من المقرر أن يعقد في العاصمة الفرنسية باريس مؤتمر يجمع قادة السنّة العراقيين للخروج بجبهة موحّدة للدفاع عن حقوقهم بحسب مصادر عراقية التي تجري حاليا التحضير لمؤتمر واسع للقوى والكتل السياسية والشخصيات الدينية السنيّة الفاعلة في الشارع العراقي وشخصيات فاعلة سياسية ودينية وعشائرية بهدف توحيد المواقف وجمع شتاتهم وتشكيل جبهة موحّدة ضد الإرهاب المتمّثل بتنظيم (داعش) والفصائل المسلحة المنتشرة غير المنضبطة، وضد التدخل دور الجوار بكل إشكاله ومصادره على الساحة السياسية العراقية. كما أن اختيار باريس مهم وله دلالاته، ففرنسا هي الدولة التي لم تشارك باحتلال العراق ودعمت جميع مكوّنات العراق والعملية السياسية والاستقرار.

منذ أكثر من سنتين جمعتني جلسة مع الشيخ خميس الخنجر وكان يشاركني الحضور شخصيات من مختلف شرائح المجتمع العراقي، سياسيين وإعلاميين وصحفيين وشعراء، جمعنا الخنجر في وحدة حوار وطني، وان اختلفنا في بعض الجزئيات لكن في النهاية نلتقي من اجل إنقاذ العراق من إمراضه الحديثة التي شوهت الأفكار النبيلة وحولتها إلى مشاريع شريرة قطعت أوصال وحدته، بدوافع معروفة للقاصي والداني، كنت أصغي إلى كثير من أطروحات الشيخ خميس، وكنت وقتها كتبت مقالا ( منشور في موقع إيلاف ) توقعت فيه أن يكون هذا الرجل الحلقة الأهم في تجسيد وحدة العراق، كونه مارس السياسة من خلال القائمة العراقية آنذاك، وأكثر من ذلك شخصية سياسية مهمة تستطيع أن تجنب العراق هذا الطوفان الطائفي الذي نهش في الجسد وتركه عليلا لليوم.

نعم كنت متأكدا من ذلك، لكن الكثير من السياسيين والإعلاميين العراقيين يوجهون إليه اتهامات ما انزل الله بها من سلطان، نعم انه يدافع عن أبناء مدنه التي تقطعت أوصالها، ويدافع عن مكونه السني ويدعمه، وهذا حق من حقوقه الوطنية والشخصية، كما تفعل شخصيات أخرى من المكونات العرقيات المختلفة، ولتأكيد انتماءه العراقي فانه دخل العملية السياسية من خلال قائمته الانتخابية ( كرامة )، وان لم يحصل على مقاعد برلمانية كما كان يطمح فان سلوكه هذا ينم على وطنيته ومشاركته في تحقيق الديمقراطية.

اليوم يقود الخنجر الدعوة إلى مؤتمر باريس كونه الأمين العام للمشروع العربي، مضفيا الشرعية الدولية عليه بعد لقاءه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيد يان كوبيش، والذي تناول العديد من القضايا العراقية وفي مقدمتها معاناة النازحين السنة العرب وضرورة عودتهم إلى مناطقهم وتهيئة الوسائل والسبل الكفيلة لتوفير الأمن والخدمات لهم,مبلغا الممثل الاممي خلال الاجتماع بأنه يضع جميع مؤسساته التنموية والتعليمية والإنسانية في خدمة النازحين والمهجرين السنة العرب مبديا استعداده للتعاون مع الأمم المتحدة والهيئات الدولية بهذا الصدد لإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية التي نزحوا أو هجروا منها، وعليه ومن حيث المبدأ أن هذا اللقاء أو التجمع في إطراف العاصمة الفرنسية باريس مكانا مناسبا له، سيجمع كل القوى الوطنية المهتمة بقضايا العراق، واعتقد أن منظموه وان أعلنوا صراحة بأنه سيكون لأبرز الشخصيات السنيّة الفاعلة في العراق في الوقت الحالي، فهو من المقرر أن يجمع أيضا شخصيات ورموزاً سياسية واجتماعية

ودينية من مختلف الطوائف بما فيهم قادة في الجيش السابق، وممثلي فصائل في المحافظات السنيّة، حيث ستشهد جلساته ومقرراته إطلاق قيادة سنية جديدة، لتلعب دورا ايجابيا في المشاركة الديمقراطية تضم كل أطراف هذا المكّون، مستبعدا في ذلك الشخصيات التي لها إشكاليات مع الحكومة، وهي ليست موجهة ضد أحد، حيث سيكون اللقاء سيكون فاعلاً ومهماً لجميع قادة السنّة ومعارضي العملية السياسية ( غير المسلحة ) والمشاركين فيها، وقادة الفصائل وشيوخ العشائر ورجال الدين في المحافظات، بعد استجابة لرغبة عدد من المدعوين إليه خصوصا وان المشاركين فيه وعددهم المتوقع بحدود مئة وخمسين مشاركا سيأتون من داخل العراق وخارجه واغلبهم من النخب السياسية والأكاديمية والعسكرية والعشائرية والدينية والشبابية سيبحثون على مدى ثلاثة أيام جميع الخيارات، وإيجاد أفضل الحلول والمعالجات لكل الطوائف التي تؤمن لهم العدل والحرية والعيش الآمن بعيدا عن التهميش والاضطهاد والإقصاء.

الهدف منه كما يتضح من التسريبات التي وصلت لبعض وسائل الإعلام أو عبر بعض الشخصيات التي ألتقنيتها أن المسعى الجدي والمركزي وربما الاستراتيجي أولا،هو لتوحيد هذا المكون وخطاب قيادته للمساهمة بتحقيق الاستقرار وبناء وطنهم، عبر خطاب وطني تشترك به كل الأطياف، وهذه الفكرة والنية تبدو فيها من الجدية لتحقيق عراق خال من العنف والطائفية، لاسيما بان هناك شخصيات مهمة وممثلين عن رئاسة الوزراء سيمثلون رأي الحكومة بكل ما يجري، كذلك شخصيات وطنية عشائرية وكردية تم الاتصال بها وأعلنت عن مشاركتها في جلسات هذا المؤتمر الذي اعتبره الفرصة القادرة على قلب موازين المعركة ضد الإرهاب ( داعش ).

أن تجنب الصراع عبر الحوار والمكاشفة والمصارحة هي الأنجع والأفضل، باعتبار أن طاولة الحوار وسيلة حضارية وإنسانية سوف تفضي إلى حلول مناسبة للازمة التي تضرب العراق منذ احتلاله من قبل القوات الأمريكية، كما أن تهميش أي مكون من المشاركة في القرار السياسي والسيادي ليس من مصلحة العراق الذي عاش على مدى تاريخه موحدا وعابرا لكل الصراعات الطائفية والعرقية، إن تعزيز الهُوية الوطنية، وظهورها بوصفها مظلة لجميع أطياف الشعب على اختلاف أديانه ومذاهبه وأعراقه، وبعيدا عن تدخل دول الجوار هو الحل الأنجع لوأد مثل هذه التوجهات. كما أن القضاء على الطائفية، وتفكيك وتفويت الفرصة لتأجيجها يعتبر حائط صدّ لانكفاء المجتمع على نفسه في سبيل خلق النسيج الاجتماعي الموحد له، والانفتاح بعدها على المجتمع لتحقيق التكامل ليعود بالنفع للمجتمع بجميع فسيفسائه.ولن يتحقق هذا الأمر سوى بتكاتف النسيج المجتمعي وخلق المواءمة بينه وبين سلطته الحاكمة وفق الاحترام وتغليب المصالح الوطنية