قرأنا قبل اسبوعين (16 ايار 2011) في صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية أن وزير القوات المسلحة نيكولاس هارفي كان قد صرح انه من المرجح ان محكمة الجرائم الدولية ستسعى للقبض على بشار الأسد لدوره في الجرائم ضد المحتجين المدنيين في سوريا. وبعد ذلك بثلاثة ايام فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على بعض افراد النظام.
كلنا ندرك ان بشار الأسد ليس المسؤول الوحيد عن الجرائم التي ترتكب يوميا في سوريا. ولكن يجب الاشارة الى خطاب بشار الأسد بتاريخ 30 مارس آذار حيث تحدث بطريقة مبهمة عن الاصلاح ولكنه شدد على استعداده للمواجهة. ولاحظ من استمع للخطاب ان الرئيس بشار لم يستوعب دروس ليبيا ومصر وتونس واليمن. بعبارة اخرى قرر النظام على خيار العنف والقتل والمواجهة مكررا النغمة التي تقول ان سوريا ليست ليبيا وليست مصر.
ومن اخطاء النظام الكارثية انه وضع اللوم على الآخرين ووزع الاتهامات شمالا وجنوبا وشرقا وغربا حيث شملت قنوات الجزيرة والعربية والبي بي سي والاخوان المسلمين والمندسين والأيدي الخفية والموساد والسي آي ايه والسعودية والأردن والكويت وقطر وفيس بوك والخونة والعملاء والصهيونية العالمية والسلفيين والارهابيين. بعبارة اخرى ان الكل مخطيء والكل خائن وان الوطنية والصواب هما احتكارا لزمرة دمشق.
فضح اكذوبة آخر قلاع القومية والمقاومة
لعدة عقود نجح نظام دمشق في تسويق فكرة آخر قلاع القومية العربية وجبهة الصمود والممانعة والرفض ودعم المقاومة. ولكنه لم يفسر هدؤ جبهة الجولان لاربعين عاما وتصريحات رامي مخلوف لصحيفة النيويورك تايمز الأخيرة ان النظام سيقاتل حتى النهاية للبقاء في السلطة ولكنه اضاف ان امن واستقرار اسرائيل يرتبط ويعتمد على أمن واستقرار سوريا. هذا التصريح اكد أكذوبة المقاومة والرفض وقلعة القومية.
هل يصدق آحد ان اي من المحيطين ببشار الأسد يعير اي اهتمام لحقوق الانسان او مباديء الديمقراطية. هل آصف شوكت وماهر الأسد وعلي المملوك وحافظ المخلوف معروفين بدفاعهم عن حقوق الانسان او اهتمامهم بمباديء الديمقراطية. أليس همهم الوحيد هو البقاء في مناصبهم والسيطرة على البلد ومقوماتها الاقتصادية وجمع المال والنفوذ على حساب الشعب الذي يعاني البطالة والفقر والقهر.
حمزة الخطيب ومرشد ابا زيد
في تقرير صحيفة الصندي تايمز اللندنية 29 مايو آيار تم اعادة جثة حمزة الخطيب 13 عام لذويه وكان من الواضح ان الطفل تعرض للتعذيب والتمثيل بجثته التي يظهر عليها تمزقات وجروح ورضوض وآثار ضرب بكرباج كابل كهربائي وحتى ان عضوه التناسلي تم بتره. عيونه كانت سوداء اللون ومنتفخة ورقبته مكسورة. قد يسأل سائل هل تجرؤ اسرائيل على ارتكاب جرائم من هذا المستوى ضد اطفال فلسطين؟ وبنفس الوقت حسب الصحيفة اجبرت عصابات الأمن والد حمزة بأن يقول على الاعلام السوري ان متطرفين اسلاميين قاموا بقتل ابنه. لا احد يصدق الرواية السورية الرسمية التي عرف عنها بالكذب والتضليل. اما مرشد ابا زيد 18 عاما الذي كان يخضع للعلاج في احد المستشفيات جراء طلقات نارية في وجهه على ايدي شبيحة النظام حيث اقتحمت عصابات بشار المستشفى واختطفت مرشد وتم اعادة جسده لذويه بعد عدة ايام ولوحظت حروق وجروح في جسده وكسر في رقبته وانفه. وفي هذا الاطار قال ناطق باسم هيومان رايتس ووتش منطمة حقوق الانسان العالمية ان معتقلات سوريا هي الاسوأ في العالم من حيث سؤ معاملة المعتقلين وتعذيبهم والتنكيل بهم.
الرد العربي البطيء الخجول
من الغريب ان معظم الاعلام العربي الرسمي والدول العربية وعلى رأسها الجامعة العربية بقيت صامتة ازاء جرائم نظام دمشق. اذا تم استثناء المرصد السوري لحقوق الانسان وقنوات الجزيرة والعربية وصحيفة الشرق الأوسط وموقع ايلاف وبعض مواقع المعارضة السورية بقي الاعلام العربي بشكل عام خجولا ومترددا في ادانة الجرائم التي ترتكب يوميا ضد المتظاهرين السوريين. لا يمكن فهم اسباب صمت الجامعة العربية التي ايدت الحظر الجوي على ليبيا وعلى حماية المدنيين في ليبيا من عصابات القذافي ولكنها تلتزم الصمت المريب عن الجرائم ضد الشعب السوري. ومن اللافت للانتباه ان زعماء المعارضة في الأردن الذين يطالبوا باصلاحات ديمقراطية التزموا الصمت والسكوت ولم يعلنوا تأييدهم لاخوانهم السوريين الذي يطالبوا بالاصلاح والتغيير الديمقراطي. السبب في ذلك انهم ابتلعوا رواية quot;آخر قلاع القومية والمقاومةquot;. هذه الرواية السورية لا تنطلي الا على الساذجين في الشارع العربي.
ولا نستهجن ان هناك من يدافع عن النظام من حلفاء مثل حماس وحزب الله وايران فهؤلاء لهم مصلحتهم في استمرارية نظام دمشق ولكن التردد الاميركي والاسرائيلي في ادانة النظام يفتح مجالا للشكوك في مصداقية النظام الممانع والمقاوم. ونجد انفسنا نصدق ما قاله رامي مخلوف ان امن اسرائيل يعتمد على أمن دمشق. بات من الواضح ان الجيش السوري والأمن السوري ليس مهيأ للدفاع عن الوطن وتحرير الاراضي المحتلة بل لقمع الشعب وحماية النظام من الشعب السوري الغاضب.
اعلامي عربي - لندن
التعليقات