quot;القذافي طاغية مستبد في عيون الكردquot;

لعل من السذاجة ان يتحدث بعض الكتاب الكرد او غيرهم، عن ان الطاغية المجرم معمر القذافي مرحب به في كردستان العراق، في محاولة بائسة من هؤلاء لتشويه صورة الكرد، في عيون الشعب الليبي البطل، وفي عيون الشعوب الاخرى، بأنهم شعب او كيان لايفقهون قراءة الاحداث، ولا يرون بما يجري حولهم من ثورات وتغييرات كبرى، وانهم يقفون مع الحكام ضد ارادة الشعوب.

فالكرد يعون ويعرفون جيداً، بأن القذافي وقف الى جانبهم في مرحلة ما، وربما في ظرف عصيب، لكن هذا الامر، لا يعدو كونه كان فلسفة معينة او تكتيك او موقف سياسي معين من القذافي القائد آنذاك. ففي السياسة لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، وانما هنالك مصالح دائمة ومستمرة، وكذلك ثوابت واستراتيجيات مستدامة، ولا ريب ان الكرد يعون كغيرهم ماذا يفعل القذافي بشعبه اليوم، من قتل وابادة جماعية، ومحاولاته لحرق الاخضر واليابس، وكذلك الحرث والنسل في بلده، بأيدي الرعاع والمرتزقة الاجانب.

لا يوجد هنالك من شك، بأن الكرد كشعب لا زال مضطهد ومظلوم، ومن الطبيعي ان يقف الى جانب المضطهدين والمظلومين من حوله، وفي سائر انحاء العالم، ولا سيما الى جانب الشعب الليبي، الذي يواجه بأرادته الصلبة وشجاعته الفائقة، اسلحة العقيد الفتاكة وتهديد و وعيد نجله سيف الاسلام، الذي يبدو اكثر اجراماً وفتكاً ودموية منه بالذات، من هنا فأنه ربما لا يختلف كرديان اثنان، بأن القذافي طاغية مستبد، وانه ونظام حكمه يفعل بالليبيين، كما كان صدام حسين يفعل بالكرد انفسهم، وان هنالك اوجه شبه عديدة بين عدي وسيف الاسلام.

ان محاولة تسويق صورة معاكسة لواقع الكرد، ووعيهم السياسي وطبيعتهم الانسانية، انما تعتبر محاولة يائسة، سوف تذهب في مهب الريح لامحالة، فالتاريخ يشهد بأنهم صاحب حضارة شامخة، يمتد حذورها الى مئات او آلاف السنين، وانه انجب الكثير من العلماء والقادة، الذين تركوا بصماتهم في تاريخ الانسانية برمتها كـ صلاح الدين الايوبي، الذي رفع الظلم والغبن عن الامة العربية والاسلامية، في ملحمة انسانية رائعة، عجزت الامة العربية برمتها وجبروتها، فعل ما فعله هذا القائد الكردي للعرب انفسهم، وكذلك كاوا الحداد الذي يعد اشهر بطل اسطوري على مستوى المنطقة والعالم، والذي خلّص البشرية من ظلم الطغاة والمجرمين.

واذا امعنا النظر في مسألة لجوء القذافي الى بلد ما هرباً من الثوار، رغم انني ارى بأن العقيد سوف لن يفرّ، وسيلاقي مصير صدام حسين ربما، ndash; فأنه في حال هروبه سيلجأ على الاغلب الاعم الى احدى الدول العربية، التي لا تزال عدداً كبيراً منها تدار من قبل انظمة ديكتاتورية مستبدة، لا تقل عن نظام العقيد القذافي، وهي لا تؤيد سقوطه ابداً، لأنها تتشابه معه وتقاسمه الديكتاتورية والاستبداد والفساد والشمولية، لذلك فأن هذه الانظمة العربية، تبدو في نظر شعوبها وفي نظر العالم ايضاً، بأنها نسخة طبق الاصل من نظام العقيد الليبي.

وفي هذا المضمار حدث ولا حرج، فالنظام السوري على سبيل المثال لا الحصر، لا يقل ديكتاتورية وعبثاً بثروات البلاد والعباد، ومصادرة للحريات وقمعاً للآخر المختلف عن نظام القذافي، وكذلك النظام اليمني، الذي على شفا حفرة من السقوط او ادنى، وكذلك النظام السوداني الذي تلطخ يداه، بدماء عشرات او مئات الالوف من ابناء شعبه، لدرجة اصبح الرئيس نفسه ملاحق دولياً، من قبل محكمة الجنايات الدولية، والامر ذاته ينطبق على جلّ الانظمة العربية الاخرى، مع بعض التفاوت البسيط بين هذا النظام وذاك.

من هنا فأن القذافي غير مرحب به في كردستان البته، و ربما مرحب به في اماكن اخرى كثيرة من العالم، سواء أكانت دولاً عربية كما اسلفنا، او افريقية او امريكية، لأن الرجل اغدق الكثيرين طوال اربعة عقود من الزمن بخيرات كثيرة جداً، ودفع لدزينة كبيرة من المستبدين امثاله، اموالاً طائلة من ثروات الشعب الليبي، ربما تحسباً لأي طارىء.