كي لا يتهمني أحد كما جرت العادة هذهالأيام - و خاصة من قبل بعض تنسيقيات شباب الثورة التي بدأت للأسف الشديد تستسلم لأجندات الاخوان المسلمين و التي quot;التنسيقيات quot; مازلنا نكن لها كل الحب و التقدير و نتضامن معها - بأنني من الطرف الآخر أود أن أذكر بأنني لنأتحدث عن النظام السوري لأن ذلك لا يعنيني لكن سأعيد كتابة موقفي الثابت من هذا النظام و أقول أن النظام السوري المستبد أصبح مفردة لا تنتمي إلى اللحظة الاجتماعية التي نعيشها و لم يعدله علاقة بأي جانب من جوانب الانسانية.


سأتحدث عن الأزمة الخطيرة التي قد تحاصرالثورة السورية المظفرة بسبب السلوكيات التي تصدر عن جماعة الاخوان المسلمين وبعضاً مما يطيرون في أجواء هذا الفصيل ممن انتقلوا من أقصى اليسار السياسي إلىأقصى اليمين القومي والديني و أقصدوا هنا الذين هللوا و صفقوا و تراكضوا إلى انطالياو بروكسل في آن , فالأخبار الواردة من بعض التنسيقيات المتواجدة في الداخل تشيرإلى محاولة بعض ممن يسيرون في الأجواء الإخوانية تحاول فرض إرادتها عبر إلزامالمتظاهرين بترديد شعارات دينية أكثر من الشعارات الوطنية لا بل أحياناً تتعدى إلى أكثر من ذلك برفع صور أردوغانوشعارات سلفية مذهبية و هذا أمر خطير يستفيد منه النظام السوري فضلاً على أنهتغذية لأفكار غير انسانية و غير حضارية و هذا موقف تاريخي و سلبي آخر يسجل علىالاخوان المسلمين بعد محاولة هذه الفصيل تسليم مصير هذه الثورة المظفرة لقوةخارجية تماثله ايديولوجياً و أنه كان قد تخلى في فترات عن معارضة النظام السوري بإيعازمن نفس القوى لمساعدة أو للوقوف إلى جانب اخوانهم في الدين quot; حماس ndash; غزة quot;و المفارقة الاعجب ان هؤلاء اليوم quot; أنصار حماس quot; يقفون جنباً إلى جنبمع النظام السوري يضايقون و يستفزون المعارضة السورية في الخارج بشكل واضح.


إن حركة الاخوان المسلمين السورية ليست هيالمرة الأولى عبر تاريخها تفقد الاتجاه الصحيح لمسارها الذي بدأته - بـ quot; بيانها التقييمي quot; 2001 - و هذا ما بدا جلياً للمتابعين عندما ركبت موج انتفاضة الشعب السوري و حاولت استئثارالقرار بوضع شروطها و فرض إرادتها على المؤتمر و المؤتمرين..!!


تحركت حركة الاخوان بعد سبات طويل لم يكنله مبرر سوى كسلهم واستسلامهم لفلسفة الخوف و نظرية القدر المكتوب و إنما بعدالعسر يسر و انتظار الفرص و البحث عن أساليب أقل كلفة للوصول إلى مبتغاهم السياسي ,و... لكن السؤال الذي يطرح نفسهالآن هل توقف هذه الحركة معارضتها للنظام السوري إذ لا سمح الله ارتكبت اسرائيلحماقة أخرى في غزة مع اسطول الحرية 2....؟ أو هل توقف معارضتها للنظام السوري إذاطلب منها المرشد الاردوغاني ذلك...؟؟ و السؤال الأهم الموجه اليوم للإخوان المسلمين الآن.. لماذا ساد الصمت و منذ اسبوعين موقف الحكومة الاردوغانية التركيةمما يجري في سوريا و بشكل خاص حماه....؟؟؟


نعم ركبت الموج لتروي مساحاتها القاحلة بدماءشهداء الثورة عبر ممارساتها الظاهرة فالأخبار الواردة من بعض التنسيقيات تشير إلىامتعاضها من ممارسات الإخوان المسلمين غير الواقعية وغير المتزنة في مواقفها منبقية فصائل المعارضة السورية و خاصة الكردية منها لإرضاء اسيادها في حزب العدالة والتنمية التركي أولاً و لنزعتها العروبية ثانياً و هذ ما بدا واضحاً عندما احتجت و عبر المدعو علي الأحمد و اخوانه على كلمة الشيخ مراد معشوق الخزنوي في انطاليا، لأنهاتضمنت المطالبة بفصل الدين عن الدولة والاعتراف الدستوري بالشعب الكردي في سوريا.إلى جانب رفضها القاطع لإيراد أحد المتحدّثين عبارة quot; الاحتلال العثمانيلسوريةquot; في كلمته، وأجبرت المؤتمر على توجيه الشكر الى تركيا وحكومتها الاسلاميّة، ما لم يدع مجال للشك حيال التنسيق القوي بين جماعة الاخوان المسلمينوحزب العدالة والتنمية الاسلامي التركي. وبالتاليالعمل للوصول إلى أهدافها بصرف النظر عن الوسائل و النتائج و طبعاً استقواءً بحكومة العدالة و التنمية شقيقتهم في الايدلوجية المنغمسة في التاريخ , و محاولة مصادرة قرار الفئات الأخرى من الشعب السوري و خاصة الفئة الصامتة حتى الآن و التي تعتبر الأكبر من مجموع الشعب الكردي و ادعائها بأنهاالأكثر شعبية و أنها الوحيدة المخولة بتمثيل الشعب السوري من خلال الضغط على بعض الفصائل التي تشاركها النشاطات واجبارها بقبول الأمر الواقع أقصد الاخواني الاردوغاني و المنسجم معسياسة هذا المحور الاسلامي...!!


و الحقيقة الأكثر مرارة هي الارتماء التام و استسلامها للحكومة التركية و رئيسها رجب طيب أردوغان الذي يعتبر الأب الروحي لمعظم فروع الاخوان المسلمين في الوطن العربي وبشكل خاص الفرع السوري هذا الارتماء الذي رفض بموجبه جملة laquo;الاحتلال العثماني لسوريةraquo; التي جاءت في سياق أحد المتحدثين في المؤتمر.


إن ما يصدر من حركة الاخوان المسلمين من مواقف خرجت أو حاولت أن تخرج خطاب ثورة الشباب السوري من إطارها الوطني و السياسي لتدخلها إلى إطارها الديني الصرف عبر الخطابات التحريضية التكفيرية و التخوينية من خلال شعارات أطلقها و يطلقها بعض منتسبي هذه الحركة و مؤيديها في المظاهرات.


صحيح أن الاخوان المسلمين في عشر السنواتالاخيرة أظهروا الجرأة في عملية تصحيحية لمسار سياسي خاطئ عندما أصدروا بيانهم التقييمي لمسيرة حركتهمالسياسية في سوريا و أعلنوا اعتذارهم عن الكثير من المواقف الخاطئة عبر مسيرتهم لكن و على ما يبدو و خلال متابعتي لممارساتهم التي يحاولون دائماً من خلالهاالتفرد بمصير الثورة السورية - أنهم ما زالوا أسرى لفكر ديني و سياسي منغلق ولا يبدون المرونة المطلوبة في ممارسة العملية السياسية حتى في تحالفاتهم مع القوى المنسجمة معها في مواقفها تجاه النظام السوري و لم يخرجوا رؤوسهم من التاريخ بعد.