وضعت العنوان أعلاه وهو لرواية مشهورة للكاتب العالمي الكولومبي (غارسيا ماركيز 1927-2009)،وأنا استعرض هذه الأيام حياة وسيرة وما سمعناه من حكايات عن العقيد معمر القذافي وهو الآن يصارع القدر في ساعاته الأخيرة محاولا دون جدوى صد الموجة الجماهيرية العاتية التي باتت تقتلعه ونظامه الشمولي الفاسد من أرض ليبيا العربية الحرة،،وعلى مدى الإثنتين والأربعين عاما من عمر القذافي في السلطة والحكم بليبيا فقد اتصل بالعقيد الكثير جدا من الناس من العالم العربي والخارج،حيث خدمته الظروف بشكل لا يصدقه العقل بأن يتمظهر بالثوري والتحرري والقومي العربي الخ،،وبداية قصته وبشكل مختصر جدا كانت حينما نفذ هو ومجموعة من صغار الضباط انقلابا عسكريا في الفاتح من سبتنمبر العام 1969 ضد السلطة الشرعية الملكية بقيادة المرحوم الملك ادريس السنوسي،وليبيا وبحكم الجغرافيا بلد كبير في مساحته تربطه حدود صحراوية مع الشرق حيث مصر وكان الراحل جمال عبالناصر يعيش في تداعيات هزيمة الخامس من حزيران 1967،وجاءه قبل ليبيا، الإنقلاب الذي نفذه العقيد جعفر النميري في السودان بتاريخ 25/5/1969 على حدود مصر الجنوبية، وها هو الملازم الأول القذافي ينجح بالإستيلاء على السلطة في ليبيا وفيها القاعدتين العسكريتين الجويتين البريطانية والأمريكية لذا كان تقبل مصر عبد الناصر لهذا التغيير ايجابيا وذلك لإعتبار تأمين جنوب وغرب مصر،وفي الفترة القصيرة المتبقية من حياة عبد الناصر حيث توفاه الله في 28/9/1970،قفز القذافي لواجهة العمل العربي على صعيد الوطن العربي ومنظماته وأحزابه السياسية،وبعيد انقلابه مباشرة منح نفسه رتبة عقيد وبقي عليها فيما سمح لرفاقه من العسكريين بالترفيع لإعلى من رتبته هذه وخدمه ظرف غياب عبد الناصر عن الساحة المصرية والعربية ليعلن نفسه بداية بأنه (أمين القومية العربية!!).

وليلعب كما نقول بالعراقي (شاطي باطي) بكل الحركات والمنظمات السياسية العربية مفسدا ومسخفا اخلاقيات العمل السياسي والنضالي بالمال الليبي الذي انفتحت خزائنه لا لتمية ليبيا واقتصادها وشعبها وانما من أجل السيطرة والتخريب في البلدان العربية وعلى مدى الأربعين سنة الماضية!!، ومن ثم أتجه الى افريقيا ليعمل بين انظمتها وقبائلها وسحرتها!! وليعلن نفسه بأنه قد نودي له بأن يكون ( ملك ملوك أفريقيا!!)، ولا فخر!!

هذه الأيام تكشف عن الوجه الدموي القبيح لهذا الديكتاتور حيث يطرب ويرقص على اشلاء ابناء الشعب الليبي الطيب الذي لا يريد الا العدالة والإنسانية والحرية، وما حملته من عظائم الأمور طيلة هذه المدة الطويلة وما بدده القذافي من أموال وثروات على مختلف مجالات الفساد الداخلي والإفساد في الأوساط العربية والدولية وما قاده من تآمرات وارهاب طالت مختلف الشعوب والدول وما جريمة (لوكربي) في تفجير الطائرة الأمريكية المدنية فوق اسكتلندا إلا واحدة من تلك الجرائم البشعة أدت الى مقتل 257 مسافرا على متن تلك الطائرة المنكوبة وبعد سنوات من المفاوضات دفع القذافي من أموال الشعب الليبي ما مجموعه مليارين و570 مليون دولار تعويضات لذوي الضحايا الأبرياء من ركاب الطائرة المنكوبة. كما اتهمه عدد من المقربين له.

لقد بدأ العد العكسي لإستمرار القذافي في حكم ليبيا، مجلس الأمن الدولي أتخذ قرارا بالإجماع فجر يوم الأحد 27/2/2011، تحت الرقم 1970 وفيه ما مجموعه 27 بندا ضد القذافي واولاده واعوانه ونظام حكمه،وهذا القرار هو تحت الفصل السابع من قانون مجلس الأمن الدولي ومن النقاط المثيرة والحيوية فيه هو احالة الموضوع الليبي وعلى الفور الى محكمة الجنايات الدولية بلاهاي-هولندا- للبدأ بإتخاذالإجراءآت لإحالة رموز النظام الليبي الى المحكمة الدولية هناك وعلى رأسهم بطبيعة الحال معمر القذافي نفسه هذا إذا ما بقي حيا يرزق لذلك الوقت!!

وكان هناك قلق في أوساط مجلس الأمن من أن عضو المجلس جمهورية الغابون الأفريقية قد لا تشارك ايجابا بالتصويت لصالح القرار وذلك لإعتبارات الصداقة الشخصية بين القذافي ورئيس جمهورية الغابون ( علي بن عمر بونغو)،ألا أن ذلك لم يحدث حيث صوتت الغابون لصالح القرار الذي صدر بإجماع الأعضاء،وهنا أيضا لم يبق للعقيد من يحييه أو يخاطبه من أصدقائه الحاليين!!،،

أما السابقون فلربما هناك واحد منهم لا زال يتذكر القذافي ألا وهو رئيس جمهورية الوضع الراهن ببغداد جلال الطالباني، لكن السؤال المهم هو هل يستطيع الطالباني أن يتكلم لصالح القذافي هذه الأيام كما فعلها مع الرئيس المخلوع حسني مبارك بمصر؟؟ حينما كان ثوار مصر الأشاوس يخوضون مواجهاتهم مع مبارك ونظامه أيام الثورة المصرية التي تكللت بتنحية مبارك عن السلطة في 11/شباط-فبراير/ الجاري.