يوم الجمعة القادم ستعلن هيئة المحلفين بولاية نيويورك قرارها في التهم المنسوبة إلي quot;دومينيك ستروس ndash;كانquot; مدير صندوق النقد الدولي، منها الاعتداء الجنسي واحتجاز حرية انسان ومحاولة الاغتصاب، علي خلفية شكوي عاملة تنظيف الغرف في فندق سوفتيل في نيويورك حيث كان ينزل.
في تصوري أن الإجراءات القانونية السريعة التي اتخذت في هذه القضية حتي الآن، تمثل نقلة نوعية ومنعطف جديد في معالجة جرائم الاغتصاب وقضايا المرأة، ليس في الولايات المتحدة فقط وإنما العالم أجمع، والذي يبدو وكأنه في انتظار إشارة البدء من quot;نيويوركquot;... لماذا؟
الناشطة السياسية والناقدة الاجتماعية الأمريكية quot;ناعومي وولفquot; مؤلفة كتاب (أعطني حريتي: دليل الثوريين الأمريكيين)، وهبت حياتها للدفاع عن ضحايا جرائم التحرش والاغتصاب الجنسي، والكشف عن هوية هؤلاء المجرمين أو الذئاب الآدمية الذين يتقلدون مواقع (حساسة) غالبا، في الجامعات والمؤسسة العسكرية الأمريكية وأجهزة الحكم.
quot;ناعوميquot; كتبت مقالا عام 2004 في مجلة نيويورك عن تجربتها الشخصية في التعرض لانتهاك جنسي أثناء عامها الدراسي الثالث في جامعة quot; ييل quot; علي أيدي أستاذ جامعي شهير، وكيف أن الجامعة تتفنن في التكتم علي مثل هذه الجرائم المشينة، بينما تصر ناعومي في شجاعة علي كسر قاعدة السرية في الإبلاغ عن جرائم الجنس لوسائل الإعلام وتسليط الضوء عليها، وكلما تم فضح مرتكبيها أيا كانوا كلما قلت نسبة هذه الجرائم في المجتمع والعكس بالعكس.
قبل ثلاثة أسابيع نشرت quot;نيويورك تايمزquot; موضوعا مهما يمس صميم سمعتنا ndash; ومر مرور الكرام - بعنوان quot; مراسلة السي بي أس في القاهرة: تسرد وقائع الاعتداء الجنسي الهمجي عليهاquot;، الأوصاف والتعبيرات التي أطلقتها quot;لارا لوجانquot; في هذا الحوار الصحفي لابد أن تستوقفنا لنراجع المنظومة الأخلاقية ndash; المعرفية كلها.
قالت: حدث ذلك مساء 11 فبراير في ميدان التحرير، وعقب تنحي مبارك. وبينما كنت أقوم بواجبي المهني وأنقل بأمانة للعالم لحظة بلحظة تطلعات الثوار وآمالهم في التغيير، ألتف حولي أكثر من 200 رجلا مزقوا ملابسي واستباحوا جسدي وتلذذوا بآلامي واستمتعوا بصراخي.
quot;لاراquot; أكدت أنها لن تعود إلي مناطق الصراع في الشرق الأوسط، لأن الغرب وquot;المرأة الغربيةquot; تحديدا هي (العدو) الحقيقي للمنطقة وليس أنظمة الحكم الفاسدة والمستبدة، حجة quot;لاراquot; القوية هي أن ما حدث لها من اعتداء جنسي مرعب وقاسي، لم يكن أثناء الثورة ولا في مكان مجهول وإنما عقب (نجاح الثورة) مباشرة بإعلان عمر سليمان تنحي مبارك وفي قلب ميدان التحرير!
حوار quot;لارا لوجانquot; كان محاولة لكسر quot;الصمتquot; عن جرائم الاعتداء والتحرش الجنسي، أو كسر هذا القانون الظالم الذي ظاهره حق وباطنه باطل، لن تخدم السرية quot; الضحية quot; أبدأ بل الجاني دائما، وأصبح من مصلحة عاملة فندق سوفتيل وناعومي وولف ولارا لوجان، فضلا عن الصحة النفسية للمجتمع ككل سواء في أمريكا أو الشرق الأوسط أو آسيا وغيرها، فضح هذه الممارسات اللا إنسانية بحق المرأة في العالم.
أخطر ما مسته quot;لاراquot; في حديثها هو أنها لا تعرف شيئا عن مستويات ونسب وأنواع التحرش والاعتداء الجنسي ضد المرأة في مصر، لكنها تأكدت من الدور القمعي للرجال. لم تسمح الظروف للارا ولا الوقت لتتأكد من أن: معظم جرائم العنف الطائفي في مصر اليوم تتمركز حول quot; المرأة quot;، حيث تتصارع الهويات الدينية والقبلية علي فرض هيمنتها علي جسدها وحريتها ومعتقداتها، والوصفة أصبحت جاهزة: خلط الدين بالشرف أقوي تبرير لحرق الكنائس (صول وأمبابة) وتكدير السلم العام.
لكن يظل السؤال الحائر هو: هل غياب القانون هو المسئول عن اشعال الفتن الطائفية في مصر أم quot; المرأة quot; ؟..... ربما تأتي الإجابة من quot; نيويورك quot; بعد ساعات!


[email protected]