جماعة الإخوان المسلمون لا تثق في حكم وإدارة المجلس الأعلي للقوات المسلحة لمصر،وتتهمه بتعطيل برنامج النهضة الذي تعمل علي تنفيذه لإنقاذ البلاد والعباد. وهناك شبه إجماع أن مخاصمة الجماعة وحزبها لحكم المحكمة ليس لأنه قضي بإبطال عضوية ثلت أعضاء مجلس الشعب الذين تم انتخابهم بنظام الدوائر الفردية،ولكن لأن تفسيرة إمتد إلي quot; حل quot; المجلس كله.. وقال الدكتور محمد البلتاجي عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة أن تعمد تأجيل إعلان نتيجة الإنتخابات الرئاسية وما صحبه من شائعات،يُعد من قبيل الضغوط والمساومات التى يلجأ إليها المجلس الأعلي للقوات المسلحة للمقايضة علي أعلان فوز الدكتور محمد مرسي.. ولذا لا بد من التوصل إلي حل توافقي..
لماذا؟
لأنها في الأونة الأخيرة..
هددت باللجوء إلي الميدان وبتفعيل الثورة مرة أخري إذا فاز الفريق أحمد شفيق المنافس الذي نازل امام مرشحها في الجولة الثانية للإنتخابات الرئاسية،بعد ان ثبته في الحلبة حكم رفض قانون العزل السياسي..
ومن مقرها الرئيسي أعلن الدكتور محمد مرسي صباح الأثنين 18 يونية فوزه بالمنصب الرئاسي بعد ست ساعات من إنتهاء ثاني أيام اقتراع المواطنين،وقبل أن يتمكن طرف آخر من جمع النتائج وفرزها ورصد النتائج النهائية..
وهي التى قامت بطبع أول كُتيب عن النتائج التى حققها كلآ الطرفين علي مستوي أكثر من 13 الف مركز إقتراع غطت جميع نواحي الوطن،وإدعت بموجب ما جاء فيه من أرقام ومقارنات وتحليلات أن مرشحها هو الفائز..
وهي التى تٌشكك أن وراء تأجيل اللجنة العليا للإنتخابات لإعلان النتائج إلي عصر اليوم الأحد 24 يوينة،محاولات للتزوير بهدف تعديل كفة الميزان لصالح المنافس الآخر احمد شفيق..
فإذا اضفنا إلي ذلك..
إعتراضها وحزبها السياسي ndash; رغم معرفتها أنه لا جدي من وراء ذلك - علي حكم المحكمة الدستورية العليا الذي صدر يوم 14 يونية بحل البرلمان وبرفض قانون العزل السياسي وتخطيطهم للطعن ضد الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا..
لتأكد لدينا..
ان جماعة الإخوان المسلمون بهذا التكتيك تبذل قصاري جهدها لكي تبدو في صورة من يدافع عن الحق ضد الباطل ومن يعمل بكل طاقته لإنقاذ الثورة !! ويقود عملية التغيير لأجل تحقيق أهدافها التى تكاد تدفن،بعد الإنقلاب الذي قام به المجلس الأعلي ضد أولي خطوات الديموقراطية التى تتمثل من وجهة نظرهم ndash; الجماعة وحزبها - في الإنتخابات التشريعية التى منحتهم هم وبقية أطياف التيار السياسي الإسلامي الأغلبية في برلمان quot; ما بعد الثورة quot;..
علي الجانب الآخر..
هناك شبه إجماع علي أن حكم المحكمة الدستورية كان متوقعاً،لسبب ما تأسس عليه قانون إنتخابات مجلسي الشعب والشوري من عوار واضح، شاركت فيه جماعة الإخوان المسلمون وحلفائها بالإضافة إلي بعض الأحزاب الأخري..
