التقرير الذي نشر مؤخرا عن quot;حال سوق العمل الأمريكية quot;، أظهر ارتفاع معدل البطالة في شهر مابو الماضي بنسبة 9%، وأن عدد الوظائف المستحدثة أقل من المتوقع ثلاثة أضعاف، ما يعني أخفاق السلطات الأمريكية في تحقيق النمو الاقتصادي المأمول، رغم انفاقها quot; ترليونات quot; الدولارات علي انقاذ اقتصادها.
الخبير الألماني quot;كاي كارستينسينquot; أكد أن مختلف البرامج الموجهة لدعم الاقتصاد الأمريكي لم تتمخض إلا عن تأجيل معالجة المشكلات البنيوية في الولايات المتحدة وهو ما يتطلب قدرا أكبر من الأهتمام الآن، والتركيز علي حل مشكلاتها الداخلية، كتفشي البطالة، وتضخم الدين الحكومي، وهذا يعني أنها تكف تدريجيا عن لعب دورها كقاطرة للاقتصاد العالمي.
quot;جوزيف س. نايquot; مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، والأستاذ بجامعة هارفارد، وصاحب تعبير quot;القوة الناعمةquot; ومؤلف كتاب quot;مستقبل القوةquot;، باغت الجميع قبل أيام بأن quot;القوة الاقتصادية لن تحل محل quot;القوة العسكريةquot; أبدا، وقال بالحرف الواحد: quot;إن القوة العسكرية توفر درجة من الأمان، وتشكل بالنسبة للنظام الأكسجين بالنسبة للتنفس: حيث لا ننتبه إلي أهميتها إلي أن تصبح نادرة، وعند تلك النقطة فإن غيابها يهيمن علي كل ما عداها. إن القوة العسكرية في القرن الحادي والعشرين لن تشكل بالنسبة للدول نفس الأداة التي شكلتها في القرنين التاسع عشر والعشرين، ولكنها سوف تظل تشكل عنصرا حاسما من عناصر القوة في السياسة العالمية quot;.
كلام quot; ناي quot; يحمل مجموعة من الرسائل الجديدة للعالم، وفي المقدمة الصين، وهو (تطوير) للاتجاهات القومية الجديدة التي ظهرت تحت تأثير الصدمة الناتجة عن زلزال 11 سبتمر 2001، ودخول عصر العولمة أحادية القطب وتأثيرها علي السياسة الخارجية الأمريكية، حيث أعلن quot; دونالد رامسفيلد quot; وزير الدفاع الأمريكي وقتئذ، وممثل الصقور داخل ادارة quot; جورج بوش quot; الإبن: أننا نسعي إلي تحقيق اللقاء بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين quot;، وقصد بذلك العودة إلي ما كان يعرف بالنظام البريطاني في ثوب أمريكي، أما القرن التاسع عشر فهو قرن الاستعمار المباشر وغياب ثنائية القطب في النظام (الاقتصادي - السياسي).
quot; جوزيف ناي quot; يعلم علم اليقين أننا بصدد عالم متعدد الأقطاب والقوي، وأن quot;هدف القرنquot; الحادي والعشرين، هو أن يصبح عالمنا أكثر أمنا وسلما ndash; كما جاء في مقالي السابق ndash; وبالتالي فإن استراتيجية المحافظين الجدد والاتجاهات اليمينية في الولايات المتحدة، لا تصلح لمجابهة تحديات ومستجدات القرن الحادي والعشرين.
يقول quot;نايquot;: اليوم نشأت درجة عالية من الاعتماد المتبادل بين الصين والولايات المتحدة علي الصعيد الاقتصادي، ولكن العديد من المحللين يسيئون فهم الآثار التي قد تترتب علي ذلك، فيما يتصل بسياسات القوة. صحيح أن الصين قد ترغم الولايات المتحدة علي الركوع بتهديدها ببيع ما تقتنيه من احتياطات ضخمة من الدولارات، ولكن هذا التصرف لن يؤدي إلي خفض قيمة احتياطاتها بسبب ضعف الدولار فحسب، بل ومن شأنه أيضا أن يعرض الطلب في الولايات المتحدة علي الواردات الصينية للخطر، وبالتالي فقدان الوظائف وعدم الاستقرار في الصين، أو تستطيع أن تقول بعبارة أخري إن إرغام الولايات المتحدة علي الركوع يعني إرغام الصين لنفسها علي الركوع أيضا quot;.
ولا جدال في ذلك، ‬فإذا كانت المنافسة بين الولايات المتحدة والصين،‮ ‬أمرًا قائمًا وموجودًا منذ قرون طويلة،‮ ‬فإنه لم يحدث قط في التاريخ أن وجد هذا الترابط الكامل بين الدولتين المتنافستين،‮ ‬فكل منهما تستطيعان أن تلحقا الضرر ببعضهما البعض،‮ ‬وبنفس القدر،‮ ‬وهو أمر جديد كل الجدة ولكنه في نفس الوقت مطمئن بالنسبة لمستقبل السلام العالمي‮، وهدف quot;القرنquot;.
وحسب الصحفي المخضرم quot;توماس فريدمانquot; في كتابه المهم‮ ‬العالم مستو‮.. ‬موجز تاريخ القرن الحادي والعشرين‮‬،‮ ‬فإن بنية رأس المال العضوية الراهنة،‮ ‬أو بالأحري عملية الانتاج العالمية،‮ ‬ورأس المال أحد مكوناتها،‮ ‬من التداخل والتشابك والتعقيد إلي درجة قد تمنع قيام الحروب،‮ ‬التي عرفناها،‮ ‬مستقبلا‮.‬
وللحديث بقية....

[email protected]