كيف تتغير مصرمن حولنا؟.. كيف تسقط الإيديولوجيات والسرديات الكبري؟.. كيف يقود الشباب - خلافا لمعظم التوقعات - بفكره وأدوات عصره ثورته الكبري منذ 25 يناير عام 2011؟
نعم.. أنها أول ثورة شعبية حقيقية منذ حملة نابليون بونابرت علي مصر عام 1797، ثورة كشفت كل شئ علي حقيقته كرات الدم الحمراء والبيضاء داخل أدق شرايين مصر، ولن يجروء أحد - أيا كان - منذ الآن فصاعدا علي الكذب أوالخداع أو تزييف التاريخ من ترزية النظام وبطانته وأبواقه الناعقة.
الشارع هو الذي قاد الثورة وليست قوي المعارضة أو رموزها فقد جاءت متأخرة كالعادة، وأولاد البلد سهروا علي حماية الأرض والمال والعرض، حين أطلق علي الناس البسطاء العزل ليلا (من جهات شيطانية) فلول البلطجية والهاربين من العدالة وقطاع الطرق وسجناء الإرهاب.
ثورة الشباب تشتعل في ميدان التحرير (لاحظ معني الإسم ومغزاه) والميادين الكبري في المحافظات الأخري، مع قطع الانترنت وخطوط المحمول وكل وسائل الاتصال والتواصل الالكتروني بينهم، كلمات السر تنتشر سريان النار في الهشيم، والرموز والشعارات ومواعيد التحركات ومساراتها (بالعدوي)، وكأن العقل الجمعي المصري يفكر بطريقة واحدة، أو قل أنه عقل الكتروني كبير!
كل رموز الشعب المصري متلاصقة كتفا بكتف، الطبيب والعامل والمهندس والطالب، الشاب والكهل، المرأة والرجل والطفل، الصعيدي والبحيري والنوبي، والمسلم والمسيحي واللاديني، بصرف النظر عن العدد الذي تجاوز الملايين في ميدان واحد، وكأن الشعب المصري كله في باحة صلاة فجر عيد جديد.
شرعية النظام الساقط بعد 25 يناير 2011 حاولت بكل السبل غير المشروعة أن تسقط شرعية الشارع (لاحظ التشابه بين الشارع والشرعية) ولم تنجح، التضامن والتكاتف والتآخي بين الشعب والجيش المصري الباسل، مشهد الشارع كان رائعا : مسلمون يحمون الكنائس بأجسادهم ولم تسجل حادثة طائفية واحدة لتسقط كل الفتن والحيل والألاعيب القذرة علي مدي ثلاثين عاما.
لم تفلح كل الخطب (أو التنازلات) الرئاسية في إثناء الشباب عن ثورته، ولم ينجح التغيير الوزاري ولا تعيين نائب للرئيس في افراغ زخم الثورة من محتواها، حتي الترويع الذي مورس ضدهم - حتي كتابة هذه السطور - من قبل عملاء مندسين من النظام وبلطجية مأجورين (خمسون جنيها مصريا لتأييد النظام) وضرب المتظاهرون وثورتهم!
كل الرسائل الدولية من الدول العظمي والصغري، الصديقة والعدوة والبين بين، والمنظمات الدولية والأهلية وغير الحكومية، لم تصل إلي أذن النظام ولم يشعر بها أو يري اشاراتها، وبالطبع لم يشمها لأن الفساد أصابه بالزكام المزمن منذ زمن طويل... أنتظروا المفاجآت كل لحظة.. انها كلمات تحت الحصار.....
[email protected]