أيها المصريون اطيحوا به قبل ان يتغول عليكم ويصبح فرعوناً آخراً في سلسلة الفراعنة الجدد في مصر الجريحة. انظروا الى قصة معبرة ومشابهة لقصتكم حدثت في العراق، رئيس حزب اسلامي تأسس اثناء الحرب الباردة للوقوف بوجه الحزب الشيوعي العراقي الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة انذاك، مما اقلق المعسكر الغربي برئاسة الولايات المتحدة الامريكية والتي اوعزت لحليفها الاكبر في المنطقة آنذاك، شاه ايران للبدأ بمسلسل تسييس المذهب الشيعي في ايران والعراق وباقي الدول الشيعية، كما سيسوا المذهب السني في مصر وباقي الدول السنية، اي ان حزب الدعوة الاسلامية هو النظير او التوأم لحزب الاخوان في مصر، كونهم ينافقون بادعائهم للديموقراطية التي هي تتعارض مع ثيوقراطية الاسلام الذي يمتهنوه (انما الحكم لله)، والاهم هو انهم خارجون من ذلك الرحم المبارك!

فشاءت الاقدار ان يعاد تصنيع وتكرير ذلك المنتوج الغير صديق للبيئة والمضر للاستهلاك البشري، فنراه عاد وبقوة في تونس وليبيا ومصر وغزة والعراق وقريبا في سورية وبنجاح ساحق! فالصانع انتج بضاعتين وفي وقت واحد خلال حربه الباردة مع الخصم ( المعسكر الشيوعي )، المنتوج الاول هو القومية المسيسة والمتمثلة بالاحزاب الناصرية والقومية والبعثية وغيرها من التيارات العروبوية المسيسة، والتي انتهت مع انتهاء تلك الحرب بتفكك الاتحاد السوفيتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي، اما البضاعة الاخرى التي هي مجال بحثنا اي الاسلام السياسي، فهي كالموضة التي يعاد العمل بها بعد ثلاث او اربع عقود من الزمن، من اجل المغالاة في البيع والربح الفاحش من قبل تجارها. ومن مفارقات الشبه بين المنتمين الى المنتوج الاسلامي بشقيه السني والشيعي، هو انه بمجرد الوصول الى سدة الحكم (من خلال الانتخابات طبعاً ) يتغول ذلك الحزب الديني quot;الشديد الحب للفقراءquot; ويتغير مفعوله تجاه حتى من انتخبه على الرغم من جودة الصناعة الامريكية، من خلال تجربتنا مع سيارات شيفروليه وجيب وغيرها ناهيك عن الايفون والايباد الرائعين.

فمالكي العراق ومن خلال تجارب مريرة خاضها متعثراً بحكم ذلك البلد الذي كان صعباً حتى على امير المؤمنين الامام علي ابن ابي طالب (ع)، وصل الى نتيجة براكماتية ميكافيلية بحتة وهي الاقتداء والسير على نهج معاوية! وان كان يدعي الولاء للامام علي (ع)،

فنراه بالاضافة الى الاغتيالات السياسية بالجملة التي قام ويقوم بها، لجأ الى التسقيط والتشهير بمناوئيه السياسيين من خلال تسييس القضاء في العراق، مستغلاً ضعف القاضي الاول وخوفه من ان تناله يد اعوان المالكي، فأصبح لا يتقن سوى ان يوقع على احكام صادرة من قبل المالكي ومكتبه، كما كان يحدث في عراق الطاغية صدام.

فنجح بذلك في التخلص من الكثيرين من معارضيه بحجة الارهاب السائد في عراق حزب الدعوة الاسلامية وعلامته المميزة، والتي بدأت رائحة الظلم والفضائح تفوح من مطابخ المنطقة الخضراء في بغداد، فبعد ان كشفت مصادر اوروبية محايدة براءة عضو البرلمان محمد الدايني وعفوه عن مشعان الجبوري، ومن يدري ربما غداً يحمل لنا صلحاً قريباً مع طارق الهاشمي المحكوم بالاعدام مرتين؟؟

لذلك نرى تركيا وقطر لم يهتموا بالقرارات القضائية العراقية الصادرة عن محاكم المالكي وحزبه، ولم يسلموه الى العراق رغم النداءات الكثيرة الصادرة عن ازلام المنطقة الخضراء، ولهم الحق في ذلك حيث انعدمت الثقة بكل ما تقوله حكومة الولاء الايراني، وفقدت مصداقيتها داخلياً وخارجياً، فلا نستغرب يوما ان يبرأ محمد يونس الاحمد او عزت الدوري او حتى رد الاعتبار لصدام واعتباره شهيداً! فالمالكي (النوع) هو الناطق بإسم السماء وهو من يزكي الانفس!!

ولكن النسخة السنية من ذلك المنتوج القديم والمتمثلة في اخوانجية مصر تسرعت كثيراً عندما قام ممثلهم محمد مرسي بانقلابه السريع جداً على السلطة القضائية، واعطاء صلاحيات اكبر لرئيس الجمهورية وهو لم يكمل الستة اشهر من حكم مصر. فيا مصريون هذه هي الخطوة الاولى على طريق التغول والاستبداد بحلته الجديدة والمتمثلة quot;بالانتخاباتquot;، فحذاري ان تسكتوا عليه فتصبحوا كاخوانكم العراقيين الذين بقدرة قادر تخلصوا من دكتاتور لينتخبوا آخر بأيديهم!

فكيف تكون الدكتاتوريات اذن؟