المجرمون واللصوص والقتلة من رعاع ماأختلقه مقتدى الصدر وطبعه بطابع روحي quot;جيش المهديquot; ومن تبعهم من مليشيات الأرهاب بعد أن تمَّ أزاحة النظام العشائري الدكتاتوري عام 2003 مازالوا يسرحون ويمرحون ويعاد تذكيرنا بهم بمناسبة أو بأخرى، تحت ظل قيادة quot; من أحبَّ شيئاً أكثَرَ مِن ذِكرِهِ quot;.

يُشوه السيد مقتدى الصدر بأميته وجهله وعدم وعيه بواقع شعب العراق وتطلعاته ومنحى سياسة العراق في الداخل والخارج، ويُسيئ الى المراجع الدينية العليا بنفس درجة الأساءة الى علاقات العراق الخارجية. حثُ مليشيات أبناء الشعب(من فقراء الجيوب والثقافة) وأستعراضهم تحت غطاء مذهبي في مسيرات وتظاهرات عبثية وقيام بعضهم بسحق الاعلام الأمريكية والبريطانية أضافة الى العلم الأسرائيلي،هي أشارات أعادة سطوة الأرهاب بلغة التهديد. تلميحات السيد مقتدى الغوغائية ألى أن quot;الشعب مطيع لقياداته الدينية والشعبية وانه مع حكومته درع للوطن الحبيب، وان صوته أعلى من اصوات المطالبين او الراغبين ببقاء المحتلquot;، ماهي أِلا قيح وغيّ ودعوة مُعلنة الى أستمرار التخريب والتدمير لخراب زمني أعظم.

ثنائية ترسيخ العلاقات مع أيران وتركيا ودول الجوار وتنميتها مع الولايات المتحدة لاتروق للسيد مقتدى ولاتتماشى مع منهج الولاء الأعمى لأيران، وترديده وتشجيعه لممثليه البرلمانيين منهم على quot; قتل الأمريكيينquot; أذا لم يتم سحبهم بنهاية هذه السنة، لها عواقب قانونية وجزائية وتُعيد وضع العراق في قائمة quot;الدول الراعية للأرهابquot; على نفس مستوى تنظيم القاعدة الأرهابي.

على الأقل، يفهم السيد مقتدى أن الاتفاقية الأمنية تمَّ توقيعها بعد تفاوض بين حكومتي بغداد وواشنطن وتنص على مغادرة القوات الأمريكية في نهاية كانون الاول/ديسمبر هذه السنة أِلا أذا تم تعديل أو تجديد أو أدخال نصوص أضافية تتفق وتتناسب مع مصالح الدولتين. كما يفهم السيد أن رفع الغطاء الأمني الأمريكي من حماية العراق جواً وأرضاً سيُعرض البلاد لأنتكاسة جديدة وتدخّل تركيا وأيران في شؤون العراق الداخلية، كما يعرف الجميع.

دعوة الصدر الىquot; قتل الأمريكيين وتهديده بأن جيش المهدي التابع له سيقاوم وجودهم عسكريا وسياسيا وثقافيا في حال بقائها بعد الموعد المقرر لرحيلهاquot; سيضع العراق (رسمياً) بين الدول الراعية للأرهاب تحت طائلة لوائح القوانين والأعراف الدولية، كما أنها خدمة تطمح أسرائيل نشرها عن quot;عراق الأرهاب quot; بين المنظمات الدولية والتأكيد بأن من لهم مقاعد برلمانية عراقية يمارسون الأرهاب قولاً وفعلاً على لسان قائدهم. أما كيف أصبحت مليشيات اللصوص والقتلة بشائر خير وتُقرر للبلاد مسيرها ؟ فذلك كما يقال quot; يأتيكَ كُلُ غَدِ بما فيهquot;.

