تحدثت أنباء صحفية عن نية العلامة القرضاوي القدوم إلى العراق من أجل رفع معنويات المتظاهرين في المحافظات الغربية والشمالية في العراق. وسيكون قدوم القرضاوي عبر البوابة الشمالية للعراق وذلك بالدخول من مطار أربيل الدولي بالإتفاق مع السيد مسعود البرزاني الذي سيهيئ له إحتفالا ً يليق به بعد أن بعث له مستشار الأقليم لشؤون الإعلام كفاح السنجاري لنقاش الوضع الراهن في العراق بصورة عامة ووضع السنة عربا ً وأكرادا ً بصورة خاصة حسب الموقع الرسمي للعلامة القرضاوي. وحسب صحيفة العالم العراقية, رصدت قناة الجزيرة 60 ألف دولار لنقل خطبة القرضاوي من الأنبار في ثلاث ساعات. هل سيأتي القرضاوي إلى العراق, ولماذا يأتي, وماذا يستطيع أن يفعل إن أتى, وماهي مكاسب الأكراد في ذلك؟ أسئلة يطرحها المرء على نفسه عند سماع هكذا خبر, وفي هذا الوقت بالذات.هل سيأتي القرضاوي إلى العراق؟ نعم سيأتي أن سنحت أقرب فرصة لذلك , وربما في القريب العاجل كما أعتقد وذلك بعد تصاعد حدة المظاهرات والصدام مع الجيش العراقي ومقتل عدد من المتظاهرين. أن هذه الأجواء المشحونة هي البيئة الصالحة لكل المتطرفين, أولئك الذين يتصيدون في الماء العكر. كلنا يعرف بأن هناك أصوت متطرفة يعلوا صوتها بين الحين والآخر في هذه المظاهرات, وأن هذه الأصوات على قلتها فهي التي تأخذ بزمام المبادرة على مايبدو, بالخصوص عندما يبدو التعامل بشكل غير جدي من قبل الحكومة بما يخص مطالب المتظاهرين يرافقه إرتكاب الأخطاء التكتيكية القاتلة. علينا قولها بصراحة تامة, أن تلك الأصوات المتطرفة لها مشروع أقليمي خطير, والخشية كل الخشية أن يركب تلك الموجة رجل مثل العلامة القرضاوي لما له من مواقف سلبية في التعامل مع القضية العراقية. فالرجل معروف بمواقفه التي تدعو إلى شحذ الهوية الدينية الإسلامية, السنية منها بالخصوص, على حساب الهوية الوطنية في كل البلدان التي دعا فيها إلى الثورة أو الجهاد.
لماذا يأتي القرضاوي؟ هذا السؤال سهل الأجابة عليه, فكلنا يعرف بمواقف الرجل في سوريا ومصر وليبيا وتونس, فهو يدعو لترسيخ الهوية الإسلامية بإطارها الإقليمي مقابل الهويات الوطنية, أو حتى قبال الهويات العرقية والإثنية منها. فالرجل رسالته واضحة وضوح الشمس, فأينما حل حل معه الهيجان الشعبي ضد الحكومات في المنطقة, ليس من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة وماشابه ذلك, فتلك القيم لاتنسجم مع الرؤية الإسلامية المحافظة, بل من أجل تكوين تكتل إسلامي سياسي يقود المنطقة بأجمعها, وذلك بدعم من قبل دول خليجية كقطر, وأقليمية كتركيا.
ماذا يستطيع أن يفعل القرضاوي إن أتى إلى العراق؟ أنا أعتقد بانه سيقوي شوكة التيار الإسلامي المتطرف في العراق والذي يدعو إلى الصراع الطائفي, أي العودة بالعراق لما قبل 2003 وذلك لأعادة التوازن الطائفي الذي أختل لصالح طرف معين. نعم, سيعلو صوت المطالب الأقليمية والتوحد مع الخطاب الأخواني في المنطقة بحضور القرضاوي, ولكن, الخوف كل الخوف من التفكير بمشروع إستنساخ التجربة السورية وذلك بزرع نواة للجيش العراقي الحر على غرار الجيش السوري الحر.
سؤالي الأخير هو عما سيكسبه الأكراد بقيادة السيد مسعود البرزاني من هذه الصفقة. نعم, سيكسب تعاطف العرب مع القضية الكردية, وربما نسي السيد البرزاني مافعله العرب من تجاهلهم للقضية الكردية بل حتى قمع كل حركة كردية تطالب بحقوق الكرد, ولكن, وكما أعتقد, يريد السسيد البرزاني كسب مشاعر العروبة الممزوجة بالنكهة الإسلامية وليس النكهة القومية على طراز عبد الناصر وصدام حسين. فربما سيتفهم المسلمون العرب القضية الكردية من منطلق إسلامي هذه المرة, إذ يتجاهل الإسلام بمادئه عنصر القومية. ولكن, سأذكر السيد البرزاني بقومية تركيا وإيران الممزوجة بالنكهة الإسلامية والتي تقمع الكرد كل يوم بضطهادهم وسلبهم حقوقهم المشروعة. هذا من جهة, أما من جهة أخرى فسيكسب السيد البرزاني ود العرب في صراعه مع السيد المالكي كورقة ضغط على الحكومة في بغداد من أجل حسم الخلافات السياسية الراهنة لصالح الكرد بصورة عامة, ولصالح البرزاني بصورة خاصة, فكلنا يعلم أن هناك خطابين كرديين للتعامل مع حكومة المركز, واحد للبرزاني والآخر للطلباني.
أخيرا ً, لكل المتظاهرين في محافظات العراق, مطالبكم في جلها مشروعة, لكن عليكم تطهير صفوفكم من المتطرفين الذين يصعدون حدة الخطابات من أجل الحصول على مكاسب طائفية ذات أبعاد أقليمية. أن الطريقة المثلى للحصول على تلك المطالب هو التفاهم والحوار, فهناك الكثير من العقلاء من كلا الجانبين والذي يمكن لهم أن يحلوا مشكلة ذات أبعاد قانونية أو سياسية. أما القرضاوي, فالرجل معروف بخطابه المتشدد وكل ماسيقوم به هو تعقيد المشاكل بعد أن يشحن المتظاهرين عاطفيا ً من أجل الدفع بقضية المتظاهرين بإتجاه الخطاب الأقليمي الذي ينسجم مع صعود الإسلام السياسي في كل مناطق الشرق الأوسط.
- آخر تحديث :
التعليقات