أبناء العراق، والمتابع للشأن العراقي، يعرف تماماً أن الأيام القليلة الماضية التي شهدت التحضيرات لخروج التظاهرات السلمية المنتظرة، للمطالبة بحقوق الشعب العراقي ndash; الحقوق الأساس للعيش ndash; وإزالة الفساد المستشري في جسد الحكومة العراقية، قد جاءت بجهود المثقف العراقي الذي يسجل للمرة الأولى في تاريخ العراق الحديث، صورة حضارية رائعة تتمثل في تمازج مهمة المثقف وأهمية دوره كصوت مؤثر، مع أصوات المجتمع العراقي وهموم المواطن العراقي البسيط.... المثقف العراقي بهذا يثبت للجميع على أنه الابن البار لمجتمعه والناطق الروحي باسمه والمترجم المحترف لهموم مجتمعه.
إن التظاهرة التي يقودها المثقف، لا يمكن أن تكون إلا تظاهرة سلمية. التظاهرة التي تطالب بتحسين الخدمات ومحاربة الفساد من جهة، والمطالبة باحترام الدولة ومؤسساتها للطبقة المثقفة واحترام مكانتها الاجتماعية والفكرية من جهة أخرى، هي تظاهرة تعترف ضمناً بشرعية الدولة ومكانتها. لذا فهي تظاهرة لا تهدف لإسقاط الحكومة، كون المثقف والناخب العراقي، يعرف جيداً أن من شأن سقوط الحكومة، تأخير سير حركة الإصلاح وبالتالي تأخر تحقيق مطالبه. ثم أن المواطن العراقي بات يعرف تماماً أن إسقاط الحكومة، وفي أسوأ الاحتمالات سيؤدي إلى إعادة الانتخابات، وهذا ما يتطلب منه انتظاراً قد يطول، كما حدث مع تشكيل الحكومة العراقية الحالية، لذا فإن خروج أي ظاهرة من مظاهر العنف أو الشغب أو حتى الإساءة لمؤسسات الدولة أو حالات يتعرّض فيها المتظاهر إلى أي شكل من أشكال العنف سوف لا يصدر إلا من الجهات التي وقفت وتقف بالضد من حركة التغيير العراقية وبناء الدولة الديمقراطية التي ولدت وبدأت بالتكوين منذ اليوم الأول لسقوط الديكتاتور، وهذه جهات معروفة للشعب العراقي الذي ذاق منها أبشع أنواع الجرائم... أيتام صدام وتنظيمات البعث التي صارت تتستر تحت شعار quot;المقاومةquot; ومن ثم تنظيم القاعدة الإرهابي ومن يقف إلى جانبهم من أنصاف عراقيين، وهم حفنة قليلة، إلا أنها مؤثرة بفعل نزعتها الإجرامية.
لذا، فعلى هذه التنظيمات الإرهابية أن تعي أن المتظاهر الذي ستحتضنه شوارع العراق، هو الناخب الذي سبق له وخرج متحدياً التهديدات الإرهابية لانتخاب رجال الحكومة العراقية الحالية ومن ضمنهم من يتهمهم الآن بالفساد والسرقة وإهدار المال العام والاستهتار بآراء الشارع العراقي وصوت المثقف العراقي، هو الناخب الذي وقف وقفته الشريفة بوجه كل التهديدات الإرهابية التي أرادت منعه من الإدلاء بصوته ومن ثم يرفع مبتسماً علامة النصر مرسومة بأصبعه المخضبة بحناء الانتخاب. لذا فإن أي خروج عن المألوف أو عن نطاق الديمقراطية التي يعيها المتظاهر العراقي، سيسجل وصمة عار بوجه أيتام صدام وبعثه الدموي وتنظيم القاعدة الإرهابي ومن يقف معهم من الذين يعرفون كيف يتصيدون بالماء العكرة. على هؤلاء أن يعوا جيداً، أن العراق الجديد صار يشهد تحضيرات مسبقة للتظاهرات، تحضيرات حضارية وبتصريح من الدولة يشهدها الشعب العراقي والعربي للمرة الأولى، وهذه ميزة يعتز بها العراقي، الذي كان في السابق يخشى انتقاد (القائد الضرورة) حتى في أحلامه خشية الاعتقال وإن كانت أضغاث أحلام.
فأية محاولة من هؤلاء القتلة للاستفادة من غضب المواطن العراقي - الناخب العراقي الذي ساهم في تشكيل هذه الحكومة التي يتظاهر بكل تحضّر ضدها اليوم - من أجل تحقيق أحلامهم الوهمية الضيقة وتحقيق رغباتهم الدموية، ستكون إدانة كبرى لهم ولتنظيماتهم الدموية. العراقي اليوم كما يقف مطالباً بحقوقه المشروعة، يقف أيضاً ضد المجرمين والقتلة من أيتام صدام وغيرهم... بالمناسبة، إن أحد المطالب التي يطالب بها المتظاهرون هي رفض العمل بقرارات وقوانين الديكتاتور quot;ابن العوجةquot; أي إنها دعوة صريحة لرفض وطمر كل أثر متبقي من آثار الديكتاتور وتنظيمه الفاشي... فكيف يتوهم أيتام الديكتاتور وشيوخ مؤازرة تنظيم القاعدة وأجهزتهم الإعلامية المشبوهة، أن في تظاهرة العراقي الشريف quot;الناخب العراقيquot; مصلحة لهم وتحقيقاً لمآربهم؟... فيا فلول البعث العراقي المنحل، ويا أيتام الديكتاتور الذين اتخذوا من تنظيم القاعدة الإرهابي ملاذاً لهم، لا تفرحوا كثيراً بما تفكرون، إنها مجرد أوهام تسيطر على رؤوسكم الخاوية.
التعليقات