وهناك شبه إجماع ثالث أن الحكم لم يكن ملائماً من حيث التوقيت.. فبينما كان الفصل في قانون العزل مُلزماً قبل ان تبدأ عجلة جولة إعادة الإنتخابات الرئاسية في الدوران.. كان الحسي السياسي لدي قضاة المحكمة الدستورية العليا مطلوباً،لكي يُدرك قضاتها أن ردود الفعل فيما يتعلق بقانون إنتخابات مجلس الشعب ستكون ضاغطة علي أهداف وطموحات quot; القوية الأكثر تأثيرا في الشارع quot; مما سيمنحها الفرصة لكي تعمل علي تعميق حالة الإستقطاب الحاد التى أصبحت سمة المجتمع والشارع المصري منذ بضعة أشهر..
إذا جمعنا هذه المتناقضات معا،سنجد أن الحقائق علي أرض الواقع تؤكد..
أن إدعاءات الفوز التي تسعي جماعة الإخوان المسلمون وحزبها السياسي لفرضها بالقوة،لا تمثل إنتصاراً جوهرياً لأن الفارق ضئيل إلي حد كبير بين منافسهم والمنافس الآخر..
نقول إدعاءات الفوز لأن الجماعة وحزبها فشلوا في تحقيق إجماع وطني يُزكيهم ويصعد بهم إلي مصاف القيادة الشعبية،وليس هناك أوقع من التأييد الجماهيري المتناقص الذي لحق بهم ما بين يوم 19 مارس 2011 ( الإستفتاء علي التعديلات الدستورية ) حين حظيت شعبيتهم بثقة حوالي 70 % من التأييد والمساندة،وبين يومي 16 و 17 يونية حيث فاز مرشحهم بما لا يزيد عن 25 % من أصوات الناخبين..
نقول إدعاءات لأن التصويت لمرشح الجماعة وحزبها السياسي شابه مخالفات بعضها عادي وبعضها خطير،ونعني بذلك مظنة التزوير والرشاوي،التي لو ثبتت إدانتهم بها.. لبقي ذلك وصمة عار في سجل تعاملهم الديموقراطي مع الصندوق لفترة زمينة ليست بالقصيرة،ولسان حالنا يقول.. ليتهم تركوا لعبة التزوير والرشاوي لمنافسهم ليحمل وزرها بمفرده..
أيضا نقول أن إختلاف كبار رجالات القانون والفقهاء الدستوريون حول الإعلان الدستوري المكمل الذي إعلنه المجلس الأعلي للقوات المسلحة،وما أشاروا اليه من ظلال شك حيال تجريده ndash; اي الإعلان الدستوري ndash; للرئيس من غالبية سلطاته التنفيذية السيادية لصالح المجلس ومجلس الدفاع الوطني.. وما يعنيه ذلك من تحوله ndash; أي الرئيس القادم - إلي quot; ظل رئيس أو نصف رئيس quot; يبرهن علي أن المجلس الأعلي لم يَكن حسن النية حين أقدم علي هذه الخطوة..
هل هناك صفقة تدبر في خفاء ؟؟..
نعم.. كل الدلائل تشير إلي ذلك..
خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون قال ndash; هذا الأسبوع - في حوار له مع مجلة quot; لوفيجارو quot; الفرنسية أن الوضع السياسي في مصر بات علي المحك،وأكد أنه لو استمرت الأحوال علي ما هي عليه ستسقط البلاد في حالة إرتباك مصحوبة بأعمال عنف ربما تشمل موجة عارمة من quot; عدم الإستقرار علي مستوي منطقة الشرق الأوسط quot;.. لذا لابد من أن يكون هناك حل توافقي !!..
في خضم هذه الأزمة الطاحنة..
حذر المجلس الأعلي للقوات المسلحة ndash; في بيان أذاعة الجمعة 22 يونية - من محاولات الإضرار بالمصالح العامة و الخاصة وقال إنه سيتم مواجهة من يحاولون القيام بهذا الضرر quot; بمنتهي القوة والحزم quot; بمعرفة أجهزة الشرطة والقوات المسلحة في quot; إطار القانون quot;..
