لعلها واحدة من أغرب المواقف العجيبة حينما يقف من يطلق عليه أتباعه وحواريه لقب إمام الأمة وهو في نفس الوقت الخليفة الأول لزعيم الثورة الإيرانية آية الله الراحل روح الله الخميني هذا الموقف الغريب و العدائي من الثورة الشعبية السورية التي تمردت على قواعد الظلم والإقصاء و التهميش و النهب وتطالب بالعدالة وبحق الشعب السوري في تقرير مصيره بعيدا عن وصاية سلطة وعائلة ( شاهنشاهية ) طاغية و مستبدة ومستعدة لحرق سوريا على رؤوس أهلها من أجل الإستمرار في الحكم و التسلط وبكل عنجهية وإستهتار، وقد نعذر الزعيم الروحي الإيراني ومرشد الثورة السيد علي خامنئي على موقفه العدائي للورة السورية إذا كان دفاعا عن نظام إسلامي أو ديني معين فذلك أمر مفهوم؟ أما أن يدافع الخامنئي عن نظام بعثي فاشي مستهتر تتحكم في تحركاته أجهزة المخابرات ويمارس دورا تخريبيا في الشرق القديم فذلك مالايمكن تصوره إلا من خلال إخراج الخامنئي ومجمل القيادة السياسية الإيرانية الحاكمة من نهجها ووهجها الديني و العقائدي المتمترسة خلفه ووضعه في نصابه الصحيح و تقويمه الأصوب وهو المصالح الأنانية والقومية والطائفية المحضة البعيدة عن روح الإسلام وعن أبسط مباديء التشيع العلوي التي نعرفها وليس التشيع الصفوي الباطني الحاقد التخريبي الغريب عن أخلاق ومباديء و مثل أهل البيت الكرام عليهم السلام وعن أخلاقيات الإسلام الصحيح التقية الخالية من الشوائب إسلام النبي العربي محمد (ص ) الذي لايعرف النفاق ولا التقية ولا الباطنية و لا يدافع عن المعتدين و اللصوص و القتلة مهما كانت منزلتهم ومقامهم ( والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) و ( الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له إنشاء الله )... ودعوة السيد الخامنئي لإيقاف تدفق السلاح للداخل السوري ستكون أكثر مصداقية لو أنها تضمنت فعلا منع فيالق الحرس الثوري الإيراني من إمداد النظام السوري بالمقاتلين و السلاح والخبرات الميدانية في التصدي للجماهير؟ وستكون أكثر صدقية وإحتراما فيما لو نصح الخامنئي أصدقائه في عصابة دمشق بوقف غاراتهم الجوية على الآمنين و إيقاف المجازر البشرية الشنيعة ضد المسلمين في سوريا !! وسنصدق الخامنئي فيما لو أصدر فتوى تحرم هدر الدم السوري ولكن أن يتدخل الخامنئي و نظامه في أشد خصوصيات الشعب السوري الداخلية ويحشر أنفه فيما لا يعنيه ويصف المعارضة من الأحرار بصفات ليست فيهم فتلك وأيم الله مسألة غير مقبولة ولا منصفة و لا تعبر لا عن أخلاقيات أهل البيت ولا عن قيم الإسلام ولا حتى عن روح التشيع الثورية التي شوهها حكام إيران و لطخوا سمعتها في الوحل بعد أن ركبوا على موجتها وحرفوها عن مقاصدها الأصيلة في ظل صمت و إنزواء شيعي عربي لا نعرف دوافعه ولا أسراره، التشيع ليس بضاعة فارسية يدير دفتها أهل العمائم الإيرانية في قم وطهران ويجيروه لمصالحهم الوطنية والقومية و المصلحية إنه رسالة للعدالة ولمواجهة الظلم ولأخذ حقوق المستضعفين وثورة إمامنا الشهيد وسيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي ( ع) لم تكن لطلب السلطة ولا الجاه ولا المال و لا للسيادة فهو يمتلك نواصيها جميعا ولكنها كانت من أجل طلب الإصلاح و العدل في أمة محمد ( ص )، وهي رسالة ليست مختصة بقوم وجنس معينيين بل أنها للبشرية جمعاء، لذلك فحينما يأتي الخامنئي اليوم ويقف هذا الموقف العدواني من السوريين الأحرار و ينتصب دفاعا عن زمرة من القتلة و المجرمين و أعداء الإسلام في الشام فهو إنما يمارس فعلا معاكسا لما يعتقد به هو ذاته في تناقض فكري و مبدأي و أخلاقي فظيع مع أبسط مباديء الثورة الحسينية الخالدة، لقد وضع الخامنئي سيفه بجانب سيوف القتلة في الشام و أنحاز لجيش إبن زياد ضد عصبة أهل البيت الأبرار، فالثورة السورية هي في البداية والنهاية ثورة حسينية خالدة في إنتصارها للدم على السيف وفي مقارعتها بالأيادي و الصدور وأصابع الأطفال في بدايتها لأبشع وأقذر نظام متوحش و مستهتر يطلب شبيحته من مخالفيه إعتبار بشار النعجة بمثابة رب العباد !! ألا يعرف الخامنئي بتلكم الممارسات؟ ألم يتحرك ضميره إنتفاضا من أجل جثث الأطفال السوريين وأمهاتهم المكلومة؟ ألم يرفض الخامنئي حملات الإعتقال و الإعتصاب ضد الحرائر السوريات؟ ألا يشاهد الخامنئي بالصوت والصورة وبتقارير مخابراته الفظائع السلطوية المرتكبة في الشام منذ عصر الوالد والمجرم الخالد حافظ أسد وصولا لعصر السفاح بشار الشبيح !!... هل ينام الخامنئي قرير العين ودماء المسلمين في الشام تقطر و تسفك على أيدي زمرة من تلاميذ إبن زياد وشمر بن ذي الجوشن وأتباعهم من شبيحة المجرم بن المجرم... هل هكذا هي مباديء الإسلام وأهل البيت يا من تدعي إنك و نظامك إمتدادا لرسالتهم؟... إذا كانت للمجازر الدموية القائمة في الشام من فوائد فإنها أزاحت أغطية الوهم وأفرزت الحقائق و رفعت الغطاء عن المنافقين، و الشعب السوري في ثورته المنتصرة ليس بحاجة لكهنوت يحلل ويحرم، وسلاح السوريين سيبقى الأظافر إن إنعدم الناصر وغاب المعين، والشعب السوري ومنذ أول يوم من أيام ثورته رفع الشعار الخالد ( ما إلنا غيرك يالله ).. و سينتصر لأن الله ينصر من نصره، اما من يتخفى خلف الشعارات و يطلق كتائب الأحقاد فلن ينال سوى الخسران المبين في الدنيا و الآخرة...

[email protected]