لا حرية في الشرق بدون اللون الاحمر، هذا ما رأيناه و لازلنا، في ربيع الثورات العربية، و ربما بالاحمر القاني و بالخط العريض كما يجري الآن في سوريا، و ان كانت هذه الثورات... سلميّة.
شهور مضت على هتافات الاطفال و كتابات الطباشير، و رحى الآلة القمعية للنظام السوري الدكتاتوري تطحن اسماء الحرية بمدنها، اريافها و شهدائها، وصلنا الى مرحلة الحساب بالارقام و تجاوزنا الاسم، كم شهيداً سقط اليوم، كم مصاباً، كم و كم و كم... خيمة نُصِبت لأهلنا الفارين من فوهات الدبابات و المدافع، و ربما تجاوزنا الخوف السريري الى حزن اللحظة و هستيريا الهتاف بالحرية.
ما يثير الرعب، و الفخر، في وطني سوريا، هو وحشية النظام و شجاعة الشباب الثائر لنفسه، فلوحة الدم في ليبيا و الامتحان القاسي للشعب الليبي امام حاكم طاغي و مجنون شاذ، هي في ذهن كل سوري، كنت أظن و قبل اندلاع شرارة الثورة السورية في درعا، بأن الكارثة الحاصلة في ليبيا ستمنع العقل و الارادة للشباب السوري بالانتفاضة و التفكير باسقاط النظام، هذا لأننا ندرك بالمطلق بأن نظاماً حاكما عبر (17) جهازاً أمنياً كنظام البعث السوري، لن يتوانى عن ارتكاب أفظع المجازر في التاريخ الحديث في سبيل البقاء في الحكم، و لكنني كنت على خطأ كالكثيرين، فكل من ينزل الى الشارع الآن يثبت لنفسه قبل أن يثبت العالم أجمع، أن ارادة الشعب فوق كل كلمة و صرخة الصمت مدوية في عرين المستبد.
ما يُقلق فعلاً هذه الأيام، هي دعوة بعض الاطراف و الاصوات هنا و هناك، الى (الحوار)!.. ليس خوفي من أن يتحول هذا الحوار الى فشل الثورة فقط، بل لأن هذا الحوار المزعوم سينشر البلبلة و سيهدر وقتاً اخر يحتاجه النظام، و سيكسب المتحاور شرعية البقاء.
أتساءل، أحياناً.. أفهم أن النظام يريد أن يشتري الوقت و الحجة بطرحه مسألة الحوار و افهم انها كذبة فاضحة، و نحن نعلم بأنه نظام الكذب، و هو أيضا يعرف بأنه مخادع، و لكن لماذا المعارض يدعو للحوار !!؟ هل هو تكتيك سياسي بأن المعارضة تعرف لغة الدبلوماسية!!.
90 يوماً مضى على انطلاق الثورة السورية ضد طاغوت الشام و لازلنا نجهل السيناريو القادم و التاريخ المحتمل للنهاية، سأكون صريحاً، برأيي، قد يطول هذا الأمر شهوراً و شهوراً و قد نتجاوز العام و آلاف الشهداء، سنشهد من هذا النظام مالم يرتكبه نظام قبله من جرائم، و لكني أقول لكل المتشائمين.... درعا لازالت تقدم الشهداء، تعلموا الدروس من درعا، من نساءها و اطفالها و شيبها و شبابها، الآن أعلم أننا منتصرون و ان نام العالم كله و مات الضمير الانساني على صوت قتلنا و نهر دمائنا، أعلم أن دكتاتورنا ساقط و إن تجيش بكل الحلفاء، بالطائفية.
بالوحشية، بالجن و أشباه الانس، أعلم أن نفحات الحرية تتنفسني كل صباح و أعلم... أني أدمنتها مع فنجان القهوة.
التعليقات