في نيسان/ابريل من هذه السنة هدّدَ مقتدى الصدر برفع التجميد عن جيش المهدي الذي خاضت قوات الأمن العراقية لحكومة المالكي عام 2004 معارك دامية بمساعدة عسكرية أمريكية لوقف جرائهم وسرقاتهم في البصرة وبغداد والنجف وكربلاء. ويُعيد مقتدى تهديداته،لأعتبارات يرتأيها من يوجهونه ويرشدونه، بأنه سيعاود الكَرَة اذا لم تنسحب القوات الاميركية في الموعد المحدد، وسيرفع تجميد فعاليات مليشياته التي أوقف نشاطها شخصياً (وتبرأَ في حينها) من بعض قياداتها وزمرها المجرمة المنشقة عنه في اب/اغسطس 2008. هذه التهديدات المكشوفة خطيرة الجوانب وتحتاج لمعالجة جذرية وجدية، لا التهاون بشأنها والمتاجرة بها كم تفعله بعض القوى العراقية من الكتل السياسية التي تدفع بالأزمة نحو الكارثة وتؤججها بطرق لا أخلاقية خبيثة.

ومهما كان التعليل في دولة يبشر فيها قائد أمي متعجرف بنيته خلق الصراع وتغذيته بطبقات الشعب الفقيرة وبما له من ممثلين ومقاعد برلمانية فأن ألقاء الضوء على غباء بعض عناصر الداخل العمياء لحاجات أساسية فاتهم معالجتها بحرص ديني وأخلاقي لتفاوت معرفتهم بما هو مطلوب بنائه لاتقاس بأي مقارنة تعريفية للوطنية أو حتى بالتسائل بمن هم الأعداء، فعلاج أمراض سيكولوجية لساسة (صنع العداء والأعداء) والدعوة للأرهاب ليس بالأمر السهل وقد لاتؤدي دراسته الى النتيجة المطلوبة لأن موضوع الخلاف بيننا هو الأشارة الى العدو الحقيقي وتحديد أهدافه المُعلنة والسرية.

أولائك الذين ظهروا فجأة الى سطح العمل السياسي لمعارضتهم نظام الرئيس السابق صدام وأنتقدوا فيه توليه السلطة فردياً، يتملكهم اليوم ولاء أعمى وينتهجون سياسة خلق الأعداء في منهج العمل العراقي الجديد. هؤلاء هم الصيغة والصورة التي طبعوها ونشروها بمحض أرادتهم عن العراق وعن أنفسهم. بعض هؤلاء القادة العراقيين يتلفضون سموم الكراهية والعدوانية ولهم صوت في مستقبل العراق ينافي المبادئ التي أنتفظ منها شعب العراق بقومياته ومذاهبه وأطيافه، ولاأجد أي مبدأ خلقي يمنعني عن نشر افكارهم المريضة للصورة المشوهة التي رسموها لشخوصهم بأنفسهم.


ومن سوء التقدير والبصيرة أن يظن البعض أن جيش المهدي ومجموعات اللصوص والقتلة (على الطريقة الصومالية) سيحمون العراق ويصونون سيادته وأرضه من تدخل دول تتربص بالعراق.

وينبغي أن يُدرس أعلانُ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في 11 ايار/مايو انه سيجتمع بالكتل السياسية لتحديد الموقف من امكان الطلب من القوات الاميركية الموجودة في البلاد منذ عام 2003 تمديد فترة بقائها، على ضوء الحاجة الداخلية والأقليمية، ولنتعلم من دول الجوار الفوائد التاريخية والعسكرية التي حققتها لهم المظلة الجوية الأمريكية وقواعدها المنتشرة في دول الخليج العربية وتركيا.

وكي لانزرع بأيدينا بذور الكراهية ويعادينا العالم وكي لانختار طريق العداء والشقاء، نخاطب ذوي العقول الحية لتطلب الحياة لأجيالها ولترى العراق في عيون العراقيين، لا بهتافات الموت لأعدائنا ونحن أعداء أنفسنا.

حركة الصدر وحزب الدعوة والمجلس الأسلامي الأعلى خاضوا حرب مريرة لنيل حقوقهم التي أمتهنها وسحقها النظام السابق وأرهابه، وضحت أجيال من الشباب في سبيل رفع الضيم والظلم والتشريد عنها ولايمكن أن يُسمح لمن يثير الضغينة والكراهية والعداء بطريقة شيطانية التصريح بأن quot; quot;الشعب مطيع لقياداتهquot; كتصريحات صدام بطاعة الشعب له وماسببه للعراق مِن مذلة وعُقوباتﹴ وتَنكيلﹴ وأمراضٍ وفُقر وحُروب فاشِلَه.

باحث سياسي وأستاذ جامعي
للمراسلة :
[email protected]