بالإضافة إلي هذا التحذير.. تعمد المجلس أن يؤكد علي أن إصدار الإعلان الدستوري المكمل كان quot; ضرورة فرضتها متطلبات إدارة شئون البلاد خلال الفترة الحرجة من تاريخ أمتنا quot; مشدداً أن ما صدر quot; يحكمه إدراكنا لمصلحة الوطن العليا دون أي مصلحة أخرى quot;..
وهكذا وقع الشعب بغالبيته التي هي أبعد ما تكون عن الطرفين المتحكمين بمصيرها،في مصيدة التجاذب بين جماعة الإخوان المسلمون من ناحية والمجلس الأعلي للقوات المسلحة من ناحية أخرى..
الأولي.. ترفض حل البرلمان وتُصر علي دستورية قانون العزل،وتهدد بالويل والثبور إذ لم يَفز مرشحها بمنصب رئيس الجمهورية وفق النتائج quot; المعبرة عن الإرادة الشعبية quot; التى quot; نعرفها جميعاً quot; علي حد قول الدكتور محمد مرسي أثناء لقائه ndash; 22 يونية ndash; مع عدد من الإئتلافات الثورية والقوي السياسية والشخصيات العامة..
وفي نفس الوقت تلح الجماعة واقطابها عبر التظاهرات الشعبية المليونية مطالبة بإلغاء حكم المحكمة الدستورية العليا وكافة القرارات التى أتخذت تنفيذاً له وإستكمالا لتداعياته..
أما الثانية.. فتصر علي دستورية الحكم الشهير وعلي أحقيتها ndash; أي المجلس الأعلي ndash; في إصدار القوانين والقرارات التي تنظم شئون الدولة،بعد أن آل إليها حق التشريع بعد حل البرلمان.. وتتمسك بإنفاذ الإعلان الدستوري المكمل الذي ينظم تسليم السلطة للرئيس المنتخب برغم أن صلاحياته quot; قاصرة عن حدود المنصب quot; ويعطيها الحق في متابعة تشكيل وأداء اللجنة التأسيسية،حتى يُستفتي الشعب في الدستور الذي ستقوم بصياغته..
هذا التنابذ بكل ما فيه من عض علي الأصابع وضرب تحت الحزام..
لم يمنع الطرفان من التلاقي،ثلاث مرات علي الأقل حتى الآن..
المرة الأولي كانت بعد ساعات معدودة من صدور قرار حل مجلس الشعب،حيث التقي الدكتور سعد الكتاتني واللواء سامي عنان نائب رئيس المجلس الأعلي ليتعرف الأول من الثاني علي فحوي الخطوات التالية لحكم المحكمة الدستورية العليا..
والمرة الثانية عندما اجتمع الدكتور سعد الكتاتني أيضاً مع عدد من أعضاء المجلس الأعلي لمناقشة الأوضاع المترتبة علي قرار وقف أعمال البرلمان ومنع الدخول إليه..
وكانت الثالثة عندما إلتقي محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمون والمهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان السابق وعدد من رموز القوي السياسية، مع أعضاء في المجلس الأعلي للقوات المسلحة،بهدف التوصل إلي حل لتهدئة التوتر المتصاعد في الشارع المصري بغرض لوقف حدة الإحتقان قبل أن تصل إلي ذروة الانفجار..
لا أحد يعرف علي وجه اليقين ما تمخضت عنه هذه اللقاءات،لكن الثابت لدينا أنها مرفوضة من جانب غالبية القوي السياسية والثورية والشعبية التى تناضل ضد الدولة الدينية والدولة البوليسية.. تلك القوي التى تسعي بكل طاقتها لتأسيس جبهة وطنية لحماية الوطن المصري من إستبداد أي منهما،لأيمانها العميق برفض العقل الجمعي للأمة لكافة المعوقات التى تحول دون إقامة الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة..
bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات