استنادا إلى نتائج مؤتمر وستفاليا للسلام عام 1648 بين الدول والكيانات والإمارات الأوروبية المتنازعة، تم الاتفاق على أن هناك ثلاثة شروط لقيام الدولة ذات السيادة وهي: وجود شعب بشكل دائم ومستمر، في رقعة جغرافية محددة ، وحكومة تمارس سيادة على الأرض والشعب. وقد أضيف شرط رابع عام 1933 في معاهدة مونتفيديو بالأوروغواي وهو إعتراف دولي بتلك الدولة بحيث تستطيع الدخول في معاهدات واتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف مع أية دولة تختار. لاتزال هذه الشروط معمول بها حتى يومنا هذا وستبقى إلى حين، بناء عليه نجد أن هنالك خلطا واضحا، بين الاعتراف بالدولة، وبين شرعية ومشروعية من يحكمها، وهذه تتطلب البحث في مستوى آخر يتعلق بالتزام تلك الدول بشرعة حقوق الانسان والمواثيق الدولية الملحقة من عهود مدنية وخلافه..إن القانون الدولي المعمول به حتى اللحظة، لايقيم وزنا في الاعتراف بالدول من خلال التزامها بحقوق الانسان. الدولة كيان عابر للاشخاص والمنظمات وغيرها من كيانات جزئية، تتطور وتتغير بتغير حياة مجتمعات هذه الدول، لكن الجغرافيا السياسية تبقى، ولا يحدث عليها أي تغيير، في حال موت الاشخاص او انتهاء العمل بتلك الكيانات الجزئية. والمثال الانصع في هذا الاطار هو ما حدث من تغييرات في دول المعسكر الشرقي. ربما تعتبر نقيصة القانون الدولي عندما يتم البحث في دول ذات طبيعة اشكالية، كفلسطين وإسرائيل مثلا. هذا ليس مجال بحثنا الآن، الثورات في العالم لا تصبح كيانات معترف فيها وفقا لهذا القانون الدولي، إلا تبعا لموقف المجتمع الدولي وتناقضاته الكلية والجزئية. حيث تصبح شرعة حقوق الانسان ومشروعية الحكومات خاضعة لمصالح ضيقة مهما اتسعت وغير انسانية في اوضاع كثيرة، والثورة السورية تعاني من هذا الامر، ويدفع شعبنا من دماءه وثرواته ثمنا لهذا. العصابة الأسدية منذ توليها الحكم بالقوة في سورية وهي لا تحقق الحد الادنى من معايير الشرعة الدولية لحقوق الانسان، ومع ذلك ورغم الثورة السورية، لايزال المجتمع الدولي يربط سورية بالعصابة الأسدية، وليس بالجغرافيا السياسية كما قلنا. والعصابة الأسدية وفقا لهذا المعطى هي من تحظى بهذا الاعتراف الدولي كممثلة لهذه الدولة السورية المسجلة اصولا في الامم المتحدة منذ عام 1945 وللعلم فقط سورية منذ ذلك التاريخ كانت سابع دولة تعطي المرأة حق التصويت والانتخاب والترشيح..باعتبار ان جماعة العلمانوية باتوا يربطون العلمانية بالعصابة الأسدية والتي بينت في النهاية بأنها ليست سوى مافيا طائفية لا أكثر ولا أقل. من يجعل الوضع كذلك هو الدول الفاعلة في المجتمع الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية لاسباب سياسية مصلحية عابرة قابلة للتغيير..لهذا حتى اللحظة لم تعمل تلك الدول على الاعتراف القانوني بالمعارضة السورية ومؤسساتها..ليس لأنها لا تستطيع او لأنها تخالف القانون الدولي بل لأن مصالحها الضيقة إسرائيليا ونفطيا وشرق اوسطيا تقتضي ذلك..لهذا قلنا أن اي كيان سياسي يحاول ان ينتج نفسه ككيان دستوري أو قانوني فوق الثورة يجب ان يحوز على اعتراف قانوني من المجتمع الدولي، فهل لدى المعارضة السورية مثل هذا المعطى؟ المجتمع الدولي بتناقضاته هذه هو من يحمي العصابة الأسدية من المساءلة عن جرائمها بحق شعبنا والمستمرة حتى اللحظة..فكيف ستعالج المعارضة هذه المعضلة؟ عليها ان تلتزم بروحية الثورة ومؤسساتها وما تريده بوصفها ثورة ومعارضة حتى يتم اسقاط البرقع الميافيوزي الأسدي عن المجتمع الدولي، وعدم الانجرار للعبة لا تفترضها الحاجة السورية الثائرة بل تفترضها اللعبة الدولية التي هي اصلا غطاء لمجرم. سورية تحتاج الآن تمثيل الثورة تبعا لما يجري على الارض من تحرير لها من هذه الطغمة.سواء اعترف هذا المجتمع الدولي ام لم لا والبقاء في حضن الثورة.
- آخر تحديث :
التعليقات