من منطلق حبي لبلدي ولأهلي الشرفاء المصريين أقباط ومسلمين قمت بزيارة لمصر منذ بداية لشهر الجاري استمرت ثلاثة أسابيع كاملة، كانت مملوءة بالإجتماعات والمقابلات علاوة على التواجد شبه اليومي أمام مبنى ماسبيرو معلناً إستنكاري للأعمال الإرهابية التي حدثت في إمبابة كحرق الكنيسة وعدداً من بيوت الأقباط المجاورة والتنكيل بجثة حارس الكنيسة بعد قتله بالرصاص بسكب البنزين عليه وتفحيم جثته، كانت الزيارة مشحونة بالمقابلات منها على سبيل المثال مع رجال الدولة:
اللواء العيسوي وزير الداخلية استمر اللقاء أكثر من ساعتين كاملتين تحدثنا عن أهمية الأمن والقانون وضرورة القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة لينالوا جزائهم العادل.
المجلس العسكري مع اللواء محمود حجازي واللواء إسماعيل عتمان اللذان شرحنا لهم رؤيتنا ورؤية المصريين في المهجر من تخوفهم على مصر خاصة اعتقاد الغالبية في الخارج والداخل أنهم موالين للإخوان أو للسلفيين... استمر اللقاء أكثر من أربعة ساعات وتحدثنا بصراحة وصدق وموضوعية معلنين رفضنا للإجراءات العرفية التي تنل من هيبة الدولة لتعلن سطوة طيور الظلام.

مع اللواء اللواء محسن النعمانى وزير التنمية المحلية وتطرقنا لضرورة حل مشاكل الكنائس المتراكمة خاصة بعدما عرفنا أن هناك مشاكل لـ 200 كنيسة على مكتب سيادته.
كانت هناك أحاديث لنا (أعضاء اتحاد المنظمات القبطية بأوروبا) مع الإعلام المرئي كالإعلامي عمرو أديب والإعلامية هالة أبو علم والإعلامية ريهام المسيري والإعلامية سوزان المليحي والإعلامية ريهام إبراهيم ومداخلات مع قناة الأخبار والمحور... على هامش مؤتمر إتحاد المنظمات القبطية بأوروبا.

الإعلام المقروء مع الأستاذ إسماعيل جمعة من الأهرام وندوة في مقر جريدة الأخبار ومؤتمر صحفي بمركز جريدة المشاهير وندوة بمقر جريدة اليوم السابع وعدداً من الصحف الأخرى.

بعد تلك اللقاءات أدركت شئياً هاماً ألا وهو أن الإعلام المصرى لم يتطهر من ثورة 25 يناير وما زال يعيش على أوهام الماضي وأنه سيحتاج ربما عدداً من السنوات ليمر بمرحلة التطهير في الفكر والآداء خاصة الإعلام المقروء.

الإعلام المرئي حاول بكل الطرق إضفاء عدم الشرعية على المتظاهرين الأقباط أمام ماسبيرو معتبرهم ضد الوطن على الرغم أنهم لم يكونوا جناة بل ضحايا على الرغم ان مايقومون به quot; حق الصراخ والبكاء والعويل quot; على انعدام الأمن وتساهل العدالة مع الجناة محاولاً تهميش الاعتداء وكأنها حادث يومي طبيعي متغافلاً أن مصر قبل 25 يناير تختلف عن مصر بعد ثورة 25 يناير وأن لكل الأطياف السياسية حق الحياة الكريمة وليس من حق فئة أو جماعة أياً كانت الاعتداء على حق الآخر فما بالك إن كان هذا الاعتداء على الشرف والعرض والحياة والمال... التغير الوحيد الإيجابي هو استقبالنا في التلفزيون المصرى بعد زوال أخطبوط أمن الدولة الذى مازال ضعاف النفوس يقبع هذا الجهاز فى نفوسهم وافكارهم.

الإعلام المقروء هناك تغييراً إيجابياً بات واضحاً مثل تحول عددا من الصحف القومية مثل الأهرام والأخبار في معالجة قضايا الاعتداءات ضد الأقباط وسقوط صحف حزبية مستنقع الصحف الصفراء بعد انحدارها إلى مستنقع التطرف فعلى سبيل المثال كتبت إحدى الصحف الحزبية تحت عنوان مثير للسخرية (عشرة أقباط مثيري الفتنة) وبحمد الله لقد حصلت على رقم خمسة !! فانطلاقاً من حرية الرأي احترم رائى الكاتب ان تحلى بالصدق والوضوعية ولكن اسلوبة اتسم بالكذب والتدليس وهنا المأساة الكبرى وهي الانحدار إلى القاع فالسيد محرر التقرير أعطاني عنوان غير عنواني الحقيقي فأنا أعيش في أوروبا ولست في أمريكا وقام بتغيير عائلتى ونسبنى لعائلة أخرى... مما يؤكد أن السيد الصحفي الكاتب الهمام كتب مقال من قاع الفراش..مستهينا ليس بعقول القراء فقط بل بالصحيفة ورئيس تحريرها والمالك الفعلى للصحيفة!!

الحقيقة الأخيرة وجب على الإعلام المصري أن يكون وطنياً ويعمل على شرح مآسي شريحة كبرى من شعب مصر الذين يعانون الإرهاب كما يجب عليه التركيز لشرح المشكلة والاعتداءات رافضاً تبرير الهجوم على البيوت والكنائس وأعمال الحرق والقتل والترويع مقدماً صورة صادقة لتلك الأعمال الإجرامية التي ليس لها أي سند في المجتمعات المتحضرة.
لذلك كنت أتمنى أن يتم بث الصور الحية من الكنيسة وجثة حارس الكنيسة المتفحمة ليعلم الجميع أي نوع من البشر قام بتلك الأعمال... ولنقل صورة مشينة لأعمال قام بها رجال مؤدلجين دينياُ يسيئون للدين والوطن معاً.

كنت اتمنى ان يصرح الاعلام المصرى ان مظاهرات الاقباط ليس لطلب زيادة فى المعاش او العلاوة الشهرية... انما تظاهروهم الما وحزنا وهذا حق لهم كنت اتمنى ان يطبق اعلامنا المصرى تلك العبارة quot; بدلا م ان تنهى الباكى عن البكاء انهى الضارب عن الضرب quot;.

أخيراً كم أتمنى أن يتطهر إعلامنا ومفكرينا بعد ثورتنا البيضاء التي صهرت الشعب المصري في بوتقة واحدة كم أتمنى أن ننهي حصر حلول الفتنة الطائفية في قبلة بين كاهن وشيخ وأنا صديقي مسيحي وأبي بيتعالج عن دكتور مسيحي.. إن ما يجب أن نعلنه للجميع أننا نريد أرض الواقع وإيقاف الاعتداءت الدامية عليها ليس بالقبلات بل بعمل صادق أمين.


[email protected]