللازمة لها لاحتلال العراق، الأمر الذي أغضب الأمريكيين وخلق توتراً بين الطرفين، والمكون التركماني دفع الثمن.
إلى ذلك ان ما ذهب إليه الضابط الآمريكي فيه تجني كبير على جهود السياسيين التركمان أمدها اكثر من عقدين من الزمان.

3- إن مشروع المصالحة الكردية ndash; التركمانية المطروح، ربما يأتي على خلفية الإنسحاب الأميركي التدريجي من العراق ولكن ليس لزيادة النفوذ التركي في المنطقة، ولم تثير حفيظة القيادات الكردية، وإنما الصحيح (كما ورد في تقريركم ) هو الانفتاح التركي نحو الاكراد في تركيا على خلفية مشكلة وجود حزب العمالي الكردي، الذي يشكل خطرًا كبيرًا على الأمن التركي، مما حدا بالأتراك إلى التقرب من حكومة إقليم كردستان، لغرض الإتفاق للحد من تحركات وعمليات هذا الحزب منطلقة من شمال العراق، وكذلك ازدياد نشاطات الأحزاب الكردية في تركيا، والمطالبة بحقوقها القومية، وفي مقدمتها الحكم الذاتي أو تطبيق نظام الفيدرالية في تركيا، والتي أوجدت نوعًا من البلبلة وعدم الاستقرار في جنوب شرق تركيا، مما حفز تركيا إلى تقديم بعض التعويضات لإرضاء حكومة الإقليم ودفعها لدور في إسكات هذه الأحزاب.

وبحسب تقريركم ايضا، حول توتر الحالة الاقتصادية في تركيا وزيادة نسبة البطالة، وخاصة في المناطق الكردية، وفتح حكومة الإقليم مجال العمل للشركات التركية للعمل في إقليم كردستان، حيث يقدر عدد الشركات التركية العاملة هناك حاليًا حوالي 3200 شركة. ثم فتح المجال لأكثر من 25 ألفًا من أكراد تركيا للعمل في إقليم كردستان.

كل هذة الامور وغيرها، خلقت ارضية مواتية وفرصة لاكراد العراق، لمحاولة كسب التركمان إلى جانبهم والاهتمام بهم من خلال دعهم بتخصيص منصب لنائب رئيس الجمهورية، كخطوة أولى لإجراء الإستفتاء حول كركوك، ومن ثم ضمها إلى إقليم كردستان كما يطالب الأكراد. وهو اهتمام يترافق مع ظهور مشروع أميركي للمصالحة بين التركمان والأكراد، وبحسب تقريركم ايضا، طبعاً فقد يدفع التركمان ثمن هذا التقارب والمصالحة إذا ما تحققت، كونه الحلقة الاضعف في المعادلة بسبب الانقسامات الداخلية وغياب مرجعية سياسية وتراجع الدعم التركي له، وربما كذلك تركيا والعراق اللذان قد يتعرضان إلى مخاطر التجزأة والتقسيم وهو هاجس التركمان والعراقيون الوطنيون الحريصين على وحدة العراق ارضاً وشعباً.


قيادي تركماني مستقل